
ما أن يحل عيد الفطر من كل عام حتى تبدأ نساء أهالي حي مدينة سلطان بأبها اللاتي يؤدين صلاة القيام، ويتبادلن ويتجاذبن بعد الصلاة أطراف الحديث وبحث استعدادات سفرة العيد وتوزيع المهام بينهن، ومن ثم الدفع بما تجود به تلك الأنامل إلى أهل المسجد من أزواج وأبناء وأقارب ووافدين.
ونظراً لتعدد القبائل في الحي الواحد، والذين بعضهم من مناطق أخرى غير عسير، فإن روح التنافس تدبّ بين العائلات التي تحاول كسب المنافسة والرهان، من خلال الإقبال على ما يقمن بإعداده من قبلهن.
وفي الوقت الذي عادة ما تجتمع فيه جميع الأطباق الشهية على سفرة واحدة، والتي تحكي عادات وتراث ومأكولات كل منطقة، بل إنها تختلف من مكان إلى آخر في المنطقة الواحدة، حضر الثريد والعريكة والتصابيع والعصيدة والجريش، وغاب المغش والمرسة، وحظيت وجبة الثريد التي تمتاز بإعدادها نساء المنطقة، والتي تتكون من الدخن والحليب والسمن البلدي بإقبال كبير من الحضور، حيث تعدّ الوجبة السائدة التي لا تخلو منها أي مناسبة.
وشوهد الجميع من آباء وأبناء وهم يتقاسمون العمل ويقومون على توزيع تلك الوجبات في أوعية خاصة ليتنقل الأهالي بينها؛ لتذوقها وللجبر بخاطر من قام بإحضارها.
وحظيت سفرة أهالي حي مدينة سلطان التي عادة ما تقام في مسجد الحي، بحضور عدد من الجيران من جنسيات مختلفة، والذين قوبلوا بالترحيب والتقدير من أبناء الحي عادة سنوية اعتادوها مع عيد فطر كل عام؛ لكونها عادة تحمل في ثناياها عدد من الخصال الحميدة ذات الأثر الإيجابي، حيث تهدف إلى الألفة والمحبة والإيثار والتعارف ونبذ الحقد والضغينة.
وفي الوقت الذي يبدأون فيه بالمصافحة وتبادل التهاني بالعيد يختتمون لقاءهم ببخور ودهن العود، على أمل أن يلتقوا في العام القادم.
وما أن ينتهي الرجال من تناول تلك الأطمعة ويغادرون المكان، حتى تتوافد النساء لتناول تلك الوجبات، وتقييم نتائج كل مشاركة من خلال مدى الإقبال عليها من قبل الحضور.