

موقف إنساني نبيل، ذلك الذي سطره منسوب سجون بلقرن العريف عايض القرني؛ عندما شمّر عن ساعده الأيمن بالقرب من غرفة العمليات بمستشفى بيشة العام، متبرعاً بدمه لسجينه الذي يتولى حراسته بعد أن طالب المستشفى بضرورة توفير كمية من الدم لإجراء عملية عاجلة للسجين الذي يعاني المرض.
هذا السيناريو الإنساني بدأت أحداثه عندما اضطرت سجون بلقرن لتحويل السجين المريض الذي يقضي محكوميته بين القضبان إلى مستشفى بيشة - ١٠٠ كلم - وأرسلوه برفقة فريق من الحرّاس يتقدمهم الشاب القرني ذو الـ ٣٣ ربيعاً، وانطلقت السيارة الطبية صوب المستشفى وعندما وصلوا إلى وجهتهم تجمّع الأطباء على المريض وأعلنوا أنه بحاجة إلى عملية عاجلة، ولا بد من توفير دماء تتناسب مع فصيلته (o+)، وبعد اتصالات تمّ إجراؤها ببعض أقرباء السجين الذي يعاني المرض ويصارع للبقاء على قيد الحياة، كانت النتيجة أن لا أحد يستجيب للنداء ويمنح دمه لإنقاذ السجين.
يقول "القرني": "منذ أن رأيت الأطباء يجرون اتصالاتهم التي تجابه بالرفض، عرضت عليهم أن أتبرع للسجين بما يريدون من دم، كانت دهشتهم واضحة، ولم أستغرب ذلك، فالروايات العالمية رسمت صورة سوداوية عن السجّان في علاقته مع سجينه، ولكن هذا بالتأكيد لا ينطبق على كل مَن يحمل في داخله إنسانية المواطن السعودي".
ويواصل: "هبطت درجات السلم سريعاً واتجهت إلى مختبر الدم وعندما أبلغتهم بالأمر رحبوا كثيراً، والدهشة في وجوههم أيضاً، وشكروني على الخطوة وأبلغتهم أن ما فعلته أمرٌ طبيعي يستطيع فعله أيُّ مواطن سعودي تشرّب صفات البذل والعطاء".
فعندما غرست الممرضة الفلبينية حقنتها الرفيعة في يد السجّان اليُمنى بحثاً عن شريان يضخ الدم للسجين الذي يصارع الموت في الأعلى، كان "القرني" مستغرقاً في التفكير في بناته الثلاث اللاتي ينتظرن عودته إلى المنزل، ولم يتوقع أن صورته التي التقطها أحد المُعجبين بموقفه، ستنتشر بسرعة فائقة في وسائل التواصل الاجتماعي.
واختتم "القرني"؛ قائلاً: "كنت منهمكاً في التفكير، ولم أنتبه لمَن التقط صورتي خلال التبرع، فهدفي كان عملاً خالصاَ لوجه الله حتى أنجح في إنقاذ السجين الذي ينتظر مَن يرأف بحالته الصحية المتعبة، أسأل الله أن يشفيه".