على الأقدام والدراجات الهوائية والنارية.. قصص "حجاج" تكبدوا المشقة لزيارة بيت الله الحرام

على الأقدام والدراجات الهوائية والنارية.. قصص "حجاج" تكبدوا المشقة لزيارة بيت الله الحرام
تم النشر في

الحج "مشقة".. تكتمل أركانه بمناسك متواصلة وبصعوبة، تبدأ من يوم عرفة، فيزيد الثواب مع زيادة المشقة وصبر الحاج عليها طمعًا في القبول من عند الله، ولهذا يكون تكبّد المشقة أحد الأمور التي لا يلتفت إليها الحاج في سبيل أن يمحو الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وبالتالي فلا عجب أن تشاهد قصصاً لحجاج آثروا تبكّد مشقة الطريق بهدف أن يرجع كيوم ولدته أمه.

من بريطانيا إلى مكّة

وقبل أيام، اهتمت وسائل الإعلام العالمية بإبراز قصة العراقي آدم محمد، الذي وصل إلى مكة المكرمة سيرًا على الأقدام، عقب انطلاقه من بريطانيا يوم 1 أغسطس الماضي، بعدما كان قد وضع لنفسه هدفًا بأن يصل إلى الأراضي المقدسة في يوليو.

وقال آدم الذي يسكن بريطانيا منذ نحو 25 عامًا، عن اتخاذه قرار الذهاب سيراً على الأقدام إلى مكة المكرمة، إنه "بعد فرض حظر التجول بسبب جائحة كورونا، شغلت نفسي بقراءة القرآن وفهمه، وبعد سنة ونصف من الدراسة العميقة في القرآن استيقظت في يوم ما من النوم ووجدت في صدري شيئًا في داخلي يقول لي اذهب سيراً على الأقدام إلى مكة".

ولفت الحاج العراقي إلى أن استعداده للرحلة استغرق شهرين فقط، ولم يتعرض لمضايقات سوى توقيف الشرطة له في عدة دول للاستفسار بعد استغرابهم من وضعه، مشيرًا بأن كثيرًا من الناس ساعدوه في طريق رحلته لكنه لم يطلب المساعدة من أحد، ويؤكد أن ما يقوم به هو لوجه الله، وليس من أجل تسجيل الأرقام القياسية.

رحلة امتدت لسنوات

وبنفس الطريقة، اختار الخمسيني المغربي محمد الحمدوني (50 عامًا)، التوجّه إلى الحج سيرًا على الأقدام، حيث انطلقت رحلته في أكتوبر2021، ولا تزال مستمرة، فقال: "فكرة هذه الرحلة كانت تساورني منذ الطفولة، فكان أملي دومًا أن أهاجر من أجل ربي، وأن أقوم بشيء أترك صداه خلفي حين أموت".

وسار "الحمدوني" في رحلة طويلة داخل المغرب امتدت من "شفشاون" إلى "الكركرات" في الصحراء، جنوبي البلاد، على طول مسافة تجاوزت ألفي كيلومتر، وخلال رحلته الحالية نحو الحج سيرًا على الأقدام، عبر كل من موريتانيا ومالي وبوركينافاسو وتوغو وبنين والنيجر، كما استأنف الرحلة عبر الطائرة لاستحالة الدخول إلى تشاد ومصر لـ”أسباب أمنية”.

8460 كلم على الأقدام

أمّا الشاب الهندي شهاب، فقد انطلق قبل شهور من أقصى جنوب الهند سيرًا على الأقدام في رحلة إلى الأراضي المقدسة لأداء فريضة الحج عام 2023، حيث من المنتظر أن يمر بباكستان وإيران ثم إلى العراق ثم الكويت، وأخيرًا إلى السعودية، ويستهدف "شهاب" الوصول إلى مكة المكرمة قبل فترة الحج في العام المقبل.

وأوضح الشاب الهندي أن استعداده للرحلة استغرق قرابة ستة أشهر، حيث قضى بالعاصمة الهندية نيودلهي مترددًا على سفارات البلاد التي يمر بها من أجل الإجراءات، لافتًا إلى أنه قرر الذهاب سيرًا على الأقدام إلى مكة المكرمة منذ نعومة أظفاره "بفضل الله ثم دعوة والدتي، حقق الله أمنيتي، وأنهيت كافة الإجراءات، لأبدأ الرحلة من كيرلا في 2 يونيو 2022م سيرًا على قدميّ نحو مكة المكرمة"، حسبما صرّح.

ويقول إنه يريد أن يستمر في رحلته بدون انقطاع حتى يصل سالمًا إلى مكة المكرمة، ولن يتوقف في مكان باستثناء الأوقات التي يأخذ فيها قسطًا من الراحة، حيث من المقرر أنه سيسير على قدميه نحو 8460 كلم.

10 أيام من المشقة

وفي تجربة مشابهة حدثت قبل سنوات، خاض الرحّالة السعودي عثمان الشاهين رحله استمرت لأكثر من 10 أيام، قطع خلالها نحو 450 كلم سيرًا على الأقدام ليصل إلى مكة المكرمة قادمًا من بيشة جنوبي المملكة، من أجل أداء فريضة الحج.

وأوضح "الشاهين" وهو قائد فريق "مشاة بيشة"، أن رحلته تهدف لنشر ثقافة المشي وأثرها الإيجابي على الصحة، كما نوّه بالدعم الذي وفرته له الدولة والتعاون الذي وجده أثناء رحلته.

عام كامل من المشي للحج

وفي عام 2017، تمكن شاب إندونيسي يدعى "محمد خميم سيتياوان" من الوصول إلى مكة المكرمة لأداء مناسك الحج بعد أن قطع تسعة آلاف كيلومتر سيراً على الأقدام طيلة عام كامل، وحينها أوضح الشاب البالغ من العمر 28 عامًا، أنه انطلق من مقاطعة "جاوا" الوسطى في إندونيسيا حتى وصل إلى مدينة مكة المكرمة لأداء الحج في رحلة مليئة بالمخاطر وغنية بالروحانيات.

ولهذه المغامرة الروحية، جلب "محمد" معه حقيبة ظهر، ونسخة من القرآن الكريم، وقميصين، واثنين من السراويل والأحذية، واثني عشر زوجًا من الجوارب، وملابس داخلية، وكيسًا للنوم، وخيمة، وبطارية محمولة للهواتف الذكية، وعلمًا إندونيسيًّا صغيرًا، وجهاز تحديد المسافات والطرق والخرائط، ونحو 3 ملايين روبية إندونيسية.

يومان على دراجة نارية

وفي واقعة غريبة، قام الزوجان المصريان عمر أبو داود، وأسماء الجنزوري، بالذهاب من مدينة طنطا المصرية إلى مكة لتأدية مناسك العمرة بالدراجة النارية، في رحلة تابعة للاتحاد المصري للدراجات النارية.

وأوضح "عمر" أن الأمر بدأ معه منذ الصغر، فدائمًا ما كان ركوب الدراجات النارية هوايته، ما دفعه إلى اتخاذ القرار وخوض التجربة بنفسه، بعد الاطلاع على العديد من الفيديوهات، فيما أشارت "أسماء" بأن الرحلة بدايةً من كورنيش طنطا إلى الفندق في "ينبع" استغرقت حوالي 48 ساعة تقريبًا. وتابع الزوج: 48 ساعة سايقين 1200 كيلومتر.

وأوضح أن فترات الراحة أثناء الرحلة كانت تتراوح ما بين (30:40) دقيقة، نظرًا لارتباطهم بموعد العبارة (من الغردقة إلى ميناء ضباء)، ووجودهما قبل الموعد المحدد، لإتمام إجراءات فحص الدراجة النارية، وذلك لعدم وجود طريق بري بالكامل يربط بين مصر والسعودية، فكان من الضروري ركوب العبارة كوصلة فقط، وفقًا لما قاله "عمر".

7 شهور ونصف على دراجة هوائية

وفي السياق نفسه، أدى رجل إندونيسي يُدعى "محمد فوزان" رحلة برية باستخدام دراجته الهوائية قادمًا من إندونيسيا إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، واستغرقت الرحلة سبعة شهور ونصف الشهر بعد أن قطع مسافة 7,898 كلم، موضحاً أن أبرز الصعوبات التي واجهته خلال رحلته كان تغير المناخ في البلاد التي مر بها قبل وصوله للسعودية، مشيرًا بأنه كان يواجه الأجواء الحارة وشديدة الحرارة أحيانًا، مضيفًا أن من أبرز المشاكل التي واجهته خلال رحلته إلى السعودية قادمًا من بلاده كثرة تعطل الدراجة على الطريق.

مُسّن يقطع آلاف الأميال

أمّأ الحاج المغربي "كريم" فقد قطع في عام 2019 مسافات طويلة تتجاوز 8000 كيلومتر لأكثر من أربعة أشهر على دراجته الهوائية، ليصل إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، بعدما صادف في رحلته صعوبات كثيرة جبالاً وصحاري حارة وأودية، وأيضاً مفارقات مخاطر الطريق في رحلته بالدراجة الهوائية.

وشرح المسن الذي يبلغ من العمر 65 عامًا تفاصيل رحلته موضحاً أنه بعد أن شارك في العديد من سباقات الجري وأحرز مراكز متقدمة، اختار أن تكون رحلته الروحية إلى مكة على متن دراجته الهوائية، ليقتفي فيها آثار رحلات أجداده المغاربة حين كانوا يقطعون آلاف الكيلومترات سيراً على الأقدام أو بالتنقل على ظهور الجمال والخيول، ويستشعر فيها قيماً إسلامية وإنسانية للسلام والتعايش بين ثقافات متعددة.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org