#كانوا_معنا: "أبا هلا".. من كنف "المؤسس" لعلم الـ١٠٠ عام وبر والدين لا نظير له

أيام "سعود بن محمد" الاستثنائية.. ونجله يكشف سبب صفعة والده له وسر قصيدة الملك فهد
#كانوا_معنا: "أبا هلا".. من كنف "المؤسس" لعلم الـ١٠٠ عام وبر والدين لا نظير له
تم النشر في

تستعرض "سبق"، ضمن حلقات اليوم من "كانوا معنا"، شخصية استثنائية تتمثل في الأمير سعود بن محمد بن عبدالعزيز آل سعود، والذي وافاه الأجل صباح الثلاثاء 18ربيع الأول 1437هـ، وصُلّي عليه بجامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض؛ حيث تقدم حشود المصلين من المسؤولين والمواطنين الذين تشاركوا في مواراة جثمانه الثرى -حينها- خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود؛ وذلك بعد مسيرة حافلة تواصلت قرابة 100 عام، كان خلالها رمزاً من رموز الأدب والثقافة والكرم.
 
نشأته
وُلد الفقيد في الرياض عام ١٣٣٨هـ وهو أكبر إخوته، ووالدته هي الأميرة منيرة بنت عبدالرحمن آل سعود، شقيقة الملك عبدالعزيز، رحمها الله، ويلتقي نسبه مع الملك المؤسس في جدة الإمام فيصل بن تركي أحد حكام الدولة السعودية الثانية.  
 
الكتاتيب والأدب
وترعرع الفقيد -رحمه الله- في كنف خاله الملك المؤسس عبدالعزيز -رحمه الله- فألحقه بالكتاتيب فتعلم القراءة والكتابة وبعض سور القرآن، ثم الْتحق بحلقة محمد بن إبراهيم آل الشيخ في مسجده بدخنة، وسَمِع منه علماً كثيراً، وحفظ القرآن الكريم كاملاً في سن مبكرة، وحفظ أيضاً شعر إيليا أبو ماضي وأحبه، وكثيراً ما استشهد بشعر المتنبي وأبي فراس الحمداني وأحمد شوقي في حواراته، ولديه مكتبة شخصية يقرأ منها، تضم كتب الدين والتاريخ والأدب وغيرها، ومن الشخصيات الإسلامية التي أعجبته عبدالرحمن الداخل أو "صقر قريش"، وخالد بن الوليد، وعمر بن عبدالعزيز، وزياد ابن أبيه.
 
الزهد والكرم
عُرف عنه -رحمه الله- كثير من الخصال الكريمة التي تدل على عِظَم شخصيته، ووفقاً لمقالة يوسف الطريفي المنشورة بصحيفة الجزيرة؛ فإنه كان مهتماً بالعبادات الشرعية والمحافظة عليها حضراً وسفراً، والصدقات الكثيرة على الفقراء والمحتاجين والغارمين وغيرهم، ويواصل "الطريفي": "كان مشتهراً بالكرم والجود لكل من يطلب منه ومن لم يطلب، وكان يقوم بالنفقة على الرفقة المصاحبة له في سفره وخاصة في الحج والعمرة.
 
تسميته "أبا هلا"
وقال عنه الأمير سلمان بن محمد بن سعد بن عبدالرحمن في مقال له: "لقب بـ"أبي هلا" لما عُرف عنه من حفاوة الترحيب، ورحابة الصدر؛ للدرجة التي اعتاد فيها لسانه على تكرار كلمة "هلا" الدالة على الفرح بمقدم الضيوف".
 
تواضع للعلم
ويواصل "الطريفي" سرد صفات الفقيد: "كان متواضعاً ومحباً للعلم وأهله فقد رباه والده منذ صغره على احترام العلماء وتقديرهم، وكذلك محبة كثير من العلماء له ولوالده؛ فكان سماحة المفتي العلامة محمد بن إبراهيم -رحمه الله- يخصص لهما وقتاً للتعليم وللفتاوى، وكذلك زياراتهما المتكررة لعلماء زمانهما، وكان الأمير سعود يتواصل بالزيارة مع العلماء؛ ومنهم الشيخ ابن باز، والشيخ صالح اللحيدان، والشيخ صالح الفوزان، وغيرهما من كبار العلماء.
 
مرجع تاريخي
ويضيف متحدثاً عن ثقافته الواسعة: "لديه مكتبة ضخمة تضم أمهات الكتب في مختلف العلوم، وعُرف بتمكنه من التاريخ والأنساب والرجال والقبائل والروايات التاريخية؛ فهو مرجع تاريخي لكثير من الدول والأمم السابقة".
 
القنص بالصقور
وعن هواياته قال: "يميل للقنص والصيد بالصقور والتجول في المناطق البرية؛ فكان محباً للصحراء والطبيعة، وكان يملك وبعض إخوانه وأولاده عدداً من الخيول العربية الأصيلة، ويشارك في تلك الخيول في عدد من المسابقات المحلية والخارجية، وكذلك له اهتمام بمزايين الإبل، واقتناء بعضها، والعناية بها، ومعرفته لأصايلها وصفاتها، وكان فارساً يعتني بركوبها واقتنائها".  
 
قصة الصفعة
ويقول نجله الكاتب الصحفي المعروف بصحيفة "عكاظ" الأمير الدكتور بدر بن سعود، والذي يأتي ترتيبه سناً التاسع عشر بين أبناء وبنات الفقيد الـ٤١: "ولدتُ وعمره يقارب الأربعين، وصفعني ذات يوم لأني دخلت متأخراً وصليت ركعة من صلاة الفجر وارتبكت ولم أعـرف كيف أسجد سجود السهو؛ كان حينها إماماً للمصلين وكنت مأموماً لم يتجاوز عمره ستة عشر عاماً".
 
قصيدة الملك فهد
ويواصل: "لم يمدح أو يذم في شعره؛ باستثناء قصيـدة يتيمة كتبها في ابن خاله وصديق حياته الملك فهد -يرحمه الله- أيام مرضه".
 
تعامله مع أبنائه
ويواصل الأمير الدكتور: "كان رحمه الله يتكلم مع أبنائه الكبار باحترام وتقدير وكأنهم ضيوف عليه، ورضاه مضمون ما لم يقع ابنه أو ابنته في محذور أو مخالفة دينية، أو يفوتون صلاة مفروضة، وهو كريم النفس واليد والجاه، ويستقبل من يأتي مؤملاً في عونه ولا يقلل من شأنه ولو كان طفلاً، وينفق ولو أثقل عليه الإنفاق، ويخجل أن يقول "لا" لأي أحد، وبابه مفتوح دائماً و"سفرته" أو مائدته لا تتوقف، ولو غاب ينوب عنه أبناؤه أو أصحابه ويجلسون مع الناس".
 
بر نادر
وعن بر الفقيد بوالديه يواصل: "لم يكن يمشي أمامهما ولا يعطيهما ظهره إذا انصرف، وعندما يكون والده في بيته ينام على الأرض بجوار سريره، ويمسك بحذائه عند ذهابه للوضوء إلى أن يخرج ويُلبسه إياه، ولا يجلس على كرسي في حضرة والده؛ وإنما على الأرض بجواره، وكان يخدم والده في حجه كل سنة حتى توفي، وكذلك فعل مع والدته، وعندما كانت في المستشفى في سنواتها الأخيرة، استمـر في النوم بجوارها على كرسي، وكان يقرأ عليها القرآن ويذكّرها بالشهادة، وتوفيت -يرحمها الله- بين يديه وهو يلقنها الشهادة، وقد تألم جداً لفقدها.
 
تعويضه صعب
ويكشف نجل الفقيد لـ"سبق" مشاعرهم بعد فَقْد والدهم؛ فيقول: "ترك فَقْد الوالد -يرحمه الله- فراغاً كبيراً يصعب تعويضه في حياتنا كعائلة؛ فقد كنا نجتمع في بيته أو في مكان إقامته في المناسبات والأعياد؛ فواجب الوالد أولوية لا تعترف بأي ظرف؛ خصوصاً أن الدروب تباعدت، وأصبح لكل واحد منا مشاغل وعائلة صغيرة تخصه، وكان الوالد أنيقاً في تعامله مع أبنائه وبناته، وحرص على أن يعطيهم باستمرار مساحة من وقته وانتباهه، ولم يكن -يرحمه الله- منحازاً لأي أحد، وكلنا شَغَلنا مكانة خاصة في قلبه وفي تعامله معنا".
 
إنسان استثنائي
وتابع: "هو -في نظري- أب مثالي وإنسان استثنائي في كل شيء، ومن خلال تعاملاته اليومية مع الناس، يمكن الوقوف على مقدار ما يحمل من دبلوماسية في الكلام وفي التصرف، وكان الوالد مشغولاً بالعبادات أكثر من غيرها، وهو قريب جداً من جلسائه وأصدقائه وخاصته، ويقدر كل من يأتي إليه، ودائماً ما يقدم مصالح الآخرين على نفسه وعائلته، وأخذ معظمنا هذه العادة عنه"، وهناك مَن كان سعود بن محمد ملء سمعه وبصره وفَقَدَ بفقده كل بهجة.
 
عادات رمضانية
وعن عاداته الرمضانية قال: "اجتماعنا مع الوالد كان مستمراً في رمضان وفي غير رمضان، وقد لا نحضر جميعاً إلا في المناسبات؛ ولكننا نحضر في مجلسه العام والخاص دائماً، وفي رمضان ينشغل الوالد بالعبادة أغلب الوقت، وتقل زياراته إلا في الأمور الملحّة، وكان فطوره خفيفاً، ولا يعرف في السحور إلا الموز واللبن فقط، وما بينهما يكون العشاء الدسم في الفترة ما بين صلاتي المعرب والعشاء.
 
تراويح وعبادات
واختتم: "الوالد كان يصلي التراويح والقيام جماعة في مجلسه أو في مسجده في الرياض أو في الطائف، ولا تأخذ التراويح أكثر من 45 دقيقة، والقيام (التهجد) لا يتجاوز الساعة والربع، واعتاد الوالد على العمرة في رمضان، ولم يتوقف عنها إلا في السنوات الأخيرة، وكان يوصينا بالصلاة والعبادات ومداراة الناس، وأن لا نهتم لأمور الدنيا كثيراً".
 
 

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org