من الصفر

من الصفر

شدتني جداً حلقة الأمس من برنامج من الصفر على قناة ام بي سي حيث جسدت الحلقة صورة جديدة من صور الكفاح سطرتها الدكتورة سامية العمودي 
عندما تحملت ظروف مرضها وطلاقها ثم مواجهة العالم من حولها.
لعلي هنا أوضح أن مريض السرطان كغيره من المرضى المصابين بالأمراض المستعصية يمر بمجموعة من المراحل وأصعبها مرحلة عدم التصديق، والقلق والتوتر
ومرحلة تقبل المرض والتعايش معه سواء كان تعايشا إيجابيا أو سلبيا. فرد الفعل الأولى للسرطان هو الموت. وتتدرج الأسئلة " هل سأموت؟
أصبح من المؤكد والثابت علمياً أن الحالة النفسية لمريض السرطان من أهم مقومات شفائه ونجاح علاجه، حيث أن العامل النفسي يحفز الجهاز المناعي بداخل المريض
لكي يتصدى ويقضي على هذا المرض سواء السرطان او غيرة، فإحساس المريض بالهزيمة واليأس من شفائه يؤثر بالسلب على الجهاز العصبي وخاصة منطقة ما تحت المهاد،
التي ترسل وتستقبل إشارات دائمة إلى الجهاز المناعي عن طريق أسطول من الهرمونات التي تسمى بهرمونات الانفعال والتوتر، 
فتؤثر سلبيا على أسلحة المناعة الأساسية التي تقاوم السرطان
وقد اهتمت المجتمعات الغربية بدراسة الأمراض والمرضى وما يصاحبها من تأثيرات نفسية قد تصل إلى درجة الألم النفسي الشديد، وما يوازي درجة الألم العضوي
الأمر الذي دفع إلى إحداث نقلة نوعية في التعامل مع هذه الأمراض العضوية وخصوصا من الناحية النفسية، ولقد كانت محصلتها قيام ذلك الفرع من علم الأورام السرطانية 
والذي أطلق عليه (علم نفس الأورام Psycho-oncology) وهناك الآن بالفعل فرع علمي آخر أعتقد أنه سوف يكون من أهم تخصصات الطب 
يسمى Psychoneuroimmunology، يشمل تأثير كل من الحالة النفسية والعصبية للمريض وعلاقتها بكل من جهازي المناعة والغدد الصماء في الجسم البشري.
فإن اكتشاف الإصابة بأي مرض خطير لا يمثل فقط بالألم العضوي بل ما يشعر به المريض من الحزن والخوف وهو شعور طبيعي تماما. 
في هذه اللحظات العصيبة من حياتهم. فيحتاج المرضى لمساعدة اخصائيين نفسيين يعبرون بهم هذه المرحلة الحرجة ويهيئونهم للعودة لحياتهم الطبيعية بعد انتهاء فترة العلاج.
وهنا اركز على مرض السرطان في السعودية فإنه على الرغم من توفّر العلاج ولله الحمد في مستشفياتنا، إلاّ أنه لا يوجد جهة تدعم مرضى السرطان وعوائلهم وتهتم باحتياجاتهم النفسية.
يأتي المريض إلى المستشفى، فيلتقي بالممرض ويأخذ العلاج الكيماوي ثم يذهب حتى دون أن يرى الطبيب. وإن التقى بالطبيب فيكتفي بالكلام عن المرض والحالة الآن
لا نستطيع أن نقول إن الأمر لا يعنينا لأن أحدًا مما نعرف لم يصب بهذا المرض، ولكن هذه مشكلة ضمير إنساني لأن مرضى السرطان في السعودية يعيشون في صمت رهيب،
يبحثون عن الدعم والعناية النفسية، ويعيشون اضطرابًا بين ما يجب أن يقوموا به في حياتهم العامة، وبين ما يعانون منه شخصيًا، ولا يفهمون نظرة الناس لهم.
ولكن الصحة تكمن في السلامة النفسية والعقلية والاجتماعية، وتزويد المريض بالدواء ليس كافياً ما لم يكن متوجاً بالعلاج النفسي.
لبنى القحطاني
أخصائية تمريص (صحة نفسية وعقلية)
تويتر
اخصائية تمريض الصحة النفسية
TW:@lubnaauae

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org