جرِّبوه، وسيكون رمضانكم أنقى! وأكثر ارتياحًا،وستكونون أكثر انشغالاً بما هو أهم.. فكِّروا جديًّا باعتزال هذا الاعتياد اليومي الذي يقضم أوقاتكم الثمينة، ويأسر سويعات رمضان السريعة.. المضي تحت بند الترفيه الضار!حاولوا أن تكونوا أكثر تماسكًا أمام مغرياتهم المعوجة، فإن لم تستطيعوا فخففوا على الأقل وبالتدريج.. يمكنكم أن تتجنبوها وتنجحوا!
لا تظنوا أن ذلك مقطع لدعاية رمضانية من التي تشتعل الآن في القنوات لاجتذاب المشاهد وحجز وقته الثمين سلفًا! رغم أنني لم أبتعد كثيرًا، وحديثي يدور في الفلك ذاته، ويمكنني أن أقول تبعًا لذلك: "رمضانكم بلا تلفزيون أحلى!!". وأرجو ألا يعتقد بعضكم أنني نفضت الغبار عن تلك الجملة التي ترددت على مسامعكم منذ أن كنتم صغارًا تتلهفون لفوازير رمضان وأفلام الكارتون! وأن جملتي تتكرر كل رمضان، والاستجابة لها ضعيفة أمام مغريات البرامج والمسلسلات التي أصبحت صناعة خاصة بنكهة رمضانية(!!) لكن ألم يتشبع المشاهد من البرامج والمسلسلات ذات النسخة المتكررة بذاتها كل عام؟! هل جربتم رمضان بلا تلفزيون فعلاً؟ هذا الوقت المبارك والشهر الأجمل على مدار العام، وقت العبادة والأعمالالصالحة؛ إذ تهدأ النفوس، وتصبح مستعدة للمزيد منأعمال الخير وتلاوة القرآن الكريم وختمه أكثر من مرة..شهر الصيام والراحة وهدأة النفس والقلب.. لكن، وفي خضم كل هذا النقاء المنشود، تأتيك الكثير من قنوات الخواء التي تُعِدُّ عدَّتها، وتسنُّ سكاكينها قبل رمضان بأشهر عدة لسرقة وقتكم الثمين، وملئه بالغث والرديء في أغلب برامجهم، وهم يصدِّعون رؤوسنا ببرامج ومسلسلات يظنونها تثرينا، وتعالج واقعنا، وما علموا أنها تلوِّث واقعنا، وتمرضه، وهي ترمي فيه أفكارًا غريبة عنا، وتدس مشاهد لا تمت لواقعنا بصلة.. وما أكثرها برامجهم التي وصلت حد السخف والسذاجة والتهريج ومحاولة انتزاع قهقهة المشاهد فقط، وكأن رمضان ارتبط بالضحك والتهريج!!أو التي تتصنع الجد وانتزاع دمعة المشاهد ليصبح مؤثرًا!مسلسلات لا تناسب الشهر الكريم، ولا أي شهر، بأفكار ساذجة، بعضها محرم شرعًا، وأخلاقيات فاسدة،وهي تتسرب لأبنائنا وبناتنا، وتصبح عادية لديهم، ومتلقاة مع الوقت وممكنة للأسف!
الآن لم تعد مجرد قناة أو قناتين، بل انفتح الفضاء لقنوات عديدة، وخيارات كثيرة، وكلها تتسابق لاجتذاب أكبرعدد من المشاهدين ببرامج لا يمكن القبول بإلصاقها برمضان حين يقول قائلهم: (البرامج الرمضانية)، مهما تكرر هذا الاحتجاج على المستوى العائلي والمجتمعي لم يعد الإنكار ذاته عاديًّا؛ فقد وصل الأمر لحد لا معقول، وكأن العائلة في اختبار تحدٍّ بين أن تشاهد هذه القناة أو تلك. كما لا يتعلق الأمر بخيار للمشاهد واختبار عزيمته وقدرته على تجاهل متابعة تلك البرامج وصم أذنيه عن مغرياتها؛بل تعني احترافية الاجتذاب التي تُنتهج، والكسب الذي يعول عليه في هذا الشهر الفضيل.. والأمل بالحد منه.. فلا يعرض الصائم المصلي، قارئ القرآن الكريم، المتصدق، الباحث عن صلة الرحم لتلك المغريات، التي لا ينجح فيها كثير منهم!
لذلك كفوا أذاكم يا أصحاب القنوات عن رمضاناتنا الطيبة، ودعوا الناس تجرِّب الصوم بلا تلفاز!