أشار الدكتور عبدالرحمن يحيى القحطاني، خبير ومدرب تعزيز الصحة والتواصل الصحي والكاتب في صحيفة "سبق"، إلى أننا لا نزال في بداية الطريق لمعرفة حجم أضرار السجائر الإلكترونية، ومن السابق لأوانه الجزم بأنها أقل ضررًا من السجائر التقليدية؛ حيث نحتاج لعقود لمعرفة الطيف الواسع لأضرارها المحتملة بعيدة المدى؛ علمًا بأن الأبحاث الطبية لم تكتشف حجم الضرر الكبير للسجائر التقليدية على الجسم إلا بعد 50 سنة تقريبًا، وما زلنا نكتشف المزيد حول ضررها حتى الآن.
ويضيف الدكتور القحطاني: "عندما نقارن تاريخ الأبحاث الطويل لاكتشاف أضرار السجائر التقليدية مقارنة بالتاريخ القصير لأبحاث السجائر الإلكترونية؛ فأعتقد أننا لا نرى سوى رأس جبل الجليد الذي يخفي تحته أضعافًا مضاعفة مما يظهر".
وأشار خبير تعزيز الصحة إلى أن من الأخطاء التي تحصل في الادعاء بأنها أقل ضررًا من السجائر التقليدية، مقارنةُ المكونات السامة الموجودة في السجائر الإلكترونية بالموجودة في السجائر التقليدية، دون الاكتراث لاحتمالية وجود مواد سامة أخرى لم يتم دراسة أضرارها ولا تتواجد أصلًا في التقليدية.
ويضيف أنه في دراسة استُخدِم فيها الذكاء الاصطناعي نُشرت مؤخرًا في الربع الثاني من 2024، في موقع التقارير العلمية التابع لمجلة نيتشر (Nature) العريقة؛ أبرزت نتائج مقلقة للغاية المخاطر الكيميائية المحتملة الناجمة عن عملية تسخين منتجات السجائر الإلكترونية المنكهة المحتوية على النيكوتين؛ حيث أظهرت تكوين أكثر من 500 مادة كيمائية ضارة، منها ما يصنف على أنه "حاد السمية"، وأخرى تُصَنف على أنها ذات "مخاطر صحية"، أو "مهيجة".
وقال: "تكمن الخطورة أيضًا في كون العديد من هذه المواد غير موجودة في السجائر التقليدية ولم يتم دراسة مخاطرها الصحية على المدى البعيد؛ وهو ما يعني احتمالية ظهور أمراض جديدة لم تكن موجودة سابقًا، أو أنها تعمل بطريقة مشابهة لبعض المكونات السامة الموجودة في السجائر العادية. وبالتالي فملف المخاطر الكيمائية المحتملة في السجائر الإلكترونية يختلف بشكل كبير عن ملف السجائر التقليدية".
كما أشار إلى دراسة أخرى، ممولة من المعهد الوطني للصحة البيئية في الولايات المتحدة، وجَد فيها باحثون من جامعة جونز هوبكنز، أن البخار الناجم عن السجائر الإلكترونية يحتوي على أكثر من 2000 مركب كيميائي غير معروف لم يكشف عنها المصنعون، وقد يكون لها مخاطر صحية. وتؤكد الدراسة أن متعاطي تلك السجائر يتعاطون منتجًا لم يتم تحديد مخاطره الكاملة حتى الآن.
وفي هذا السياق، أوضح خبير تعزيز الصحة أنه مع بداية ظهور تلك السجائر الإلكترونية، انتشرت العديد من الادعاءات بأنها ذات ضرر محدود يختلف عن السجائر التقليدية، لنكتشف بعد بضع سنين أن لها أضرارًا خطيرة على الرئة والقلب، ولا يزال الطريق واسعًا لاكتشاف مزيد من الأضرار.
وحذّر الدكتور القحطاني أن الادعاءات التي تروّج لها شركات صناعة السجائر الإلكترونية بأنها أقل ضررًا من غيرها، أدخلت الكثير من غير المدخنين -وخصوصًا من المراهقين والشباب من كلا الجنسين- في تعاطيها والإدمان عليها، وهي من أساليب التسويق المضللة والمخادعة التي تغري الصغار لتعاطيها.
كما حذّر من أننا نرى في المملكة تزايدًا مطردًا في تعاطي السجائر الإلكترونية، وغيرها من منتجات النيكوتين؛ مما يوحي بأننا سنشهد جيلًا كبيرًا جدًّا من المدمنين، إذا لم يتم السيطرة على ذلك.
ودعا إلى تطوير السياسات والأنظمة واللوائح الحالية لتتوافق مع هذه المخاطر وتحد من الترويج والتسويق لها ومنع الادعاءات المضللة، مع تشديد الرقابة وإيقاع العقوبات الرادعة.
كما أكد أن كافة أنواع منتجات التبغ والنيكوتين ضارةٌ ويجب عدم الدخول في تعاطيها والإقلاع عن تعاطيها.