تمتلك محافظة الطائف إرثاً تاريخياً ومكانة ومخزوناً ثقافياً وتزخر بعديد من الآثار، والتراث العمراني، والحرف اليدوية، والتراث غير المادي، الذي يتمثل في الأزياء الشعبية والرقصات والفنون المختلفة، بـ (154) إرثاً تاريخيّاً و(43) موقعاً مشيداً في قطاع التراث العمراني، و(180) حرفة في قطاع الحرف اليدوية.
وتزخر الطائف بآثار وروائع من العصور السابقة، وبكثير من المواقع التاريخية، التي تؤكّد عراقة تاريخ المملكة، وأصبحت هذه المواقع أماكن جذب للسياح وتصل إلى "43" موقعاً من أبرزها: قصر شبرا والكاتب وجبرة والقصر الحديد، وقصر الكعكي، وقصر البوقري، وقصر الدهلوي، وقصر القامة، والمباني التراثية التي تمتاز بالمواصفات الهندسية الدقيقة سواء في أوصاف القصور خارجياً أو داخلياً، بما في ذلك التكوين الجمالي في الزخارف الإسلامية التي حفرت على شبابيكها ونوافذها، وهي مكان يجتمع فيه المصطافون وتكتظ به العائلات لالتقاط صور تذكارية في ساحاتها، ومشاهدة رواشينها البديعة.
ودأبت الطائف كل عام على الاحتفال بمناسبة اليوم الوطني بعددٍ من الفنون الشعبية الأصيلة التي برع أهلها في إتقان رقصاتها، وأصبحت منتشرة على مستوى المملكة ومنها، فن المجرور والمجالسي، والحدري، وفن المحاورة، و"الحيوما" التي تدل مفردتها على التحية والترحيب بالضيف، وجميعها يعتمد على اللعب الجماعي في تشكيل صفوف متعددة، وتمتاز بإيقاعات مختلفة، ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بأهلها، وأصبحت ذات مدلول عريق في محافظة الطائف، ولا تكاد تخلو المناسبات الوطنية والأفراح في الطائف إلا وكانت الفنون الشعبية الأصلية حاضرةً ومتصدرة لأحياء لياليهم منذ القدم.
وتتجلى الحرف اليدوية التقليدية المنتشرة في محافظة الطائف بتاريخها العتيق منذ أمد بعيد، التي أعطت صورة صادقة عن جهود الإنسان، والمرأة تحديداً وجهدها في المقام الأول في امتهان الحرف اليدوية، تعبر من خلالها عن تقاليد فنية عريقة ضاربة بجذورها في أصالة التاريخ، حيث تتفنن المرأة والرجل في الطائف في زخرفة ونقش عديد من الحرف اليدوية المتنوعة، ومن أبرزها حرفة تقطير الورد وتطريز وحياكة الفرو وصناعة الأسلحة اليدوية مثل الخناجر والسيوف وتشكيل الفخار، والسعف، وغزل الصوف والسدو، والتطريز، والحياكة اليدوية وهي عبارة عن أشكالٍ هندسية متنوعة، بألوان صارخة جاذبة تعكس حساً فنياً وذوقاً جمالياً، وحسن واضح في استغلال موارد وخامات الطبيعة والتي تتمثل في البيئة المحيطة وتطويعها لمصلحته، حيث مازالت الأجيال في محافظة الطائف تتوارث هذا الإرث الثقافي الكبير وتسعى المحافظة لتطويره وإظهاره للعلن وخصوصاً في مناسبات اليوم الوطني السعودي.
وأكّد المؤرخ عيسى القصير، أن الفنون الشعبية والحرف اليدوية والأزياء بدأ سطوع نجمها في المناسبات الوطنية بمحافظة الطائف، وأظهرت هذه الفنون والحرف والأزياء جلياً متانة الماضي واستشراف المستقبل، حيث وجدت منتجات الحرف اليدوية المستخدمة في حياة الناس اليومية قديماً، عودة بعد أفول نجمها، خارجةً من متحف التاريخ إلى قاعة الحداثة بين الشباب والفتيات السعوديين.
وأوضح القصير، أن تراث الطائف يمثل بحد ذاته فناً في البناء والتشكيل والروح المفعمة، وكان لكل حرفة درجات وألقاب، ولكل مهنة شخصية يرجع إليه الحرفيون في حالة اختلافهم لينظم أمورهم ويسمى شيخ الطائفة، وكان الأبناء يتوارثون هذه الحرف من آبائهم، وأعطت هذه الحرف طابعاً وهوية عمرانية مميزة، زُينت بها محافظة الطائف، ابتداءً من الملبوسات وحياكتها، إلى الأعمال اليدوية في تجهيز وتشكيل حجارة البناء، مروراً بأعمال البناء النجارة (والرواشين والأبواب)، وانتهاء بأعمال الزخرفة والإبداع لهوية المملكة العربية السعودية.
وتعد الطائف رابع أكبر محافظة من محافظات منطقة مكة المكرّمة والبوابة الشرقية للحرم المكي، ويميزها سياحياً جوّها المعتدل وطبيعتها الجميلة وتنوّع تضاريسها من حيث الجبال والأودية والسدود والغابات والعيون التاريخية التي تصل إلى 26 عيناً مائية والمزارع التي من أهم منتجاتها، الورد الطائفي والعنب والرمان والحماط والبخارى وغيرها كثير.