شاهد من خطبة الجمعة بكوسوفو.. إمام الحرم "الجهني": الإسلام سعادة وللإنسان حركتان

أكد أن التوسط في النواحي التعبدية لا يقل أهمية عن التوسط بالنواحي الأخلاقية والسلوكية
عبدالله الجهني في جامع محمد الفاتح بكوسوفو
عبدالله الجهني في جامع محمد الفاتح بكوسوفو

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الدكتور عبدالله بن عواد الجهني، في خطبة الجمعة التي ألقاها في جامع محمد الفاتح بكوسوفو وحضرها آلاف المصلين، بتقوى الله عز وجل في السر والعلن، مشدداً على أهمية الحاجة إلى الاعتدال في كل شيء، والتوسط في النواحي التعبدية التي لا تقل أهمية عن التوسط في باقي النواحي الأخلاقية والسلوكية، وذلك لأن الأخلاقيات ركن أساسي في الدين الإسلامي، وجزء مهم في بناء الكيان الروحي للأمة الإسلامية.

جاء ذلك، خلال برنامج زيارته الحالية لجمهورية كوسوفو ضمن برنامج زيارات أئمة الحرمين الشريفين الذي تنظمه وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بالتعاون مع المشيخات الإسلامية ووزارة الشؤون الإسلامية بالعالم، حيث تأتي الزيارة تنفيذًا لبنود التعاون بين الوزارة والمشيخة الإسلامية بكوسوفو.

واستهل "الجهني" خطبته بالتأكيد على أنه لا سعادة للبشرية في الدنيا والآخرة إلا بالإسلام، وحاجتهم إليه أعظم من حاجتهم للطعام والشراب والهواء، وكل إنسان مضطر إلى الشرع، فهو بين حركتين: حركة يجلب بها ما ينفعه، وحركة يدفع بها ما يضره، موضحاً أن الإسلام هو النور الذي يبين ما ينفعه وما يضره، فإن الإسلام هو دين الله الذي خلق خلقه لأجله وبه أرسل رسله وبه أنزل كتبه، وهو الاستسلام والانقياد لله في القول والاعتقاد والعمل، فلا يستقيم إيمان بدون عمل ولا ينفع عمل بدون إيمان وعقيدة صحيحة.

وأضاف: "كما أن العمل لايقبل إلا إذا كان صالحًا خالصًا لله جاريًا على سنة رسول اللهﷺ. وقد بين لنا رسول الله عليه الصلاة والسلام الأسس التي بني عليها هذا الإسلام بقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا: بني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت الحرام. وهذه الأسس متلازمة ووحدة متماسكة وقد تضمنت قول اللسان واعتقاد القلب وعمل الجوارح".

وأردف: "إن الإسلام هدىً ورحمة للعالمين، امتن الله به على خلقه أجمعين، وأرسل به سيد المرسلين، وخاتم النبيين، وشرف أمته بالدعوة إليه الى يوم الدين"، مضيفًا: والدعوة إلى الإسلام أخي المسلم: دعوة إلى ظله الظليل وحصنه المنيع وأحكامه العادلة وتشريعاته السمحة بوسطية واعتدال، وتلك خصيصة أساسية في الإسلام، وبنيت في ضوئها التشريعات الإسلامية التي دعت إلى اليسر والاعتدال والتبشير وعدم التنفير وعدم الغلو، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ﴿عليكم من الأعمال ما تطيقونه، فإن الله لا يمل حتى تملوا﴾، وقوله صلى الله عليه وسلم: ﴿إن هذا الدين متين، فأوغلوا فيه برفق؛ ولا تبغضوا إلى أنفسكم، فإن المنبت لا أرضًا قطع، ولا ظهرًا أبقى).

واستطرد يقول: "عباد الله الدعوة إلى الإسلام دعوة إلى العمل بتعاليم القرآن الكريم، دعوة إلى اتباع سنة سيد المرسلين، فإنهما كفيلان بالسعادة والفلاح والرقي والتقدم والنجاح، وهي دعوة إلى الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، ودعوة إلى الرضا بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد، نبيًا ورسولاً.

وتابع: "وهي دعوة إلى تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله عليه الصلاة والسلام بمعرفة معناها والعمل بمقتضاها والقيام بشروطها ولوازمها وأداء حقوقها، هي دعوة إلى محبة الله ورسوله ومحبة ما يحبه الله ورسوله وبغض ما يبغضه الله ورسوله من الكفر والفسوق والمعاصي، هي دعوة إلى محبة من أطاع الله وبغض من عصاه، دعوة إلى الإيمان الصادق والعمل الصالح، دعوة إلى طاعة الله ورسوله بامتثال الأوامر واجتناب النواهي، دعوة إلى شكر الله على نعمه عليك، باستخدامها فيما يحبه ويرضاه".

كما أنها دعوة إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكروالصبر على ما أصابك، دعوة إلى التعاون على البر والتقوى والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، دعوة إلى تقوى الله في السر والعلانية وحفظ حدوده، دعوة إلى الخوف من عقاب الله والرجاء لرحمته والاستعداد للقائه، دعوة إلى ذكر الله كثيرًا بلسانك وقلبك قائمًا وقاعدًا وعلى جنبك، دعوة إلى انتهاز فرصة الشباب والصحة والحياة قبل زوالها، دعوة إلى الاستعداد للموت وسكراته والقبر وضيقه وظلماته ويوم الحشر وعسرته وأهواله ومزعجاته، دعوة إلى النجاة من عذاب النار والفوزبالجنة دار النعيم والقرار، دعوة إلى المسابقة إلى الخيرات والمنافسة في الأعمال الصالحات، دعوة إلى التوبة النصوح في جميع الأوقات من جميع الذنوب والسيئات قبل انقطاع العمل وهجوم الموت ودوام الحسرات، قال الله تعالى: ﴿وتُوبُوا إلى اللَّهِ جَمِيعًا أيُّهَ المُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ .

وخلص "الجهني" إلى أن ذلك يؤكد الحاجة إلى الاعتدال في كل شيء، والتوسط في النواحي التعبدية لا يقل أهمية عن التوسط في باقي النواحي الأخلاقية والسلوكية، وذلك لأن الأخلاقيات ركن أساسي في الدين الإسلامي، وجزء مهم في بناء الكيان الروحي للأمة الإسلامية، وفقنا الله لذلك بمنه وكرمه.

وأكد، في مستهل الخطبة الثانية، أن اختيار الخالق تبارك وتعالى دين الإسلام شرعة ومنهجاً للمؤمنين دليل على عنايته تعالى بهم ومحبته لهم ورضائه عنهم: (ورضيت لكم الإسلام دينا)، مشيراً إلى أن واجب الأمة المسلمة أن تبذل جهدها لشكر المنعم عليها، وأن تقوم بكل قدراتها بحقوق ربها، وأن تدرك مدى هذا الاختيار وهذا الرضا فتتمسك بدينها الذي رضيه لها ربها بكل عزائمها، وأن تعض عليه بنواجذها.

ولفت "الجهني" إلى أن الذين تنكبوا عن الصراط السوي مجاراة للناس أو لأطماع دنيوية وتركوا كتاب الله سواء كان تنكبهم عن علم ورغبة عن الإسلام، أو عن جهل بحقيقة الإسلام، هؤلاء الناكبون لن يتركوا بلا جزاء ولا عقاب، مضيفًا: وأشد العقاب أن يطمس على بصيرة الإنسان فتنقلب تصوراته فيرى القبيح حسناً والحسن قبيحاً: (أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون".

واختتم "الجهني" خطبته الثانية بالوصية بالتقوى مستشهداً بقول الله تعالى: « يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يومًا لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور"، "إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ".

يشار إلى أن زيارة إمام الحرم المكي الشريف تشهد احتفاءً كبيراً من أطياف الشعب الكوسوفي المسلم الذي يتابع تفاصيلها وتحظى برامجها بحضور لافت، كما تتواصل بعقد محاضرات ولقاءات علمية إلى جانب زيارة عدد من المعالم الإسلامية البارزة.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org