- كيف يُسمح لمن قالوا "هذا منتخب الهلال" و"فزنا على الأرجنتين لأنه ما فيه لاعب نصراوي".. أن "يظهروا" على قنواتنا؟
- التحليل الناجح لا يقدمه إلا مَن كان في يوم من الأيام لاعبًا يملك الثقافة والخبرة وليس من رصيده تغريدات "تويتر" ومقاطع "التك توك".
- ما يقدمه "أغلب" المحللين يحتاج مراجعةً ويصل أحيانًا إلى الأمر المسيء مشاهدته حيث العشوائية والتناقض وانعدام الشفافية والصدق.
- كيف يُتوقع ممن تاريخه مليء بالتغريدات المسيئة والكتابات غير المسؤولة أن يقدم تحليلًا منصفًا لمباريات المنتخب أو الأندية؟
يُعد مونديال قطر 2022 فرصة سانحة للاستفادة مما يُعرض من التجارب والخبرات، وتعلم الجديد، وقياس المستوى الحقيقي لما وصلت له كرة القدم المحلية، ومقارنتها بما يشاهَد من مهارات اللاعبين، وخطط المدربين، وقرارات الحكام و"الفار"، والإخراج والنقل التلفزيوني، والتنظيم داخل وخارج الملاعب، والتحليل الرياضي؛ فالمونديال هو النموذج الذي يجب أن يقاس به مدى تطورنا كرويًّا.
ويبرز "التحليل والنقد الرياضي" المصاحب لمباريات المونديال في أغلب القنوات الرياضية العربية والأجنبية منصفًا وممتعًا ومفيدًا، ويمكن القول إنه ملهم أيضًا في إضاءة جوانب مهمة للمشاهدين، فالتواجد الكثيف لنخبة المحللين عربًا وأجانب، ومن واقع خبرتهم كلاعبين ومدربين، والتنافس بينهم على الطرح الجاذب والمهنية العالية والاحترافية؛ يكشف الكثير من أسرار المباريات، وهو من الأشياء التي يحبها مشجعو كرة القدم؛ حيث يُعد "التحليل" هو الجزء التكميلي لهذه اللعبة الشعبية، ومن البرامج الرياضية المميزة.
وإذا أردنا قياس ما رأيناه في المونديال على مشهدنا المحلي، وما يقدمه "أغلب" المحللين في قنواتنا؛ نجد أن الفرق شاسع بل قد يصل أحيانًا إلى الأمر المسيء مشاهدته؛ حيث تظهر لنا العشوائية والتناقض وعدم الأمانة في الطرح، وانعدام الشفافية والصدق.
والسؤال يتبادر: لماذا تسمح قنواتنا الرياضية للمحللين "المبتدئين" أو القدامى -سواء كمقدمي برامج أو محللين- أن يظهروا على شاشاتها ويتصدروا مشهدنا الرياضي وهم بهذا الشكل المخجل؟ وما الحدود المهنية والأخلاقية التي يجب أن يلتزموا بها؟ وكيف يُتوقع ممن تاريخه مليء بالتغريدات المسيئة والكتابات غير المسؤولة أن يقدم تحليلًا منصفًا لمباريات المنتخب أو الأندية؟
للأسف كشَف لنا مونديال قطر بكل وضوح، غياب المهنية في التحليل الرياضي المحلي، وضعف معايير استقطاب القنوات الرياضية للمُعدّين والمقدمين والمحللين، وانكشف أمامنا السوء، وضعف الإعداد رغم الاجتهادات في الاختيار والطرح وادعاء الحيادية.
فأغلب "المحللين المحليين" غير مؤهلين علميًّا وعمليًّا، ومع ذلك ينتقدون بلا خجل أداء اللاعبين، وعمل المدربين، وقرارات الحكام، والإداريين، ومستوى الأندية والمنتخبات، ويثيرون عن عمد التعصب بين الجماهير، بتوجيه النقد بطرق غير بنّاءة تنم عن تناقض ومراهقة فكرية، مستغلين عبارة "هذا رأيي الشخصي"، و"في وجهة نظري"، و"جتني معلومة".. إلخ؛ فعلى سبيل المثال يقول محلل "جاهل" يظهر في أحد القنوات عن منتخبنا الوطني: "هذا منتخب الهلال"، ويرد عليه محلل "أرعن": "منتخبنا فاز على الأرجنتين لأنه ما فيه لاعب نصراوي"، وتستمر المهاترات في مواقع التواصل على هذا المنوال المتدني، ويبقى سجال لا ينقصه إلا حمل "ميكرفون" و"التطبيل" و"الطقطقه" بكل "سطحية"، ولا يهم الإنصاف، ولا أمانة الكلمة وشرف الإعلام؛ بل الهم الأكبر أن يتناقل المراهقون المقاطع على "تويتر" و"التك توك"، ومواقع التواصل الاجتماعي، والغريب أن هؤلاء "المتعصبون" يكذبون ويعلمون أنهم يكذبون.
إن الطريق للتحليل الرياضي المنطقي والناجح البعيد عن الأهواء الذي يؤثر إيجابًا في الرأي العام، ويعطي معلومة مفيدة وقراءة ممتعة للمباريات؛ لا يقدمه إلا من كان في يوم من الأيام لاعب كرة قدم يملك الثقافة والخبرة والموهبة والوعي والقبول؛ مثل: (نواف التمياط، وخالد الشنيف، ومحمد نور، ومحمد أبو تريكة، وطارق ذياب، وطارق الجلاهمة وغيرهم)، لا إعلامي متعصب أصبح فجأة من المحللين "الحصريين" لبعض برامج المساء "المتعصبة" التي تحتاج إلى متابعة ومراجعة لما تقدمه.