
افترض المنتج والممثل حسن عسيري أنه إذا تناول وزير الإعلام سلمان الدوسري مقالًا وأنهى قراءته خلال 3 دقائق، فإن هناك 73 ساعة من الأخبار تمت صناعتها في تلك الدقائق الثلاثة على مستوى العالم، أي 1458 ساعة إخبارية كل 60 دقيقة.
وأوضح "عسيري" أن منصة الذكاء الصناعي "Chat.Openi" أفادت أنه يمكن في نهاية يوم واحد أن يكون هناك 25 فيلمًا و46 مسلسلًا تم إنتاجها، وذلك في معرض ردّها على سؤال حول متوسط إنتاج العالم يوميًا.
وقال "عسيري": تلك الأرقام التي ولّدها الذكاء الصناعي من فرضيتي تجاه تأثير الوقت على قوتنا الناعمة في محيطنا الإقليمي، يجعلني أندفع بحماس شديد مع كل وزير إعلام جديد؛ حتى أقول له إننا نتحسن مع انفتاح بلادنا الذكي والمحافظ على القيم، ولكننا ما زلنا نحتاج إلى وزير يؤمن بما تحتاجه صناعة الإنتاج في بلادنا، والتي تبدو بعيدة قليلًا عما يحدث على الأرض وعن فهم بعض الخبايا في هذه الصناعة، والتي أعتقد أن فهمها سيجعل الأشياء أفضل والإيقاع أسرع، والنتائج أكثر وضوحًا للجميع.
وأضاف: فرضيتي تعلم تمامًا أن نتائج الجهود والاستراتيجيات التي يبذلها كل وزير إعلام جديد تتطلب وقتًا للظهور؛ بسبب طبيعة وزارة الإعلام التي تتطلب مسارًا زمنيًا طويلًا للنمو وتحقيق النتائج ومؤشرات الأداء، ولكن التحولات الكبيرة التي تقودها حكومة بلادنا ورؤيتها المنسجمة مع كل القطاعات، تستدعي توليد نمو سريع، انتشار وتحول في دعم صناعة الإنتاج وجعل هذه الماكينة واضحة التشريعات والأنظمة كوضوح الشمس بما يتناسب مع التحولات الكبيرة/السريعة ومؤشرات أدائها في كل مفاصل الدولة، لذلك.
وأردف: بناء على فرضية ضرورة السرعة في تسهيل قدرات "القوة الناعمة" على إحداث التأثير، فإن ترجمة ذلك على أرض الواقع من وجهة نظر الجهاز الحكومي تكون من خلال مبادرات عمل ذات مسارات زمنية تسير بالتوازي: على المدى القصير، المتوسط، ثم الطويل.
وتابع: نحن كصناع للمحتوى المحلي يهمنا في المقام الأول الأجندات التي تضمن لنا مسّرعات التأثير والقرارات التي تختصر الزمن، وإن الأجمل في وزيرنا أنه في الأصل كاتب ومبدع، ويعي تمامًا حال الوزارة ويفهم مفاصلها جيدًا، وفيما يلي قائمة بالمبادرات السريعة التي تحتاجها صناعة المحتوى المحلي:
وقال "عسيري": هذا المسار سوف يعزز صوتنا المسموع وقوتنا الناعمة واقتصادياتها، وذلك عبر إطلاق يد الدكتور المعين حديثًا عبداللطيف العبداللطيف رئيس الهيئة العامة للمرئي والمسموع وتشجيعه بما لديه من حماس وجدية ووضوح في تفعيل قوانين حوكمة المنصات العالمية داخليًا وتنظيم بثها وتراخيصها، مثل نتفلكس، وديزني، وغيرها وهذا حق أصيل تمارسه كل دول العالم حسب منطق ما تؤمن به وما لا تؤمن به، ولا نحتاج أن نعيش بشكل يستسلم مع فكرة أن العالم مفتوح ولا يمكن منع شيء؛ لأن هذا مرتبط بقوتنا الاستهلاكية التي يستهدفها هؤلاء.
وأضاف: المهم أيضًا أن يتم إعداد معايير لخلق مرونة أوسع للمحتوى المحلي الذي لا يشبه واقعنا حقيقة؛ بسبب كثافة المعايير المشوشة والمختلطة التي لا تقتنع بوجود سعودي مجرمًا مثلًا، بل دائمًا هو نبيل وبطل خارق، تلك القيود جعلت الدراما المصرية والسورية أكثر جذبًا؛ لأنها تشبه حقيقة الإنسان في خيره وشره، ومن ضمن المسار ذاته، على الهيئة أن تضيف إلى مرونتها معايير تفرّق رقابيًا بين البث المفتوح الذي يصل إلى الجميع دون اختيار والبث المدفوع الذي يصل لمن يريد تحديدا باختياره الشخص أن يستهلك محتوى يتطلع إليه ويراعي فئته العمرية.
وأردف: نحتاج أن يتحقق فهمًا عميقًا وواضحًا لدى وزارة الإعلام بمختلف هيئاتها كيف يعمل "تويتر" بحيث يكون واضحًا تمامًا أنه بإمكان أي شخص الآن أن يثير جدلًا عبر هاشتاق تم ترويجه بـ500 ريال ليصبح تريند، ليخلق في داخل المجتمع حالة من الواقع المزيف تجاه مشروع أو مسلسل أو فيلم أو كتاب أو حتى شخص أو مؤسسة، يؤدي إلى ضرر حقيقي في اقتصادنا الإبداعي ومحتوانا المحلي لمجرد اختلاف في وجهة النظر، أو أجندة مشبوهة، أو حتى تنافس غير شريف.
وتابع: مناسب أن نتذكر أن أطيافًا كثيرة من الغاضبين مما تنعم به بلادنا يستثمرون بشكل عميق هذه الوسائل، متنكرين في أصوات المحبة والحرص واحترام المجتمع والخوف على الدين لتفتيت أي محاولات طبيعية في التغيير.
وقال "عسيري": اختصار طرق الدعم والمساندة بالتمويل الإضافي لهيئة الإذاعة والتلفزيون بقيادة محمد فهد الحارثي الذي فاجأ الجميع بلا استثناء وأعاد بناء هيئة الإذاعة والتلفزيون بهدوء ودون معارك ولا ضجيج وجعلها منافسًا يصعد بثقة وهدوء ووضوح، وكان ذكيًا في استثمار الوعي والفهم العميق لصناعة المحتوى في عقل إبراهيم الفرحان اللذين استطاعا في وقت وجيز صناعة خريطة برامجية بجودة عالية ومحترفة تفهم طبائع السوق.
وأضاف: أرى أن نجاحهما كان سببه إجادتهما في إدارة القنوات الحكومية بعقلية السوق التي تنتج محتوى يشبه ذائقة السعوديين وأرى أن وزير الإعلام هو القادر على دعم شاشته الأهم والرئيسية التي هي الصوت الرسمي الأول لبلادنا بتمويل مساند يحقق نتائج أسرع لما تم البدء به.
وأردف: من المهم أن تحصل السينما السعودية أيضًا على مسار سريع لها في التحول والتقنين من خلال امتيازات إضافية جديدة وفورية تدرسها هيئة المرئي والمسموع؛ لتساعد على اختصار زمن طويل غِبْنا فيه عن الصناعة السينمائية، حتى آخر عام أصبح لدينا 518 شاشة سينما في أنحاء المملكة ومستمرة في الزيادة، ويحقق سوق تذاكر السينما أرقامًا ستلامس المليار ريال قريبًا جدًا، حيث تم عرض ما يقارب 1500 فيلم من 38 دولة، منهم 22 فيلمًا سعوديًا فقط.
وتابع: إننا سوق جديد على هذه الصناعة، ويحتاج شبابنا المبدعون إلى مساندة حقيقية والتعامل معها كصناعة تحتاج إلى استثناءات تشجيعية تجعل المنتجين المحليين لهم ميزة تنافسية من خلال خلق فرص خاصة لهم؛ بحيث يصبح إنتاج الفيلم السعودي عنصرًا مغريًا للمنتجين السعوديين، ولا يحدث هذا إلا بربط إيرادات أعلى من نسب التذاكر للمنتج السعودي عندما يكون الفيلم سعوديًا، وليست كافية أبدًا النسب المتاحة الآن؛ فهي لن تساعد في صناعة مستمرة وآمنة، ويمكن أن يكون دعمًا تدريجيًا من أرباح التذاكر لعشر سنوات قادمة.
وقال "عسيري" في مقاله: نحن الآن في مرحلة متقدمة جدًا من الوعي في وزارة الإعلام ومختلف هيئاتها، بل ومرونة أصبحت واضحة للجميع، وربما نحتاج الآن إلى خلق حالة من الإيمان الكبير أن جميع المبدعين والعاملين في صناعة الإنتاج هم عملاء أساسيين لوزارة الأعلام وهيئاتها وأنهم مورد اقتصادي مهم يحتاج لمستوى عالٍ من الخدمة الإلكترونية في مختلف مراحل التعامل.
وأضاف: رؤية 2030 ولّدت فرصًا ضخمة في قطاعات حيوية متعددة، منها الانفتاح الكبير في مجالات صناعة الفنون والترفيه، إنّ التسارع في النمو بسبب الرؤية، يحتاج إلى تسارع في الإجراءات والتشريعات التي تساعد على التسارع مع تسارع النمو ذاك، لذلك، أقترح أن تتبنّى الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع إجراءات تنظيم يساعد على منح "إقامة عمل" تحت رعايتها وكفالتها لعدد محدد ربما لا يصل إلى 750 محترفًا للسماح لهم بالإقامة والعمل في بلادنا في أهم المهن التي نفتقدها الآن إلى حين الانتهاء من بناء الجامعات والأكاديميات التي تهتم بالفنون ومواءمة مخرجات التعليم مع حاجات صانعي الاقتصاد الإبداعي.
وأردف: ما نحتاجه الآن حقيقة هو سد الفجوة في الكفاءات البشرية المحلية في بعض المهن التي يحتاجها المستثمرون الإبداعيون، مما يعطي شبابنا فرصة حيوية للتدريب والتطوير التي سيقودها المحترفون العالميون أو الإقليميون، مما سيؤدي حتمًا فيما بعد إلى مساهمتهم في توطين خبراتهم محليًا، إلى جانب مزايا أخرى مثل زيادة جاذبية السعودية بالنسبة إلى الرأسمال الاستثماري المغامر في فئات الاقتصاد الإبداعي.
واختتم "عسيري" مقاله بالقول: تلك المبادرات المقترحة السريعة هي نتاج ثلاثين عامًا من العمل في صناعة الإنتاج، وسوف تمنحنا دفعة نوعية تجاه اقتصادنا الإبداعي الذي يولد قوتنا الناعمة في محيطنا الإقليمي، حتمًا سوف تكون تقدّم للوزارة معطيات يمكن من خلالها تعزيز أجندات العمل ذات المبادرات المتوسطة والبعيدة المدى، حينها سوف نشعر، دون انتظار، بتأثير محتوانا المحلي اليوم، غدًا وبعد الغد! وفقكم الله ويسَّر أمركم.