بات الاقتصاد الرقمي العالمي اليوم أكثر ترابطًا، ولم يعد التعاون بين الشركات الفاعلة التي تقود هذا الاقتصاد مجرد استراتيجية تقوم على عوامل الربح والخسارة، بل عاملاً ضروريًّا ومهمًّا لبناء إطار فائق المرونة؛ لحماية أمن المعلومات من الأخطار المحدقة بها.
ومع تعقُّد البنى التحتية الرقمية، وتطورها المستمر، لم يعد بإمكان جهة واحدة – مهما حازت من الإمكانات الفنية والمالية – أن تواجه مثل تلك الأخطار المتزايدة بصورة فعالة وحدها.
وكشف تقرير صادر عن مؤسسة برايس ووترهاوس كوبرز 2024 حول الواقع الرقمي عالميًّا أن 47% من قادة الأعمال في العالم يعولون على ما يسمى بـ"الأمن السحابي"، ويعدونه همهم الأساسي الذي ينبغي العمل عليه خلال العام القادم.
وبات "الأمن السحابي" مهمًّا بسبب اكتشاف ثغرات جديدة، يمكن للقراصنة النفاذ من خلالها، والعبث بالأنظمة الرقمية، حتى في ظل الميزات التي تتمتع بها التقنيات السحابية من مرونة عالية وترقية متقدمة.
ولهذه الأسباب مجتمعة نشأت الحاجة للتعاون بين الهيئات الحكومية وكبريات شركات التكنولوجيا، وبالتحديد تلك المعنية بأمن وسلامة المعلومات؛ لتطوير حلول شاملة، تحمي البنية التحتية السحابية.
وبالنظر إلى الحاجة الملحة للتعاون بين الجهات الرائدة المعنية بأمن وسلامة المعلومات محليًّا وعالميًّا، فقد بادرت كل من شركة سلام وشركة سايبرنايت وشركة سايبر بوليجون (وهي مبادرة تدريبية في مجال أمن وسلامة المعلومات، أطلقتها شركة BI.ZONE) للالتقاء في مؤتمر أمن المعلومات لدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا MenaISC 2024 في دورته الثانية عشرة في العاصمة الرياض يومَي 10 و11 سبتمبر الجاري، الذي تستضيفه شركة فيرتوبورت تحت شعار "أمن بيانات مرن: التصدي للتحديات المتغيرة.. بيئة تجمع ما بين تقنية المعلومات والتكنولوجيا العملياتية وإنترنت الأشياء والإنترنت الصناعي للأشياء والسحابية المهجنة"؛ وذلك لمناقشة سبل تأسيس إطار فائق المرونة لأمن وسلامة المعلومات للمملكة العربية السعودية.
وبرز اسم شركة سلام من بين الشركات التي تحضر المؤتمر، وهي عبارة عن شركة سعودية متخصصة في مجال الاتصالات والبنية التحتية الرقمية، وذات انتشار واسع محليًّا وإقليميًّا، مكّنها من النجاح في تأسيس البنية التحتية اللازمة للاقتصاد الرقمي للمملكة، وكل ما يتصل به من عمليات تشغيلية وشبكات متطورة؛ ما رشحها لتكون من الشركات الريادية في تعزيز أمن وسلامة المعلومات في السعودية، وبخاصة مع تنامي التهديدات الإلكترونية الموجهة للأنظمة السحابية.
وفي هذا السياق يشير تقرير برايس ووترهاوس كوبرز إلى أن 42% من الشركات والمؤسسات ذات البيئات السحابية المهجنة باتت تعد الأمن السحابي من أولوياتها القصوى، وهو أمر سيكون لشركة سلام مساهمة كبيرة في تحقيقه. كما تبرز شركة سايبر نايت، وهي تقنية برزت مع نشوء الجيل السحابي الجديد، وبزوغ عصر التحول الرقمي الذي فرض على الشركات والمؤسسات إيجاد أسلوب مختلف لتحقيق أمن وسلامة المعلومات.. وهو أسلوب يكون أكثر تكيفًا وقدرة على التفاعل مع التطورات التي تطرأ على البنية التحتية الرقمية الحديثة، ويعزز من فاعلية قوى العمل المتحركة والتقنية السحابية، ويحمي البيانات والأجهزة والتطبيقات.
ومن هنا نشأت تقنية "صفر ثقة"، التي تهدف أساسًا للمساعدة في الفهم والإدارة والتقليل من عامل الثقة في الأنظمة الأمنية التقليدية، وافتراض "ضررها" للتعامل معها من هذا المنطلق.
وشركة سايبر نايت نجحت في تبنّي هذه التقنية، التي أسمتها "إطار فوريستر صفر ثقة"، الذي اتخذته أسلوبًا يميز كل حلولها ومنتجاتها واستراتيجيتها بصورة عامة.
وأكد وائل جابر، كبير موظفي الاستراتيجية في شركة سايبر نايت أن المساهمة في مؤتمر أمن المعلومات لدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 2024 تأتي انسجامًا مع رؤية السعودية 2030، التي جعلت البنية التحتية الرقمية القوية أولوية بالنسبة للمملكة، وأساسًا لنموها الاقتصادي.
ومثل هذا المؤتمر العالمي سيظل منطلقًا لجميع قادة الفكر في السعودية؛ لقدرته على جمع خبراء أمن المعلومات والفاعلين في هذا القطاع، وكل من يسهم في تشكيل مستقبل أمن وسلامة المعلومات محليًّا.
وباعتبارنا شركة ذات مصداقية في هذا القطاع، يمكنني القول إن وجودنا في هذا المؤتمر يعد مهمًّا بالنسبة لنا، ولجميع الأطراف المشاركة الأخرى فيه؛ لطرح آخر التحديثات المتصلة بتقنية "صفر ثقة"، وبالصورة التي تحقق احتياجات السعودية والمنطقة بعامة.
وتأتي شركة سايبر بوليجون، وهي عبارة عن مبادرة أطلقتها شركة BI.ZONE الأم؛ لتقديم خدمات التدريب عبر الإنترنت لتعزيز المرونة فيما يتعلق بأمن وسلامة المعلومات.
وتركز هذه المبادرة على عمليات تطوير وتدريب العاملين في مجال أمن وسلامة المعلومات كأولوية أساسية في الاقتصاد الرقمي اليوم.
ومع تعقُّد طبيعة الهجمات الإلكترونية فإن الحاجة للتدريب المستمر وتبادُل المعلومات بات ضروريًّا؛ ولهذا ستعمل الشركة على التعامل مع هذا الأمر من خلال تقديم تدريب يعزز مهارات العاملين في مجال أمن المعلومات، وبخاصة في السعودية.
وطبقًا لما قررته رؤية 2030 حول تطوير الموارد البشرية، مع النقص الحاصل في أعداد الخبراء العاملين في مجال أمن المعلومات، الذي قارب 4 ملايين خبير، بحسب أرقام المنتدى الاقتصادي العالمي، فسوف يكون لجهود الشركة في هذا الإطار دورٌ كبيرٌ من خلال تصميم دورات تدريبية قائمة على أحدث التقنيات المستخدمة ضمن سيناريوهات تجري في العالم الحقيقي؛ لتمكين المتدربين من تعزيز مهاراتهم العملية في مواجهة الهجمات الإلكترونية.
ولفت ديميتري سامارتسيف، الرئيس التنفيذي لشركة BI.ZONE، إلى المشاركة مع مؤتمر أمن المعلومات لدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 2024 لاستضافة شركة سايبر بوليجون، التي تعد أكبر شركة دولية متخصصة في التدريب على أمن المعلومات.
وخلال المؤتمر سوف نقوم بعرض سيناريو يقوم على اصطناع هجوم إلكتروني حقيقي على إحدى شركات التكنولوجيا. وهذا السيناريو مبنيّ على أساس سنوات من الخبرة في مجال التحقيقات المتصلة بالهجمات الإلكترونية والتكتيكات والأساليب والإجراءات التي يتبعها القراصنة اليوم.
وهنا أشير إلى أن أكثر من 250 شركة ومؤسسة من 50 دولة من دول العالم سجلت في هذه الدورة التدريبية، التي ستعمل - برأيي - على تعزيز المرونة تجاه التهديدات الرقمية داخل وخارج منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ومثل هذا التعاون يأتي في مرحلة مفصلية وحساسة؛ إذ كشف تقرير برايس ووتر هاوس كوبرز عن أن 79% من الشركات والمؤسسات تخطط لزيادة ميزانيتها المخصصة لحماية أمن وسلامة المعلومات في عام 2024، والتركيز على تحديث البنية التحتية التقنية، ومضاعفة الاستثمارات الحالية.
وبالتوازي مع هذا الأمر، فإن التعاون المنشود ببين الأطراف المشاركة في المؤتمر سوف يكون له الدور الأكبر في تعزيز بيئة المعلومات وسلامتها في السعودية، والإبقاء عليها في وضع مرن وصامد في وجه التهديدات الرقمية المتنامية.