كشفت استشارية طب النوم بمركز طب وبحوث النوم بمستشفى جامعة الملك عبدالعزيز بجدة الدكتورة رنيا الشمراني أن أكثر من ثلثي النساء يعانين من سوء نوعية النوم خلال الأشهر الستة بعد الإنجاب، وقد يعانين من مشاكل في النوم لفترة أطول.
وأوضحت "الشمراني" أن الاستيقاظ والتغذية الليلية ليسا وحدهما المسبب للشعور بالإرهاق والإحباط وعدم القدرة على العمل بشكل طبيعي، بل في فترة ما بعد الولادة يعاني العديد من الأشخاص أيضًا من الأرق، وهو اضطراب في النوم يجعل من الصعب الدخول والاستمرار في النوم، فالأيام والأسابيع والأشهر التي تلي الولادة هي أوقات تغيير كبير جسديًا وعقليًا وعاطفيًا، فالتغيّرات التي تحدث خلال هذا الوقت يمكن أن تؤثر على النوم، وتسهم في الأرق بعد الولادة.
وقالت: "صعوبات النوم شائعة أثناء الحمل خاصة خلال الثلث الثالث من الحمل عندما يتداخل عدم الراحة وحرقة المعدة والحاجة إلى التبول بشكل متكرر، ونتيجة لذلك تستمر السلوكيات الإشكالية وأنماط التفكير المتعلقة بالنوم أثناء الحمل إلى فترة ما بعد الولادة.
وتابعت: يحتاج الأطفال الجدد عادةً إلى التغذية كل ساعتين إلى ثلاث ساعات، مما يعني أن الأمهات يعانين من اضطرابات كبيرة في النوم، ويمكن أن يؤدي النوم لفترات قصيرة وبجدول زمني غير منتظم إلى تعطيل إيقاعات الساعة البيولوجية للشخص، وشعور الشخص بالنعاس عندما يريد أن يكون مستيقظاً، ومستيقظًا عندما يريد النوم، ولفتت إلى أن النساء يعانين من تقلبات كبيرة في هرموناتهن بعد الولادة بما في ذلك انخفاض مستويات البروجسترون والإستروجين، إذ يسهّل البروجسترون الاسترخاء والنعاس، بينما يقلل هرمون الإستروجين من مقدار الوقت المستغرق للنوم وعدد المرات التي يستيقظ فيها الشخص في الليل، لذلك قد يؤدي انخفاض هذه الهرمونات إلى مشاكل النوم بعد الولادة.
وأضافت: يبدو أن الألم والأرق لهما علاقة ثنائية الاتجاه خلال فترة ما بعد الولادة، فالعديد من الأمهات يعانين من الألم المرتبط بالولادة والرضاعة الطبيعية، وتقديم الرعاية، وهذا الألم يمكن أن يجعل النوم أكثر صعوبةً، ولكن يبدو أيضًا أن الأرق يزيد من فرص إصابة الشخص بألم جسدي في العامين التاليين للولادة، خاصةً عندما يقترن بأعراض الاكتئاب، كما أن السيدات اللاتي يعانين من مشاكل النوم في فترة ما بعد الولادة لديهن خطر متزايد للإصابة بالاكتئاب والقلق، وعلى العكس من ذلك يمكن أن تؤدي اضطرابات المزاج بعد الولادة إلى تفاقم أعراض الأرق، وهذا يمكن أن يخلق دورة مستدامة ذاتيًا، وأيضًا قد تعاني الأمهات اللاتي عانين من حالات الحمل أو الولادة المؤلمة من مشاكل في النوم تتعلق باضطراب ما بعد الصدمة.
وعن مواجهة هذه المشكلات عند السيدات، قالت "الشمراني": إن هناك العديد من الخطوات التي يمكن اتخاذها في المنزل لتقليل تأثير صعوبات النوم التي تصاحب الأمومة المبكرة وحتى منعها، خاصة في الأشهر القليلة الأولى بعد الولادة؛ وهي: محاولة النوم عندما ينام الطفل، حتى أثناء القيلولة إذا كانت السيدة قادرة على ذلك، فيجب التوجه إلى الفراش مبكرًا عدة مرات في الأسبوع، أيضًا عدم التردد في طلب المساعدة من شريك الحياة أو أحد من أفراد الأسرة خلال فترة الليل أو لمشاهدة ومتابعة الطفل أثناء قيلولة النهار.
وأكملت: بجانب ذلك قد يساعد التعرض لأشعة الشمس وممارسة الرياضة على الشعور بمزيد من اليقظة في الصباح، والنوم بشكل أفضل في الليل، مع الحرص على تجنب الكافيين في وقت متأخر من اليوم، فمن المعروف أن الكافيين يتداخل مع النوم، كما أن فترة ما بعد الولادة تشهد العديد من التحديات، وبالتالي فإن التواصل والتحدث مع المختصين في طب واضطرابات النوم يساعد في الحد من الشعور بالوحدة، فكل هذه التدابير تفيد في تعزيز نوم السيدة عن طريق تقليل حدة التوتر.