أكد الدكتور حسن بن أحمد محمد الحازمي، الأستاذ المشارك في الكيمياء التحليلية الصيدلية بجامعة جازان، أهمية نتائج المؤشر المركّب، والحاجة إلى تطوير مؤشر سعودي لقياس توطين الأبحاث والابتكارات وجودة مخرجاتها.
وقال الحازمي في تصريح لـ"سبق": إن ظهور عددًا لا بأس به من باحثي الجامعات والمراكز البحثية السعودية في القائمة المحدّثة لأول 2% من علماء العالم، يُعد إنجازًا نفتخر به جميعًا؛ لأنه يدل على جاهزية قطاع البحث والتطوير والابتكار من الموارد البشرية عالية الخبرة والبنية التحتية المناسبة على المستوى الوطني، وقدرته على المنافسة إقليميًّا ودوليًّا. وهذا لم يكن ليتحقق لولا الرعاية والاهتمام والدعم المتواصل لمنظومة البحث والتطوير والابتكار من قِبَل مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- وسمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -أيده الله- من خلال البرامج النوعية التي أطلقتها وزارة التعليم في مجال البحث والتطوير والابتكار.
وأضاف أن القطاع شهد مؤخرًا تحولًا كبيرًا؛ حيث أعلن الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس اللجنة العليا للبحث والتطوير والابتكار -حفظه الله- عن الطموحات والأولويات الوطنية لقطاع البحث والتطوير والابتكار في المملكة العربية السعودية للعقدين المقبلين، والمتماشية مع توجهات رؤية المملكة 2030 لتعزيز اقتصادها، ولتصبح رائدة في مجال البحث والابتكار. كما تم إنشاء هيئة تنمية البحث والتطوير والابتكار؛ حيث ستعمل على تمكين القطاع من حيث التشريع والتنظيم والتمويل.
وتابع الحازمي: لذا فإن توطين الأبحاث والابتكارات مطلب وطني مستدام، وعلى الجهات الأكاديمية والبحثية الاهتمام أكثر بتوطين الأبحاث والابتكارات واستدامتها وفق خطط مدروسة. ولقياس توطين الأبحاث والابتكارات وجودة مخرجاتها، يمكن الاستفادة محليًّا من فكرة المؤشر المركّب المبتكر بجامعة ستانفورد لاستحداث مؤشرات سعودية لقياس توطين الأبحاث والابتكارات ومخرجاتها. فعلى سبيل المثال، تجربة احتساب المخرجات التي يكون مؤلفها (مبتكرها) الأول والأخير، و70% على الأقل من عدد المؤلفين (المبتكرين) ينتمون إلى جهة أو جهات وطنية سعودية (حكومية أو خاصة) + للابتكار (الاختراع) يجب أن يكون المالك جهة أو جهات وطنية سعودية، ويعلن عن نتائجها سنويًّا لتحفيز واستدامة توطين الأبحاث والابتكارات في المملكة.
وقال الحازمي إنه في العاشر من أكتوبر 2022م تم تحديث قائمة أول 2% من علماء العالم الناتجة عن تطبيق مؤشر مركب Composite Indicator (c-score) المبتكر من باحثين بجامعة ستانفورد. وقد انتشر صدى هذه القائمة في الأوساط البحثية محليًّا وعالميًّا، ودار حولها نقاشات وآراء متباينة؛ موضحًا أسباب نشأة المؤشر المركب لقياس النتاج البحثي الفعلي للباحثين وزيادة سمعته عالميًّا ومدى صحة ودقة نتائجه، وكيفية الاستفادة منه لاستحداث مؤشر سعودي لقياس توطين الأبحاث والابتكارات وجودة مخرجاتها.
وأوضح أن هذا المؤشر نشأ بناء على حاجة ماسة لتقييم مخرجات وجهود الباحثين الفعلية بشكل صحيح ودقيق؛ وذلك لسبب رئيسي وهو تطور الأبحاث متعددة المجالات multidisciplinary research وزيادة النشر فيها؛ وبالتالي زيادة أعداد المؤلفين في النتاج العلمي الواحد وخاصة الأبحاث الأصيلة وأبحاث المراجعة بنسب مشاركة متفاوتة.
وأكمل: ومن المتعارف عليه عالميًّا بين أوساط الباحثين أن نسبة المشاركة الأعلى (قد تصل إلى أعلى من 70%) للمؤلف الأول والمؤلف الأخير وفق ترتيب المؤلفين في الورقة العلمية؛ بحيث يكون المؤلف الأول هو من أنجز البحث من حيث: (جمع المعلومات، وإجراء التجارب، وتحليل البيانات ومناقشتها، وكتابة الورقة العلمية) تحت إشراف كامل من المؤلف الأخير (مشرف)، أما فكرة البحث فقد تكون من أحدها، ليتم إضافة المؤلفين الآخرين حسب طلب المساعدة من المؤلف الأول أو الأخير؛ كإجراء بعض التجارب النوعية أو التكاملية ومراجعة المخرج وتحسينه ونحوه.
وتابع: ونظرًا لعدم وجود مؤشرات لقياس المخرجات والجهود الفعلية للباحثين من نتاجهم البحثي الكلي؛ حيث يعتمد مؤشر H-index على قياس الإنتاجية البحثية للباحثين كمًّا ونوعًا ووضع جميع المؤلفين في الورقة البحثية الواحدة بشكل متساو وتجاهل نسبة المشاركة الأعلى للمؤلف الأول والأخير. بعد ذلك ظهر مؤشر Hm-index وهو H-index؛ ولكن باستخدام عامل القسمة على عدد المؤلفين وتجاهل نسبة المشاركة الفعلية لكل مؤلف في البحث ومن هنا، قام باحثون من جامعة ستانفورد بابتكار مؤشر مركب صارم من ستة مؤشرات وهي: مؤشر الاستشهادات الكلية ومؤشر Hm-index ومؤشر H-index وثلاثة مؤشرات تختص باستشهادات الأوراق التي ساهم فيها الباحث بشكل كبير؛ على أن يكون فيها مؤلفًا منفردًا أو مؤلفًا أول أو مؤلفًا أخيرًا (مشرف) بتنسيق خاص مذكور في الورقة المنشورة، مع استبعاد الاستشهادات الذاتية (self-citation).
وأوضح الحازمي أن استخدام هذا المؤشر المركب أدى إلى قياس أصح وأدق للمخرجات والجهود الفعلية لكل مؤلف، وقوبل باستحسان المجتمع البحثي المتميز من قيادات وأفراد على مستوى العالم.
جدير بالذكر أنه بعد تطبيق المؤشر المركب، ظهر كثير من العلماء الحاصلين على جوائز نوبل في القائمة المستخلصة لأعلى 2% من علماء العالم مقارنةً بالمؤشرات التقليدية (أمثلة: الاستشهادات الكلية وHm-index وH-index.
وكشف الحازمي في تصريحه عن أسباب انتشار القائمة المحدثة لأول 2% من علماء العالم؛ مبينًا أن القائمة هي نتاج تطوير لمؤشر مركب من خلال البحث العلمي الرصين، ومعتمدةً على قواعد بيانات موثوقة وواسعة (سكوبس).
وأشار إلى إبداع باحثي ستانفورد بانتهاز فرصة عدم وجود بديل للمؤشر المركب حاليًا لقياس إنتاجية الباحثين الفعلية، واعتبار المؤشر المركب هو الأكثر صرامةً لتقييم جهود الباحثين المتميزين في مختلف التخصصات.
كما تَحدث عن تداخل نتائج المؤشر المركب مع مؤشرات البحث والابتكار المطلوبة لتصنيف الجهات الأكاديمية والبحثية عالميًّا وإقليميًّا. ولهذا قد يساعد الجهة على التنبؤ بحالة معاييرها البحثية والابتكارية، ومدى توفر الكفاءات البشرية فيها.