"وبالُ العلم بلا عمل كمنْ يَحملُ أسفارًا".. تحذيرات إلهية في "كِتابه الكريم".. عظةٌ وعبرة

في حلقة "سبق" الرمضانية الـ25 من "هدايات قرآنية" مع الباحث "الذكري"
"وبالُ العلم بلا عمل كمنْ يَحملُ أسفارًا".. تحذيرات إلهية في "كِتابه الكريم".. عظةٌ وعبرة

وصفَ اللهُ في كتابه الكريم حالَ من وصله العلم وأخذه ولم ينتفع به كالحمار يحمل أسفارًا ولا يعلمها ولا ينتفع بها، كما بيّن اللهُ علوَّ قدر المسلم واختياره له دين الإسلام ونزّهه عن الديانات الأخرى التي يعيش أصحابها في هاوية الخرافات والتحريفات، كما حثَّ في كتابه الكريم على فضيلة العمل بالعلم وأنه هو الأصل الذي يُمدح فيه أصحاب العلم.

"سبق"، وعبر برنامجها الرمضاني "هدايات قرآنية"، تستضيف طوال الشهر الكريم، الباحث الشرعي في الدراسات القرآنية "محمد الذكري"، وتستنبط منه بعضًا من أسرار ومعجزات القرآن الكريم، وتُقدّمها للقارئ عبر سلسلة ومضات يومية لمختارات من بلاغات الإعجاز الإلهي في الأمثال القرآنية.

يحمل أسفارًا

بدأ ضيفُ الحلقة "الذكري" حديثه بقوله تعالى: "مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ۚ بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ". وأشار بقوله: ضرب الله هذا المثال في بيان حال من وصله العلم وأخذه ولم ينتفع به، فصار مثله كمثل الحمار الذي يحمل فوق ظهره أسفارًا -أي كتبًا- وهو لا يدري ما هي، فضلًا عن الانتفاع بها، فبقي على تكذيبه بآيات الله؛ فكان ظالمًا لنفسه بعدم القيام بحق صدق العبودية لله؛ قال السعدي، رحمه الله: "فهذا مثل علماء اليهود الذين لم يعملوا بما في التوراة، الذي من أجلّه وأعظمه الأمر باتباع محمد صلى الله عليه وسلم، والبشارة به، والإيمان بما جاء به من القرآن، فهل استفاد من هذا وصفه من التوراة إلا الخيبة والخسران وإقامة الحجة عليه".

وَبالُ العلم بلا عمل

وأضاف الباحث الشرعي في الدراسات القرآنية: نستنتج من المثل الإلهي السابق فوائد عدة؛ منها: العلم بلا عمل وبال على صاحبه في الدنيا والأخرة، وجاء الذم فيمن هذه حاله: "أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ"، وفي قوله: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ"، قال ابن الجوزي، رحمه الله: "ليس بمجرد صورته هو النافع، بل معناه، وإنما ينال معناه من تعلمه للعمل به، فكلما دلّه على فضل اجتهد في نيله، وكلما نهاه عن نقص بالغ في مباعدته، فحين إذن يكشف العلم له سره". وكذلك قال الناظم: "وعَالِمٌ بعِلمِهِ لَمْ يَعْمَلَنّْ *** مُعَذَّبٌ مِنْ قَبْلِ عُبَّادِ الوَثَنْ".

وواصل حديثه عن الفوائد القرآنية بقوله: وجوب تربية النفس على المبادرة بتطبيق ما نتعلمه من أوامر الشريعة وترك النواهي، ومن اعتاد على شيء سهل عليه، فكيف إذا كان عبودية لله سواء فعلًا أو تركًا:

والنفسُ كالطفل إنْ تهملْه شبّ على ***‏حُبّ الرضاع وإن تفطمه ينفطـــــمِ

هاوية الخرافات

وختم الباحثُ "الذكري" حديثَه عن الاستنتاجات القرآنية: علو قدر المسلم عند الله؛ فقد اختار "إنّ الدين عند الله الإسلام"، بخلاف الديانات الأخرى فقد هوى أصحابها في هاوية الخرافات والتحريفات والاستهزاء.

وأضاف في خاتمته: فضيلة العمل بالعلم، وأنه هو الأصل الذي يُمدح فيه أصحاب العلم؛ كقوله، تعالى:

"يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَات".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org