كشف أستاذ المناخ بجامعة القصيم "سابقاً"، مؤسس ورئيس لجنة تسمية الحالات المناخية المميزة في السعودية "تسميات" الدكتور عبدالله المسند، عن العوامل التي تؤدي إلى تسبب موجات الحر في القتل بأوروبا، بينما لا تقتل في الدول العربية.
وأوضح "المسند" عبر حسابه على "إكس": "لماذا موجات الحر تقتل في أوروبا، ولا تقتل في الدول العربية؟" من أكثر الأسئلة طرحًا عندما تؤثر موجات الحر على بعض الدول الأوروبية، على الرغم أن درجة الحرارة العظمى على أجزاء من أوروبا لم تبلغ شدة درجة الحرارة في العالم العربي.
وأضاف: "الوفيات جراء موجات الحر في أوروبا تكون في كبار السن والمرضى على وجه العموم، خاصة الذين يعانون من الأمراض القلبية أو الجهاز التنفسي، وبنسبة تصل إلى نحو 95% خاصة من تجاوز منهم عتبة 65 سنة، وأوروبا تحظى بشريحة واسعة من كبار السن، وشعوبها هرمة، علاوة على ذلك فكثير من كبار السن يسكنون منفردين في منازلهم دون رعاية؛ هذا من جهة".
وتابع: من جهة أخرى يعود سبب كثرة الوفيات هناك إلى 7 عوامل هي: "عدم تكيّف أجسام الأوروبيين مع درجات الحرارة العالية كما في المناطق العربية"، و"عدم وجود مكيفات أو حتى مراوح في كثير من المنازل الأوروبية خاصة منازل كبار السن".
وأردف معددًا العوامل: "المباني في أوروبا مصممة ابتداءً للحفاظ على التدفئة في الشتاء، ولم تصمم للحماية من موجات الحر، وتصميم الغرف على أن تكون مساحتها صغيرة؛ حتى تسهل تدفئتها في الشتاء القارس البرودة، وهذا يؤدي بالضرورة إلى أن تتعاظم درجة الحرارة المحصورة بالغرفة الصغيرة، مقارنة بحجم غرفة أكبر مساحة وأعلى سقفًا، حيث يولّد الإنسان وما حوله من أجهزةٍ حرارةً داخل الغرفة، علاوة على حرارة الحوائط والسقف، فتجتمع تلك المصادر الحرارية في حيز ضيق، فترتفع الحرارة بسرعة في الغرف الصغيرة أكثر من الغرف الكبيرة".
وبيّن أن "ارتفاع الرطوبة الجوية في الهواء بسبب الغابات، والأنهار، والبحيرات فضلًا عن المدن القريبة من السواحل، أو كونها دولة جزرية كبريطانيا، فإذا ارتفعت درجة الرطوبة في الأجواء متزامنة مع ارتفاع درجة الحرارة؛ فإن ذلك يؤدي إلى أن تضعف أو تتوقف عملية تبريد الجسم الذاتية عبر عملية التعرق؛ بسبب ارتفاع نسبة الرطوبة في الجو، وعندما تتجاوز درجة حرارة الإنسان 37.5 درجة مئوية؛ يصبح التعرق أقل فاعلية، عندها ترتفع درجة حرارة جسم الإنسان، فيشعر بالضيق، والإرهاق، والضغط النفسي، ومن ثم الإجهاد الحراري".
واستطرد: من العوامل "صفاء سماء أوروبا من الشوائب والعوالق الغبارية التي تحد من قوة الإشعاع الشمسي، كما هي في منطقتنا العربية"، و"سمك الغلاف الجوي في العروض العليا أقل من المناطق المدارية أو الاستوائية، وهذا العامل والذي قبله يعززان الشعور بلسعة الشمس، والإحساس بالحر صيفًا"، بالإضافة إلى "طول فترة النهار مقارنة بمناطقنا العربية، فالنهار في أوروبا في فصل الصيف أطول من نهار وسط السعودية -على سبيل المثال- بنحو 2-3 ساعات تقريبًا".
واختتم "المسند": "قد تكون كل أو بعض تلك العوامل سبباً للوفيات جراء موجات الحر في أوروبا.. هذا والله أعلم".