سيكون لدى الدول التي ستحضر قمة الأمم المتحدة للمناخ في شرم الشيخ هذا الشهر ما تتحدث فيه بشأن التحذيرات والأخطار المحدقة بكوكب الأرض من جراء التغيُّر المناخي، وانبعاثات الكربون، وارتفاع درجة الحرارة، وتأثيرات كل هذا على كل ما هو حي من إنسان ونبات وحيوان.
وتستضيف مدينة شرم الشيخ المصرية قمة المناخ 2022، في الفترة بين 6 و18 نوفمبر الجاري.
وتجمع الدول والمنظمات على أن تغيُّر المناخ يشكل أكبر تهديد للصحة. ويعكف مهنيو الصحة في العالم على التصدي للأضرار الصحية التي تسببها هذه الأزمة التي تتكشف معالمها يومًا بعد آخر.
وتهدد أزمة المناخ بنسف التقدم الذي أُحرز على مدى الأعوام الـ50 الأخيرة في مجالات التنمية والصحة العالمية، والحد من الفقر، وتهدد أيضًا بزيادة توسيع أوجه التفاوت في الصحة في أوساط الفئات السكانية، وهي تؤثر تأثيرًا سلبيًّا على تحقيق التغطية الصحية الشاملة بطرق شتى، منها زيادة تعقيد الأعباء الحالية للأمراض، ومفاقمة الحواجز القائمة أمام إتاحة الخدمات الصحية؛ ذلك أن أكثر من 930 مليون شخص (نحو 12 % من سكان العالم) ينفقون 10 % على الأقل من ميزانية أسرهم لتغطية تكاليف الرعاية الصحية.
ولما كان معظم أفقر الناس لا يستفيدون من تأمين طبي فإن الصدمات والضغوط الصحية تدفع بالفعل نحو 100 مليون فرد إلى براثن الأمراض، مع تفاقم هذا الاتجاه نتيجة لتأثيرات تغير المناخ.
ويؤثر تغيُّر المناخ على الهواء النقي، ومياه الشرب المأمونة، والغذاء الكافي والمأوى الآمن.. ويتوقع أن يسبب تغيُّر المناخ في الفترة من عام 2030 إلى عام 2050 نحو 250 ألف وفاة كل عام بسبب سوء التغذية والملاريا والإسهال والإجهاد الحراري.
ويُقدَّر أن تتراوح التكاليف المباشرة للضرر على الصحة بين 2 و4 مليارات دولار في العام بحلول عام 2030. وستكون المجالات التي تفتقر إلى البنية التحتية المتينة في مجال الصحة، ومعظمها في البلدان النامية، أقل قدرة على التعامل للحصول على مساعدة من أجل التأهب والاستجابة.
ويمكن أن يؤدي الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، من خلال تحسين خدمات النقل وخيارات الغذاء واستخدام الطاقة، إلى تحسُّن الصحة، ولاسيما من خلال الحد من تلوث الهواء.
وقد خلصت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيُّر المناخ إلى أن تفادي الآثار الكارثية على الصحة، ودرء حدوث ملايين الوفيات المرتبطة بتغيُّر المناخ، يقتضيان من العالم أن يحد من ارتفاع درجات الحرارة إلى أقل من 1.5 درجة مئوية. ونتيجة الانبعاثات السابقة بات ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى مستوى مُعيَّن، والتغيرات الأخرى التي طرأت على المناخ، أمرًا محتومًا، غير أن الاحترار العالمي حتى بمقدار 1.5 درجة مئوية لا يُعتبر آمنًا، وكل عُشر إضافي في درجة الاحترار الحراري سيُلحق أضرارًا خطيرة بحياة الناس وصحتهم.
يؤثر تغيُّر المناخ بالفعل على الصحة بطرق عديدة، منها التسبُّب في الوفاة والمرض نتيجة الظواهر الجوية المتطرفة التي تزداد تواترًا، مثل موجات الحر والعواصف والفيضانات وتعطُّل النظم الغذائية، وزيادة الأمراض حيوانية المنشأ والأمراض المنقولة بالأغذية والمياه والنواقل ومشاكل الصحة النفسية.. وإضافة إلى ذلك، يقوض تغيُّر المناخ العديد من المحددات الاجتماعية للصحة الجيدة، مثل سبل العيش والمساواة، وإتاحة الرعاية الصحية، وهياكل الدعم الاجتماعي.. كما تؤثر مخاطر تغيُّر المناخ على صحة أكثر الفئات ضعفًا وحرمانًا، بمن في ذلك النساء والأطفال والأقليات الإثنية والمجتمعات الفقيرة والمهاجرون أو المشردون وكبار السن، والأفراد الذين يعانون ظروفًا صحية كامنة..
ورغم أن تغيُّر المناخ يؤثر تأثيرًا واضحًا على صحة الإنسان فإنه يظل من الصعب تقدير حجم وتأثير العديد من مخاطر تغيُّر المناخ على الصحة على نحو دقيق.
ومع ذلك فإن أوجه التقدُّم العلمي تتيح لنا تدريجيًّا نِسَب الزيادة في معدلات الاعتلال والوفيات المرتبطة بالاحترار الناتج من أنشطة بشرية، وتحديد المخاطر التي تنطوي عليها هذه التهديدات الصحية ونطاقها على نحو أدق.