الزاهد "محمد العليِّط".. 95 عاماً في ربوع الكتاب والسنّة.. غاب الجسد وبقي الأثر

قضى حياته في التعليم والعبادة ملازماً مسجده ودروسه
الزاهد "محمد العليِّط".. 95 عاماً في ربوع الكتاب والسنّة.. غاب الجسد وبقي الأثر
تم النشر في

شيعت الجموع الغفيرة من المصلين في القصيم الشيخ الزاهد محمد بن سليمان العليِّط، ليغيب جسده ويبقى أثره ممتداً إلى حين، بعد أن عاش 95 عاماً في ربوع الكتاب والسنة النبوية طالباً ثم مفسراً.

والشيخ "العليط" هو أحد العلماء الزهاد في مدينة بريدة، وُلد في عام 1351هـ، ونشأ في أسرة متواضعة بعد وفاة والده في صغره، واعتنت به والدته، وتولى طلب العلم، ثم تدرج وتخرج بالمعهد العلمي في بريدة عام 1372هـ، حيث تتلمذ على يد كبار العلماء في المنطقة.

بدأ الشيخ تعليمه في وقت مبكر، واستمر في تعليم طلاب العلم لعقود، وكان نقياً بعيداً عن الفرق والتوجهات الأخرى، أو المصادمات والمناظرات، ومن أبرز أساتذته: الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي السعودية الأسبق، والشيخ عبدالله بن محمد بن حميد القاضي الأسبق لمنطقة القصيم، والشيخ محمد بن صالح المطوع أحد علماء بريدة المعروفين، والشيخ صالح بن عبدالرحمن السكيتي.

وجلس الشيخ للتعليم مبكراً، فبدأ بتدريس صغار الطلبة في مسجد ناصر جنوب جامع بريدة الكبير، ثم خلف شيخه العلامة عبدالله بن حميد في التدريس في الجامع الكبير بعد انتقال الشيخ إلى مكة لرئاسة شؤون الحرمين، ثم انتقل بعد عمارة الجامع الجديدة إلى مسجد الشيخ صالح المطوع شرق سوق الخضار، واستمر فيه قرابة 47 سنة.

وعُرف عن الشيخ محمد العليط أنه كان يجلس في مسجد "المطوع" شرق سوق الخضار في بريدة، حيث يعقد ثلاث جلسات تعليمية يوميًا، تبدأ من بعد صلاة الفجر وحتى بعد صلاة العشاء، وكان طلاب العلم يجلسون حوله ليقرأوا عليه القرآن وكتب الحديث وكتب أئمة السلف، وكان معروفًا بتواضعه وزهده، حيث كان يشرح بهدوء وبكلمات معدودة، ولكنها مليئة بالحكمة والنفع.

وقرأ بين يديه الطلبة كتباً متنوعة، خاصة كتب السلف في التوحيد والعقائد، وكتب التفسير والفقه واللغة العربية، وكتب الحديث كالصحيحين والسنن والمسانيد، والمتون العلمية وشروحها، وكتب الزهد والوعظ.

وكان الشيخ "العليط" من العلماء الزاهدين في الدنيا، حيث لم يكن ينشغل بأمور الدنيا والماديات، مجانباً كثرة المخالطة والخوض في أمور الناس.

وقضى حياته في التعليم والعبادة، ملازماً مسجده ودروسه، لا يتركها إلا لحج أو عمرة، بل كانت له مواقف وقصص كثيرة تعكس زُهده وورعه، وكان يُوصي دائماً بالتزام العلم والابتعاد عن مغريات الدنيا.

واهتم الشيخ بالتأليف، وراعى في موضوعات مؤلفاته ما يحتاجه عامة الناس، فكتب في الوعظ والآداب وبعض الأحكام الفقهية وعلوم القرآن والسنن من مؤلفاته التيسير في علم أصول التفسير ومن أبرز مؤلفاته؛ التيسير في علم أصول التفسير، وتوضيح المنهج إلى أحكام الحج، والنصائح المفيدة في تحريم الغيبة والنميمة، ونصيحة المسلمين فيما جاء في الغش من العقوبة والتحريم، ومقتطفات من كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية، والفوائد البهية من كلام شيخ الإسلام أحمد بن تيمية، والتحذير من المسكر والنرد والورق، والتبر المسبوك من فرائد الفوائد في علم السلوك، ورسالة إلى المفتونين بالربا.

واستفاد من علمه عدد كبير من طلاب العلم الذين أصبحوا بدورهم علماء ومحدثين في المملكة وخارجها، وقد ظل الشيخ على هذا المنوال حتى وفاته، حيث أثرى المجتمع بعلمه وعبادته، وكان مثالًا حيًا للعالم الزاهد.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org