النعرة القبلية هي مفهوم يعني التمييز، أو التفرقة، أو الاستهزاء، أو الاحتقار بين القبائل أو العرقيات أو المناطق أو المذاهب أو الطوائف أو الأفكار أو السياسات، وهي ظاهرة مرفوضة شرعًا وعقلاً وأخلاقًا، وتهدد الوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي والتنمية الشاملة؛ لذلك فإن الدولة السعودية تحرص على مكافحة النعرة القبلية، ومنعها، ومعاقبة مرتكبيها بموجب الأنظمة والقوانين المعمول بها في السعودية.
ومن جانب قانوني، تحدَّث الدكتور زياد بن مسفر لـ"سبق" موضحًا بعض الأنظمة القانونية مبتدئًا بما نص عليه النظام الأساسي للحكم، وهو يكفل حق التقاضي والمساواة أمام القضاء للمواطنين والمقيمين في السعودية دون تمييز، كما ينص على أن المجتمع السعودي يقوم على أساس من الاعتصام بحبل الله، والتعاون على البر والتقوى، والتكافل فيما بينهم، وعدم تفرُّقهم. ويمنع النظام كذلك كل ما يؤدي إلى الفُرقة والفتنة والانقسام.
وأشار "ابن مسفر" إلى مشروع نظام مكافحة التمييز وبث الكراهية الذي يهدف إلى منع الاعتداء على أماكن أداء الشعائر الدينية، أو الإساءة إلى المقدسات المرعية، أو النيل من الرموز التاريخية المُشكِّلة للهوية الحضارية.. وحماية النسيج الاجتماعي من مخاطر التمييز بين أفراد المجتمع وفئاته في الحقوق والواجبات لأسباب عرقية، أو قبلية، أو مناطقية، أو مذهبية، أو طائفية، أو لتصنيفات فكرية، أو سياسية.
وبيَّن أن المنظم الجزائي وضع عقوبات لمن يخالف تلك التعليمات والأنظمة التي تحض على ذلك، كعقوبة الفصل بين أفراد الأسرة بسبب الانتماء القبلي، ونشر ما يبث روح الكراهية والبغضاء ويثير التعصب القبلي المقيت عبر وسائل التواصل، بما يعد مساسًا بالنظام العام؛ إذ يُعاقَب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات، وبغرامة لا تزيد على ثلاثة ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وذلك طبقا للمادة السادسة من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية.
وكانت إدارة التحريات والبحث الجنائي بشرطة منطقة الرياض قد قبضت على 10 مواطنين لتوثيقهم ونشرهم محتويات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تتضمن الدعوة للتجمع في مقهيَيْن؛ ما نتج منه إثارة نعرات قبلية بين عدد من الأشخاص.
وتعتبر هذه الأحكام القانونية خطوة مهمة في مواجهة النعرة القبلية في المملكة العربية السعودية عند تفعيلها بشكل صارم، ونشر الوعي بين المواطنين بأهمية هذه الأحكام.
وإضافة إلى الإجراءات القانونية، هناك العديد من الطرق الأخرى التي يمكن من خلالها مواجهة النعرة القبلية، والحفاظ على مكون الشعب السعودي ووحدته، منها: تعزيز التعليم؛ إذ يمكن للتعليم أن يلعب دورًا مهمًّا في نشر ثقافة التسامح والقبول بين أفراد المجتمع، وذلك من خلال تعزيز التعليم، ونشر الوعي بين المواطنين بأهمية الوحدة الوطنية، ورفض النعرة القبلية، والتركيز على الوحدة الوطنية في المناهج الدراسية، وذلك من خلال تدريس الطلاب مبادئ الوحدة الوطنية، وأهمية رفض النعرة القبلية، وتنظيم حملات توعية إعلامية، وذلك من خلال استخدام وسائل الإعلام المختلفة؛ لتوعية المواطنين بأهمية الوحدة الوطنية، ورفض النعرة القبلية.
واختتم "ابن مسفر" حديثه قائلاً: "يجب تعزيز دور المؤسسات الاجتماعية والثقافية، من خلال دعم المؤسسات الاجتماعية والثقافية التي تعمل على نشر ثقافة التسامح والقبول بين أفراد المجتمع. وتعتبر هذه الطرق مهمة في مواجهة النعرة القبلية، والحفاظ على مكون الشعب السعودي ووحدته، إلا أنه لا بد من تضافر الجهود من قِبل جميع الجهات المعنية؛ لتحقيق النتائج المرجوة".