يتطور العالم بوتيرة سريعة للغاية، ويومًا بعد يوم تتسع مساحات الأعمال والمجالات التي يدخل فيها الذكاء الاصطناعي، وبهمة الشباب العالية وعزيمتهم الماضية يقود سمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - تطوُّر مسيرة العمل في السعودية في كل المجالات، وعلى المستويات كافة. وبالطبع لم يكن مجال العمل الخيري والإنساني الذي تتميز به مملكة الرحمة والإنسانية ليغيب عن بال سمو ولي العهد وهو يقود السعودية لتتولى المكانة العالمية المرموقة التي تليق بها في جميع المجالات.
وبعد نحو عام من إنشاء الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي «سدايا» وجّه سموه الكريم بتطوير منصة (إحسان) لرقمنة العمل الخيري في السعودية، وتعزيز قيمه لدى جميع أبناء المجتمع، وتفعيل الدور التكاملي لـ«سدايا» مع الجهات الحكومية المختلفة، وتمكين القطاع غير الربحي، وتوسيع أثره، وتفعيل دور المسؤولية الاجتماعية في القطاع الخاص، والمساهمة في رفع مستوى الموثوقية والشفافية للعمل الخيري في السعودية.
وقد تم تكوين لجنة خاصة للإشراف على منصة إحسان. وهذه اللجنة تتكون من سبع وزارات، وأربع جهات حكومية، تعمل بكل تناغم، وبتكامل تام؛ للارتقاء بالعمل الخيري من خلال تحديد الأماكن الأشد احتياجًا؛ حتى يتم دعمها، وتقديم التبرعات لها بكل يسر وسهولة، وبسرعة عالية.
وتُعد منصة إحسان مكونًا رقميًّا، تقوم «سدايا» بإدارته وتشغيله مجانًا دون أي مقابل. وجميع التبرعات التي تصل إلى المنصة تذهب مباشرة إلى المستفيد النهائي منها بكل شفافية، وبالشكل اللائق الذي يحفظ كرامة المحتاجين. علمًا بأن هدف المنصة هو رفع كفاءة العمل الخيري في السعودية من خلال رقمنته، وتعزيز المسؤولية الاجتماعية للأفراد والمنشآت، والارتقاء بقيم البذل والعطاء، وتجسيد الانتماء الوطني الحقيقي من خلال المشاركة في الارتقاء بالعمل الإنساني، ومساندة الخدمات والبرامج والمنصات الوطنية المعنية بالتبرع على مستوى السعودية.
ومن خلال متابعتي لمجريات حملة (منصة إحسان) منذ انطلاقتها عرفت أن المنصة - كما أفاد القائمون عليها - لا تتعامل بشكل مباشر مع المستفيد النهائي من التبرعات، بل تتعامل مع الجهات الرسمية التي تتعامل هي بدورها مع هذا المستفيد. وتقوم المنصة من خلال ما يمتلكه بنك المعلومات الوطني في «سدايا» من بيانات بتحديد المواطن الأشد احتياجًا، وكذلك الأماكن الأكثر احتياجًا، على مستوى مناطق السعودية. ومن خلال الجهات الرسمية تصل المساعدات إلى المستفيد النهائي بالسرعة المطلوبة، وبالشكل اللائق.
في الحقيقة، كان مجال العمل الخيري في السعودية بحاجة إلى خطوة تقنية مهمة كالتي تمت. وبإذن الله تعالى سوف تصبح منصة إحسان نقطة تحول في مجال العمل الخيري، وسوف تكون نموذجًا رائدًا تقدمه السعودية للعالم، يحتذى به في كيفية تطويع التقنية لدعم فعل الخير، ورفع المعاناة عن المحتاجين، وتحسين جودة الحياة لجميع المواطنين.
ومن الأمور المبشرة ما أعلنه المسؤولون عن منصة إحسان من أن جميع التبرعات التي تصل إليها تذهب مباشرة إلى الأماكن الأشد احتياجًا داخل السعودية، وتُصرف بالكامل في المشاريع الخيرية والتنموية ذات الأثر المستدام في جميع مناطق السعودية الثلاث عشرة.
وفي الواقع إن هذه الخطوة المباركة، وهذا العمل الدؤوب، يعكسان بوضوح مدى اهتمام القيادة الحكيمة لمولاي خادم الحرمين الشريفين وسمو سيدي ولي العهد - حفظهما الله – بتطوير القطاع الخيري، وحرصهما على تلمس احتياجات المواطنين، وتطويع التقنية الحديثة للارتقاء بالعمل التطوعي، وحث الأغنياء والقادرين على البذل والعطاء، والإنفاق في سبل الخير، بما سيعود -بإذن الله تعالى- بالنفع على جميع أبناء المجتمع.