غداً السبت يكون معالي رئيس الهيئة العامة للرياضة الأستاذ تركي آل الشيخ، قد أكمل ستة أشهر في منصبه؛ حيث صدر الأمر الملكي الكريم بتعيينه رئيساً في 15 ذو الحجة 1438هـ.
مرّت ستة أشهر على وجود الرجل في كرسي قيادة المجال الأكثر صخباً وتجاذبات؛ أي 175 يوماً تُعادل 4200 ساعة أو 250.000 دقيقة.. وكتابة الرقم ليست اعتباطاً بقدر ما هي قياس حقيقي لعطاء مسؤول يضبط مواعيده بالدقيقة وتُحسب إنجازاته في كل ثانية من النهار أو الليل (ما شاء الله).
لن تستطيع أي إحصائية إنصاف المشهد، أو ملاحقة حركة التحديث المتسارع والتطوير المؤثر؛ فالتغيير الذي كان يستغرق سنوات لإقراره ثم يدور الجدل حوله سنوات مماثلة؛ صار يحدث بكل سلاسة دون مزايدات، أو نقاشات بيزنطية تؤجج الشارع الرياضي وتزيد الاحتقان.
نجح تركي آل الشيخ خلال فترة قياسية، في تحقيق قفزات هائلة سيسجلها التاريخ بحروف من ذهب؛ فالاتحادات الرياضية تَضَاعف عددها بشمولية مدهشة، والدوري السعودي عاد لمسماه الحقيقي، وارتفعت مكافآت البطولات أضعافاً مضاعفة، وموضوع المواليد تمت معالجته بحكمة، والبطولات العالمية في رياضات كالشطرنج والخيل والمصارعة وغيرها أصبحت واقعاً نعيشه، واتحاد الإعلام الرياضي صار كياناً قائماً، واللاعبون القدامى مع المدربين الوطنيين حظوا بالتكريم ووجدوا الاهتمام، ودخول العائلات للملاعب أضحى أمراً طبيعياً، وملفات كثيرة كديون الأندية والمنشآت وبيئة الملاعب وغيرها تجري معالجتها.
رئيس هيئة الرياضة حدد منهجيته العملية منذ البداية قائلاً:
"لا أرى إلا السيفين والنخلة"، وإذا كان قد تعامل بصرامة تامة مع ملفات التجاوزات متخذاً قرارات بالشطب والإيقاف والإحالة للجهات المختصة؛ فإنه في المقابل تعامَلَ مع ملفات أخرى بمنتهى الإنسانية والكرم، ولا ينسى المتابعون تسديد ديون الفنان حمدان شلبي، ولمسة الوفاء الحانية تجاه الفنان الكبير أبو بكر سالم في أواخر أيامه، وما لقيته أسر لاعبين مثل الخليوي ومبروك التركي وغيرهما من عناية، وكذلك تكريم اللاعب القدير سالم مروان، وأيضاً دعوة عدد من أبناء الشهداء لحضور كأس العالم في روسيا، ومواقف كثيرة غير معلنة.
هل تبدو الصورة وردية؟
إذا كان البعض يحكمون من خلال كرة القدم فقط؛ فقد لا تبدو عندهم كذلك؛ لأن حكمهم ربما يرتبط بالمنتخب الأول الذي بدوره يرتبط بالأندية والكل يعرف الإشكالات والتراكمات التي تعانيها منذ سنوات؛ أما إذا كان الحكم ينطلق من المفهوم الصحيح للرياضة ودورها في المجتمع؛ فالصورة بالتأكيد رائعة والمستقبل بمشيئة الله مبهج.
وإذا تجاوزنا الشأن الرياضي السعودي إلى المحيطيْن العربي والإسلامي؛ نجد أن ما حققه رئيس الاتحاد العربي لكرة القدم، رئيس اتحاد التضامن الإسلامي يكاد لا يصدق؛ برغم الفترة القصيرة التي تُقارب الثلاثة أشهر، ويكفي للدلالة على ذلك أن نشير إلى ما وجدته الرياضة في الكويت والعراق من دعم جريء قلَب المعادلات وأعاد لرياضة البلدين النبض، كذلك ما وجدته الرياضة الفلسطينية وما حصلت عليه المنتخبات العربية المتأهلة لكأس العالم من تكريم.
ستة أشهر في عمر الخطط والإنجازات تُعَد فترة قصيرة جداً؛ لكن رجلاً بطموحات وطاقة وإخلاص تركي آل الشيخ؛ يضخ فيها من روحه؛ مما يجعل الدقيقة الواحدة تعادل شهراً في حسابات الآخرين.