أكد البروفيسور أحمد أبو شايقة ، في حوار مع "سبق"، أن الجامعات السعودية العامة والخاصة مازالت بحاجة ماسة إلى نهضة قوية للتعليم التمريضي، وذلك ليواكب التطور الكبير عالميًا ومحليًا.
وتفصيلاً، أوضح "أبو شايقة" الحاصل على زمالة الأكاديمية الأمريكية للتمريض كأول سعودي؛ وفق ما أعلنته أكاديميةFellow of American Academy of Nursing (FAAN) أخيرًا، أن الرواتب أحد أهم المعوقات والتحديات التي تواجه التمريض، بالإضافة إلى عدم مشاركة أصحاب صنع القرار من قيادات التمريض في كثير من الأمور المتعلقة بهم، مبينًا أن أهم خطوات الحد من الأخطاء المهنية هي تكثيف البرامج التدريبية والتأمين على التمريض ضد الأخطاء المهنية.
وإليكم نص الحوار كاملاً:
هل تعتقد أن التأهيل العلمي للكوادر التمريضية في عدد من الجامعات السعودية بحاجة إلى تطوير وما مقترحاتك؟
يجب أن نؤمن ونعترف بأن التعليم التمريضي أصبح متطورًا بشكل كبير عن السابق وأن الجامعات السعودية أصبحت تتنافس بشكل دائم ومستمر على تأهيل وجودة الخريجين خصوصًا من الكوادر التمريضية وذلك لاجتياز الامتحان الذي وضعته الهيئة السعودية للتخصصات الصحية للممارسة التمريضية لأي خريج.
وبالتأكيد أننا مازلنا بحاجة ماسة إلى نهضة قوية للتعليم التمريضي في الجامعات السعودية الخاصة والحكومية ليواكب التطور الكبير عالميًا ومحليًا، فهناك حاجة إلى مزيد من كليات التمريض والتوسع في المجال أكثر. كثير من كليات التمريض ناشئة والطلب على الرعاية الصحية متزايد حيث يتم تزويدها بالدعم اللازم وكذلك الخبراء والمختصين لتصل إلى الطموح.
هناك من يشكك في جودة مخرجات بعض برامج التمريض والمعاهد والكليات الأهلية بالمملكة .. ما المعيار الحقيقي لقياس جودة هذه المخرجات؟
من وجهة نظري أن المعيار الحقيقي لقياس تلك جودة وتلك المخرجات يكمن في اجتياز امتحان الهيئة أولاً ورضا صاحب العمل ثانيًا، فمن المهم جدًا أن يكون هناك قياس لرضا المستشفيات والقطاعات الصحية عن مخرجات الجامعة خصوصًا في السنين الأولى من تعيين تلك المخرجات ليتم تقييمها وتحديد الاحتياجات التدريبية الصحيحة ومواكبة تلك الاحتياجات.
هل توجد خطط إستراتيجية لرفع مستوى جودة التمريض في المملكة؟
نعم هناك خطط إستراتيجية لرفع مستوى جودة التمريض تتبناها الكليات التمريضية، بالإضافة إلى الإدارات العليا المختصة في كل قطاع صحي مثل وزارة الصحة والحرس الوطني والخدمات الطبية بالقوات المسلحة والمستشفيات الأخرى سواء القطاع الحكومي أو الخاص وكذلك الهيئة السعودية للتخصصات الصحية ولقد قامت بالموافقة على إنشاء وتأسيس الجمعية السعودية للتمريض المهني والتي رأت النور بعد سنوات طويلة ولله الحمد هي الآن تحقق الكثير من المستهدفات وفق خطتها الإستراتيجية والتي سوف يكون لها أثر كبير في ممارسة المهنة مستقبلاً.
في أحد لقاءاتك طالبت بتعديلات في السلم الوظيفي والبدلات والرواتب للتمريض، ما الذي تقترحه على الجهات الصحية في هذا الجانب؟
من المهم جدًا على المنظمات المشرّعة أن تقوم بتحديث سلم رواتب التمريض ليتواكب مع تصنيف تخصصات التمريض خصوصًا في ضوء مخرجات المؤسسات التعليمية داخل وخارج المملكة ووضع حوافز مالية في تلك الرواتب توازي الجهود الكبيرة التي يبذلها التمريض في هذه الأقسام والتخصصات مثل تخصصات الإدارة التمريضية والتعليم وتخصصات تمريض الرعاية الحرجة.
ومن المهم التشديد على أن يتضمن ذلك التعديل صرف بدلات خاصة بالتمريض مثل بدل العدوى وبدل الخطر وزيادة نسب بعض البدلات أسوة بالأطباء علمًا بأن التمريض يعمل مع المرضى ويتعرض للأزمات والأوبئة والخطر أكثر من أي تخصص آخر في القطاع الصحي ومن هذا المنطلق ومن وجهة نظري أن يتم تعديل السلم الوظيفي للتمريض وليس فقط إضافة بعض البدلات.
حتى هذه الأيام مازلنا نرى الكوادر التمريضية الأجنبية في المستشفيات وبكثرة.. ما مسببات ذلك وكيف يتم إحلال المواطنين والمواطنات؟
ما زلنا بحاجة إليهم لوجود نقص كبير في الكوادر التمريضية الوطنية هذا باختصار الرد على رؤية التمريض غير السعودي في المنشآت الصحية وأسباب ذلك كثيرة ولكن أبرزها أن أعداد الخريجين من الكليات التمريضية في الجامعات من التمريض ما يزال بسيطًا ونحتاج إلى عشرات السنين حتى نقوم فعليًا بسعودة وتوطين قطاع التمريض في المملكة لهذا أرى أن يتم فتح كليات تمريضية جديدة وزيادة الطاقة الاستيعابية للقبول في كليات التمريض حتى نستطيع فعليًا في تقليص تلك المدة الزمنية لسعودة التمريض بالإضافة إلى حاجتنا الماسة إلى تمكين الخريجين من أبناء وبنات هذا الوطن في القطاعات الصحية الحكومية والخاصة ورفع الرواتب لأن هناك تسربًا كبيرًا من التمريض إلى وظائف أخرى بسبب قلة الرواتب مقارنة بحجم العمل، فالتمريض مهنة تحتاج إلى أن تزيد من الدعم على كل الأصعدة وعناية خاصة فهي مهنة تمتاز بالحساسية الشديدة وتحتاج إلى سلم وظيفي خاص بها يتميز عن باقي التخصصات بالتطور الوظيفي والتدريب والأجر العادل وساعات العمل زيادة الراتب الأساس بدل الندرة وبدل التفرغ والخروج من سلم العلوم الطبية حتى يتم تجاوز نظرة المجتمع وكذلك طبيعة الدراسة للتمريض تعاني بسبب محدودية المقاعد وأماكن التدريب تحد من الممارسة بالإضافة إلى الاحتراق الوظيفي أيضًا.
ما العوائق في طريق الكوادر الفنية التي تستدعي حلولاً عاجلة؟
الرواتب أحد أهم المعوقات والتحديات التي تواجه التمريض، بالإضافة إلى عدم مشاركة أصحاب صنع القرار من قيادات التمريض في كثير من الأمور المتعلقة بهم ولا شك أن نطاق الممارسة التمريضية أحد أهم المعوقات الحالية للكوادر الفنية وعدم وجود وصف وظيفي واضح للتمريض في المملكة في كثير من القطاعات.
الأخطاء المهنية في العمل الصحي تسجل أرقامًا متفاوتة وتنتهي بنتائج مأساوية أحيانًا ويتحمل الكادر التمريضي نسبة منها.. كيف تتم مواجهة ذلك؟
قد يكون التمريض أقل الكوادر الصحية نسبة في تلك الأخطاء وأكثر من يحد منها نظرًا لقربه الدائم من المريض وأيضًا لطبيعة عمل المهنة والمهارات والقدرات والسلوكيات التي يمتلكها منسوبو التمريض لأداء عملهم ومع هذا أرى أن أفضل خيار لمواجهة ذلك من خلال تكثيف البرامج التدريبية التأهيلية والمستمرة ومن خلال التأمين على التمريض ضد الأخطاء المهنية الطبية وتتحمل جهات التوظيف هذا التأمين وليس كادر التمريض الذي يطالب دائمًا بتحسين الرواتب والمميزات.
هل ترى أن الضغوطات التي يعانيها الكادر التمريضي بسبب عدم وجود عدد كافٍ لخدمة المرضى وطول وقت العمل الذي يصل إلى 12 ساعة تؤثر على جودة خدمة المرضى؟
لا شك في ذلك فهناك دراسات علمية كثيرة توضح وتبرز أهمية تحديد نسبة لعدد مرضى معين لكل مريض ونظرًا للعجز في الكوادر التمريضية وعدم وجود عدد كافٍ يؤثر كثير في جودة الخدمة المقدمة وفي جودة الحياة للتمريض فالتمريض يتعرض إلى ضغوط كبيرة قد تؤدي إلى الاحتراق الوظيفي والهروب من المهنة لهذه الأسباب.
هناك من يرى أن الضغط الذي يواجهه طالب الامتياز مقارنة بعدم مساواته براتب الموظف "استغلال".. ما رأيك بذلك؟
هناك حاجة ماسة فعلياً إلى رفع رواتب طلاب الامتياز من التمريض وتمكينهم من العمل في الأقسام التمريضية والسؤال هنا والذي نوجهه إلى المسؤولين في صنع القرار لماذا تم رفع مكافأة طبيب الامتياز فقط وليس التمريض؟
هل ترى أن وزارة الصحة والجامعات السعودية تفتح أبوابها بشكل كافٍ للكوادر التمريضية ليتمكنوا من مواصلة الدراسات؟
الجامعات فتحت أبوابها لاستقبال الكوادر التمريضية في كثير من برامجها خصوصًا في الدراسات العليا ومازلنا بحاجة إلى برامج تجسير لحملة الدبلوم في كل الجامعات بالمناطق، وأعتقد أن وزارة الصحة والقطاعات الأخرى تعمل جاهدة في منح موظفيها من الكوادر التمريضية الفرصة للدخول في تلك البرامج واقترح أن يكون هناك شراكات فعلية ذات مخرجات ملموسة بين القطاعات الصحية والجامعات في التطوير والتعليم على أن يتكون رصد وقياس مخرجاتها بشكل سنوي من قِبل وزارة التعليم ووزارة الصحة.
الممرض يواجه الكثير من الضغوطات وتصل إلى حد الإيذاء والضرب كما تم رصد الكثير من الحالات.. كيف ترى تعاطي الجهات الصحية مع هذا الملف؟
حكومتنا الرشيدة حفظت كل الحقوق للموظف وللمراجع وهناك حقوق رسمية معتمدة في كل منشأة صحية وآلية واضحة لمن يتعرض لمثل هذه المواقف وعقوبات معلنة من قِبل النيابة العامة عن ذلك ولا شك أن نشر الوعي مهم جدًا لتفادي الوقوع في مثل هذه الأمور.
قلت سابقًا أنه لا توجد بطالة في مهنة التمريض، وأن المستشفيات بحاجة إلى أكثر من 40 ألف ممرض وممرضة، هل يدل ذلك على نفور من تخصصات التمريض أم إجراءات قبول معقدة في الجامعات أم غير ذلك؟
قد لا نسميه نفورًا ولكن أعتقد بأننا بحاجة ماسة إلى تحسين بيئة عمل التمريض في القطاعات الصحية لكي يجد خريجو التمريض البيئة الصحية المناسبة لهم للعمل والإبداع.. هناك إقبال كبير من الطلاب والطالبات لدخول مهنة التمريض ولكن بعد التخرج يتعرضون إلى الصدمة من بيئة العمل التي قد لا توازي ما يطمحون له لهذا أرى بأن يتم تحسين تلك البيئة من خلال زيادة الرواتب واعتماد سلم رواتب مستقل للمهنة وزيادة عدد التمريض في المستشفيات وتنظيم نطاق الممارسة التمريضية وتعزيز مهنية التمريض من خلال تشجيع الكوادر التمريضية المتميزة وتحفيزها وإشراكها في صنع القرارات وذلك لتحقيق أفضل النتائج.