مسارنا اليوم في الحلقة التاسعة من زاوية "سبق"، التي تطلق فيها معالم المدينة المنورة، يتجه إلى مَعْلم مختلف، مليء بالأحداث التاريخية المرتبطة به.. وما يميزه أنه مَعلم حي، ما زال الناس يستفيدون منه. إنه بئر سيدنا عثمان بن عفان.
وتفصيلاً، يقول المهندس حسان طاهر، المدير التنفيذي لمتحف دار المدينة المنورة: هذه البئر من معالم السيرة النبوية الحية، وما زالت لليوم تروي ظمأ العِلْم والمعرفة في التاريخ، والأحداث الملهمة. ما زلنا ننبع منها الأحداث، ونستقي منها العبرات.. فيها كانت الدلالات، ومنها استفادت الغايات.. إنها بئر سيدنا عثمان بن عفان -رضي الله عنه-. هذه البئر التي اشتراها، وكان ثمن شرائها الجنة.
وأضاف: بئر عثمان من الآبار المأثورة، وتقع في وادي العقيق الصغير قريبًا من مجمع الأسيال، وحفرها رجل من مزينة، ثم آلت إلى رجل من بني غفار، ثم تملكها يهودي، حتى اشتراها سيدنا عثمان بن عفان بخمسة وثلاثين ألف درهم على أن له الجنة. ففي الحديث قال ﷺ: "من حفر رومة فله الجنة"، فحفرها عثمان.
وتابع: تعتبر بئر عثمان من أقدم الأوقاف الموجودة في العالم التي ما زالت تعمل إلى اليوم. فعندما أراد سيدنا عثمان شراء البئر أتى إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال أتجعل لي مثل الذي جعلت عينًا في الجنة إن اشتريتها؟ فقال الرسول ﷺ: "نعم"، فقال عثمان: "قد اشتريتها، وجعلتها للمسلمين".
وأفاد طاهر بأن البئر تقع اليوم على بُعد خمسة كيلومترات من المسجد النبوي الشريف في حي مأهول، يُعرف بحي الأزهري.
وأكد أن البئر تتميز بمكانة عالية بين المسلمين، وظلت شاهدة على الأفعال الكريمة التي حث عليها النبي ﷺ، وعلى الخدمات الجليلة التي قدمتها البئر للناس، وعلى فطنة سيدنا عثمان، وعلى الجزاء الكبير لمثل هذه الأعمال.