خبير تعليمي يستعرض خمسة أنماط صادمة ويؤكد حاجة المدارس لخطاب إيجابي

آل داود لـ"سبق": الخطاب السلبي يضعف ثقة المجتمع بالمدرسة ويؤثر على نواتج التعلم
خبير تعليمي يستعرض خمسة أنماط صادمة ويؤكد حاجة المدارس لخطاب إيجابي
تم النشر في

أوضح خبير تعليمي أن التواصل يمثل عملية ذات قيم وممارسات ومهارات عديدة، وتأتي أهميتها من أنه لا ينجح أي عمل إنساني بدونها، ومن تلك الممارسات: الخطاب اللفظي وغير اللفظي الموافق للمنطق وللصورة الذهنية الراسخة لدى المتلقي.

وتفصيلًا قال فواز بن محمد آل داود لـ"سبق": إن الصورة الذهنية لدى الإنسان تأتي معيارًا لتقييم أي موقف في الحاضر أو المستقبل، من حيث قبوله أو رفضه من المتلقي، وفي بدء العام الدراسي من كل عام تظهر بعض الآراء تجاه التعليم عامة أو عن وزارة التعليم أو إدارتها، أو عن المدرسة ومعلميها، تشير تلك الآراء بوضوح لبروز خطاب لا يتوافق مع الصورة الذهنية أو يخالف المتوقع.

واستعرض "آل داود" عددًا من النماذج التي تضمنت خطابًا صادمًا للمجتمع في نظره للمدرسة ومنها:

"درسوا عيالكم!"

في خضم عمليات التدريس وكثافة الأعمال الإدارية التي يقوم بها المعلم في اليوم الدراسي، فإنه يحتاج لمساعدة الأسرة وخاصة الوالدين، وهذا من الأمور المعتادة والمهمة، ولكن تبقى طريقة الطلب وأسلوب تشجيع الأسرة على الاهتمام بأولادها والقيام بدورها في إكساب أولادها المعارف والمهارات والقيم.

وعلّق الخبير التعليمي أن هذا يعيدنا لأغراض المجتمع من إنشاء المدرسة وتفريغ المعلمين كمهنيين يقومون بهذا الدور، كما أنه يتعارض مع الصورة الذهنية للمدرسة وخاصة حينما يطلب المعلم بشكل مباشر وعام من الأسرة أن (تعلّم المقرر) للطالب أو أن تجعله (يحفظ المقرر)، وهذا الطلب يتعارض مع دور المدرسة ودور المعلم؛ حيث إن هذه الأهداف وهذه العمليات (التعلم والحفظ) هي من صميم عمل المدرسة ومن صميم عمل المعلم لأنها مهنته ولأنها من تخصصه، ودور الأسرة مساند فقط ومساعد في أجزاء محددة.

ضعف الانضباط والانتظام الإداري لمنسوبي المدرسة

تمثل المدرسة قدوة ومثالًا حيًا للدقة والانضباط والانتظام، وقدوة في المحافظة على الوقت وتوزيعه بكفاءة ورشد، لذا يمثل العام الدراسي واليوم المدرسي عاملًا مؤثرًا على حياة الأسرة والمجتمع، وهذا مستقر في أذهان الناس. ولكن حينما يختل هذا المثال في مجمله أو في أحد مكوناته فإنه يصدم الفرد والمجتمع ويكون مستنكرًا ومستغربًا، ويراه الناس تصرفًا غير مقبول ويتنافى مع سمو التعليم ومكانة المدرسة.

ظهور الممارسات السلبية لدى منسوبي المدرسة

العاملون في التعليم عامة وفي المدرسة خاصة يتميزون بالاستقامة والسواء في الفكر وفي السلوك بشكل مجمل، وإلا لما سلّم المجتمع فلذات أكباده للمعلم وللمدرسة لتقوم بتشكيل شخصياتهم وأفكارهم، ولما أمنوا على أولادهم كي يمضوا كل تلك الساعات والأيام في محاضنهم وتحت سلطتهم. ومع ذلك، هناك أفراد من هذه الشريحة المحترمة يرتكبون أفعالًا وتصرفات شخصية مرفوضة لا يقبلها المجتمع، وبعضها ربما يصل إلى الجرائم التي يعاقب الإنسان عليها في الشرع أو النظام.

وتزداد خطورة هذه التصرفات حينما تكون أمام الطالب أو تكون موجهة للطالب، ومن أمثلة ذلك التدخين في محيط المدرسة أو مخالفة أنظمة المدرسة المتفق عليها، كالتلفظ بالسب والشتم تحت سمع الطلبة وبصرهم، أو فعل بعض التصرفات غير الأخلاقية أمامهم.

هدم شخصية الطفل بالضرب والتعنيف غير الإنساني

قد يضطر المعلم أن يعاقب أو يعنّف الطالب مبررًا ذلك بالغرض التربوي، وهذا موضوع شائك تجادل حوله المختصون وغيرهم، فهناك من يرفض التعنيف والضرب جملة وتفصيلًا، وهناك من يقبله بشكل عام، وهناك من يفصل في الرأي. ولكن الجميع -في ظن "آل داود"- متفقون على منع أي عقاب بدني أو نفسي ينال من إنسانية الطالب.

كما أن لأسرة الطالب أو مجتمعه رأيًا واضحًا وجليًا وهو الرفض التام لعقابه، بل إن عقاب الطالب البدني والنفسي له ردة فعل عنيفة ربما تجاوزت المشاعر إلى الفعل الانتقامي، لأن ذلك العقاب غير الإنساني هو صورة للخطاب الصادم من المدرسة لأسرة الطالب ومجتمعه؛ حيث خرجت المدرسة أو المعلم بهذا العقاب من موقع المعلم والمربي والمحضن الآمن إلى موقع المهدد والعدو الجلي للطالب، بخلاف الصورة الذهنية المعتادة لدى المجتمع.

ترك التدريس والحديث عن أشياء لا تمت للتعليم بصلة

خلال اليوم الدراسي تحدث أحداث عامة أو خاصة في مجالات متعددة، مثل الأحداث الرياضية أو السياسية أو الاجتماعية، وربما يحدث حدث خاص للمعلم. وهذه الأحداث تجعل المعلم لا ينفذ الجدول المدرسي فلا يحضر للصف المدرسي بتاتًا، أو حينما يحضر لا يدرس المقرر.

وفي أحوال عديدة يتحدث المعلم عن تلك الأحداث ويناقشها في الفصل أو خارجه مع بعض الطلبة، مع خروجها عن دائرة المدرسة أو المقرر. والطلبة في هذه الحالة يراقبون ويقيّمون الموقف ويتحدثون عنه مع بعضهم البعض أو مع هيئة المدرسة أو مع أسرهم، وفي ذلك التقييم يظهرون قدرة نقدية عميقة قد تستغرب منهم ولكن لا يمكن تجاوزها، حيث يكون في ذلك التقييم -الدقيق غالبًا- تقييم للمعلم ولوضعه النفسي والعقلي والسلوكي، وتقييم لعلاقة الموضوع بالمدرسة وبالمقرر، وتقييم لقدرة الإدارة التعليمية في المدرسة وخارجها على معالجة هذه التصرفات من المعلمين، ويقيّمون كذلك علاقتهم بالمعلم وكيفية تلافي الأذى المتوقع منه على ذواتهم وعلى دراستهم للمقرر.

نتائج هذا الخطاب الصادم

وأكد الخبير التعليمي "فواز آل داود" أن لهذا الخطاب الصادم آثارًا عديدة، ويأتي في مقدمتها فقدان الثقة في المدرسة أو المعلم، وتوتر علاقة المدرسة بالأسرة والمجتمع، وتكرر حدوث الأزمات الاجتماعية والقانونية والأمنية في بيئة المدرسة، وانخفاض مستوى نواتج التعلم بسبب انخفاض مستوى جودة الممارسات التعليمية والإدارية في المدرسة.

لذا يمكن اقتراح أن تقوم الإدارة التعليمية في المدرسة وخارجها بمراقبة خطاب المدرسة ومراقبة خطاب المعلم الموجه للطالب وللأسرة، ومعالجة أي خطاب صادم وأي خطاب خارج عن السياق.

واقترح إعداد خطاب مدرسي إيجابي ذي لغة توحي وتشير إلى الأهداف والأغراض التعليمية والمدرسية بوضوح وشفافية، وتسهم في تقوية العلاقة بين المدرسة والمجتمع، وتغذية الصورة الذهنية الأصيلة للمدرسة والمعلم، وتعزيز سمعة التعليم في المجتمع بما يضمن تحقيق أهداف كافة أصحاب المصلحة، ومنها أهداف برنامج تنمية القدرات البشرية ضمن رؤية المملكة 2030.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org