حاورت "سبق" أحد المتعافين من تعاطي المواد المخدرة والمستفيدين من خدمات "منزل منتصف الطريق" التابع لمجمع إرادة والصحة النفسية بالرياض الذي تحدث عن تجربته مع إدمان هذه الآفة المدمرة، وأبرز المحطات التي مرّ بها خلال رحلة إدمان بشعة دفعته للسرقة، كانت بداية مشواره مع هذه السموم هدايا متبوعة بنشوة عابرة وتأثير أصدقاء حتى فقد أسرته وانقطع تواصله بهم.
وتفصيلاً، قال المتعافي لـ "سبق" وهو يتحدث بنبرة ندم وحسرة: "عند وقوعي في التعاطي كنت أعتقد أنني سأجد السعادة والنشوة، فجلساء السوء كان لهم تأثير كبير في هذه الرحلة التعيسة، فبعد تخرجي من الثانوية كنت أريد تكوين صداقات وعلاقات مع الآخرين، حتى مع أشخاص خارج محيط الأقارب وأبناء الحي، ومن وقتها كنت أعيش لحظات السعادة التي اكتشفت في لحظة إدراك متأخرة أنها سعادة زائفة".
وأضاف: "منذ رحلتي في البحث عن تكوين العلاقات والصداقات وجدت نفسي محور اهتمام هؤلاء الأصدقاء وتأتيني منهم الهدايا والذهاب في الرحلات، حتى وصل الأمر لسحبي معهم في عالم الإدمان، تخيل تأتيني هدية مادة مخدرة، ولأنني كنت أعيش في عالم من اللاوعي بسبب طموحي بالبحث عن صداقات قبلت تلك الهدية دون تردد، وكانت النتيجة إدماني عليها".
وأردف: "ولأن عالم الإدمان؛ كما فهمته لاحقاً؛ يجر بعضه بعضاً تماديت في غياهبه وعالمه الموحش وأصبحت أُجرّب من مادة مخدرة إلى أخرى، حتى تعاطيت الكثير منها، مثل الكبتاجون والحشيش والشبو وغيرها، فكانت رحلة مؤلمة ما زلت أشعر بألمها حتى الآن".
وتابع المتعافي:"خلال رحلة التعاطي البائسة فقدت ثقة أهلي وأقاربي، وكنت منبوذاً منهم، فانقطعت علاقتي بهم، ولأن المخدرات كانت تطلب المال الذي لم يعد متوفراً لدي اضطررت للسرقة دون وعي مني حتى أحصل على المخدر، ووقعت في الكثير من المشاكل والقضايا التي دمرت مستقبلي".
وعن سبب طلبه للعلاج، قال: "كنت أتعاطى مع أحد أصدقاء السوء المواد المخدرة ومنها مادة الشبو، ثم ذهبت للمنزل، وفي اليوم الثاني ذهبت للمكان الذي تناولنا فيه فلم أجده، وخلال عودتي وجدت شخصاً يترنح في الشارع حافي القدمين بملابس ممزقة متسخة يحادث نفسه ويرفع يديه وكأنه يتحدث مع شخص آخر".
وزاد:"وعندما اقتربت منه كانت المفاجأة بأنه صديقي الذي تعاطيت معه بالأمس، فجأة وفي لحظة إدراك لا أعلم كيف وصلتني قلت لنفسي هل سيحدث لي مثل هذا؟ لابد أن أتدارك صحتي، وبالفعل دخلت مجمع إرادة وطلبت العلاج وخضعت لبرامج زيادة الدافعية ووجدت التحفيز للاستمرار في التعافي والحمد لله على فضله سخر لي من يقف معي لأعود لحياتي من جديد".
واختتم قصته برسالة للمدمنين:"كن على ثقة أن نهاية المخدرات معروفة فهي إما ذهاب عقل وجنون أو سجون أو موت، إذا لم ينقذ الإنسان نفسه ويطلب العلاج ويبدأ رحلة التعافي، المخدرات بكل أنواعها تدمر الإنسان وأسرته وقد رأينا الذي يحرق أخاه ويحرق أمه ويقتل أباه وينحر صديقه بأبشع الطرق، نصيحتي لكل مدمن أن ينقذ نفسه قبل الوصول لهذه المراحل وليبادر ويطلب العلاج وتكون عنده الإرادة والشجاعة".