بدعوة من السعودية.. "التعاون الإسلامي" تعقد اجتماعًا طارئًا لمناقشة تطورات الأوضاع بالسودان

بدعوة من السعودية.. "التعاون الإسلامي" تعقد اجتماعًا طارئًا لمناقشة تطورات الأوضاع بالسودان

بدعوة من المملكة العربية السعودية، رئيس القمة الإسلامية رئيس اللجنة التنفيذية للمنظمة، عقدت منظمة التعاون الإسلامي بمقرها في جدة اليوم اجتماعًا طارئًا للجنة التنفيذية مفتوح العضوية؛ وذلك لبحث الأوضاع في السودان.

واستهل الأمين العام للمنظمة، حسين إبراهيم طه، الاجتماع بكلمة أكد فيها أن المنظمة ستعمل بتوصيات الدول الأعضاء، بما في ذلك إمكانية إرسال وفد رفيع المستوى إلى السودان في الوقت المناسب، وبالتنسيق مع رئيس القمة الإسلامية رئيس اللجنة التنفيذية.

وأعرب عن الأسف لوقوع الاشتباكات في السودان في وقت كان ينتظر فيه الجميع أن تُتوَّج محادثات الأطراف السودانية باتفاق على موعد جديد للتوقيع على اتفاق نهائي، وتشكيل حكومة انتقالية مدنية.

كما أعرب عن أسفه لعدم الالتزام الكامل بالهدنات الإنسانية لإجلاء الجرحى والعالقين والرعايا والبعثات الدبلوماسية، واستمرار الاشتباكات، خاصة في مواقع بالعاصمة الخرطوم.

وقال: "إن السودان يشهد تطورات خطيرة، تستدعي التحرك الفوري من جراء الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أدت لسقوط العديد من الضحايا، وزادت الأوضاع الإنسانية تدهورًا".

وأشاد بمبادرة المملكة العربية السعودية، بصفتها رئيس القمة الإسلامية رئيس اللجنة التنفيذية، التي دعت لانعقاد اجتماع المنظمة الطارئ استمرارًا لمساعيها الحميدة وجهودها المتصلة لدى الأطراف المعنية في السودان والفاعلين الإقليميين والدوليين؛ بهدف العمل على إيجاد الحلول السلمية لهذه الأزمة الخطيرة.

كما أشاد كذلك بجهود السعودية المخلصة في الإجلاء، وذلك بناء على توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظهما الله-.

ونوه بالمبادرات القيمة التي بذلتها دول أعضاء عديدة في المنظمة، وقيامها بإجلاء العالقين في السودان، فضلاً عن جهودها التي تهدف إلى دعم الاستقرار في السودان.. داعيًا لبذل المزيد من الجهود للتوصل لوقف فوري ودائم لإطلاق النار، وحث الأطراف على الجلوس حول مائدة الحوار؛ حتى لا تنزلق البلاد إلى منعطف الفوضى، خاصة مع تداعيات تدفق العابرين إلى مصر وإثيوبيا، وارتفاع عدد اللاجئين إلى تشاد.

بعد ذلك أُلقيت كلمة المملكة العربية السعودية في الاجتماع الاستثنائي للجنة التنفيذية مفتوح العضوية لمناقشة تطورات الأوضاع في جمهورية السودان الشقيقة، ألقاها مندوب السعودية الدائم لدى منظمة التعاون الإسلامي، الدكتور صالح بن حمد السحيباني، رحَّب خلالها بأصحاب المعالي والسعادة المندوبين الدائمين بشأن تطورات الأوضاع في جمهورية السودان الشقيق، وذلك بناء على دعوة من السعودية رئيس القمة الإسلامية رئيس اللجنة التنفيذية، آملاً أن يخرج الاجتماع ببلورة موقف إسلامي موحَّد، يسهم في رأب الصدع، وإيقاف نزيف الدماء على تلك الأرض المعطاءة، بلد النيلين، ووطن الماء والحياة.

وقال: "نتابع كما أنتم وقلوبنا يعتصرها الشعور بالألم والأسى لما يحدث حاليًا في جمهورية السودان الشقيق، بلد الحضارات المتنوعة الضاربة في القدم، والموروث الثقافي الثري، من اقتتال يهدد وحدته، ومن سفك للدماء بين أشقاء وأبناء وطن واحد، يسع الجميع؛ إذ يتسم شعبه بالكرم وطيب المعشر ورحابة الصدر والصبر وسعة البال، في وقت أحوج ما يكون فيه السودان إلى توحيد الصفوف، والوفاق والوئام، وتكاتف الأيادي، ونبذ العنف؛ للانخراط في البناء والنماء، وتحقيق الاستقرار والرخاء، والاستجابة لتطلعات الشعب السوداني الطموح، المحب للتفاؤل والحياة.. فلقد عانى الشعب السوداني الشقيق ما يكفي من ويلات الصراعات، وآلام الأزمات الإنسانية، ومر بتجارب مريرة كفيلة باستلهام الدروس والعِبر".

وأضاف: "حان الوقت ليعيش ذلك الشعب الكريم حياته بأمن وأمان وازدهار، وأن يمضي قُدمًا في تحقيق طموحاته وتطلعاته، والخروج من جحيم أزماته. ونجزم بأن السودان الذي استطاع أن يعبر العديد من التحديات، ويتجاوز الكثير من العقبات على مَر التاريخ، وبما يستحضره الأشقاء في السودان من قِيم الأُخوّة والمبادئ الإسلامية النبيلة، هم قادرون الآن وأكثر من أي وقت مضى على تجاوز هذه المرحلة الحرجة في تاريخ بلادهم، وفتح صفحة جديدة من الثقة بأقل الأضرار وأكبر المكاسب؛ لبناء سودان جديد، يمقت الحروب والنزاعات".

وأكد الدكتور السحيباني أن السعودية من خلال هذا الاجتماع تُجدِّد دعوتها إلى الأشقاء في جمهورية السودان إلى التهدئة وضبط النفس، وتغليب لغة الحوار والمصلحة الوطنية، والعمل على وقف أشكال التصعيد كافة؛ بما يحافظ على مقدرات الشعب السوداني ومكتسباته، والسعي إلى توحيد الصف؛ بما يسهم في استكمال ما تم إحرازه من توافُق سابق، ومن ذلك الاتفاق الإطاري الهادف إلى تحقيق الاستقرار السياسي والأمني، والتعافي الاقتصادي والازدهار للسودان ولشعبه الشقيق.

كما ترحب السعودية في الوقت ذاته بالهدنة، وتمديد وقف إطلاق النار، وتوفير ممرات إنسانية آمنة.. متطلعة إلى أن تسهم هذه الهدنة في وقف دائم للاقتتال، والانخراط في حوار من أجل أن يعم السلام والأمن والأمان والاستقرار في جميع ربوع السودان الشقيق.

وأفاد بأن السعودية تبذل جهودًا حثيثة، بتوجيهات كريمة من خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله-، من أجل حل الأزمة السودانية، وإنهاء الصراع، وذلك منذ اندلاع الاشتباكات المسلحة في منتصف الشهر الماضي، استشعارًا بما يمليه عليها مبادئ الدين الإسلامي الحنيف، وانسجامًا مع ميثاق منظمة التعاون الإسلامي، واتساقًا مع مبادئ الجوار والقيم الإنسانية النبيلة، وامتدادًا لجهودها الخيّرة منذ القِدم في الوقوف مع الأشقاء في السودان في أفراحهم وأتراحهم.

وأشار إلى أن السعودية تواصل في الشأن ذاته، وبكل الاهتمام، القيام بدور دبلوماسي وإنساني كبير في ظل هذه الأزمة؛ إذ ينعكس ذلك في العديد من المبادرات الإنسانية والدبلوماسية لعمليات إجلاء بحري وجوي من رعايا الدول العربية والإسلامية والصديقة، والكثير من طواقم البعثات الدبلوماسية والمسؤولين والعاملين في المنظمات الدولية والإقليمية. ويصل عدد من تم اجلاؤهم حتى الآن قرابة 6 آلاف، ينتمون إلى أكثر من 100 جنسية من مختلف أرجاء العالم.

وقال الدكتور السحيباني: "تشيد السعودية في الوقت ذاته بحُسن التعاون من الحكومة السودانية في تسهيل تلك العمليات، كما تود في هذا الصدد أن تُثمّن جهود الدول الأخرى التي قامت بجهود إنسانية فيما يخص عمليات الإجلاء، أو استقبال اللاجئين الفارين من مناطق الصراع، وتقديم الدعم الإنساني للنازحين، وتدعو في الوقت نفسه المجتمع الدولي والدول والمنظمات الإنسانية كافة إلى المسارعة في التكاتف بتقديم يد العون والمساندة للشعب السوداني الشقيق، كما تقدر دور الأمانة العامة لمنظمة التعان الإسلامي وتحركاتها الملموسة في إطار التنسيق الثلاثي مع كل من الأمم المتحدة، والجامعة العربية، والاتحاد الإفريقي، إضافة إلى تواصلها مع المؤسسات الإقليمية والدولية الفاعلة من أجل إيجاد حل شامل لهذه الأزمة".

وأكد أن ما يحدث في السودان الشقيق، وما حدث سابقًا في بعض الدول الإسلامية الأعضاء في هذه المنظمة العريقة، يستدعي منا التفكير مليًّا والسعي جديًّا نحو تطوير آليات عملية للوساطة أثناء النزاعات، وتفعيل الدبلوماسية الوقائية الرامية إلى منع نشوء النزاعات، واستباق حلها بالطرق الدبلوماسية؛ للحيلولة دون تصعيد المنازعات إلى نزاعات، ووقف اشتعال فتيل الصراعات، وذلك في إطار الإصلاح الشامل لمنظمة التعاون الإسلامي؛ حتى تستطيع المنظمة مجابهة تلك التحديات بكل كفاءة واقتدار.

ولفت إلى أن السعودية بحكم رئاستها القمة الإسلامية واللجنة التنفيذية لتأمل من الجميع دعم الجهود الحثيثة القائمة حاليًا في سبيل وقف الصراع الدائر حماه بين أبناء الوطن الواحد في السودان الشقيق، ودعوتهم للإنصات لصوت العقل والحكمة، وتغليب مصلحة استقرار وأمن وطنهم على أي مصلحة أخرى، حقنًا للدماء التي كفلها لهم الشرع الإسلامي الحكيم.

وأعرب مندوب السعودية الدائم لدى منظمة التعاون الإسلامي في الختام عن أمنياته لهذا الاجتماع كل التوفيق والنجاح، مقدمًا الشكر لأعضاء اللجنة التنفيذية على الحضور والتفاعل مع هذا الحدث المهم، ومقدرًا عاليًا حضور المندوبين الدائمين، وممثلي الدول الأعضاء في المنظمة، والعاملين في الأمانة العامة للمنظمة، برئاسة معالي الأمين العام، على حُسن إعداد الاجتماع الاستثنائي.

بعد ذلك عقد أعضاء اللجنة التنفيذية والمندوبون الدائمون وممثلو الدول الأعضاء في المنظمة جلسة عملهم المغلقة.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org