أحيانًا تتخذ بعض القرارات بصورة لا تمت للعقلانية بصلة، سواء كان ذلك من حيث المضمون، أو من حيث التوقيت، فما بالك لو جمع القرار بين الأمرين "حشفًا وسوء كيلة"! وهذه -لعمري- قمة المأساة..!!!!
فلا يمكن أن يوصف قرار التعليم الأخير بشأن قادة المراحل الثانوية إلا بهذه الصورة؛ وإلا كيف يُتخذ مثل هذا القرار، وفي مثل هذا التوقيت..؟!!
فقرار عودتهم إلى المدارس الحكومية، بعد الانتهاء من حركة النقل، ليس له تفسير، بل ليس له ما يبرره..!!
هذا القرار امتداد لأخيه "قرار عودة قادة الابتدائي والمتوسط" العام الماضي، ولكن هذا زاد على ذلك في سوء توقيته؛ فصدوره قبل أيام من عودتهم..!! وبعد حركة النقل، وقبل انطلاق الدراسة بأيام قلائل، يدل على هذا التخبط الذي يحدث..!! فماذا تفعل المدرسة الأهلية الآن؟!! ومن أين تأتي بقائد جديد في هذا التوقيت؟!! ومتى ستجده؟!! وهل سيسعفها الوقت لتجد قائدًا يستطيع أن يقوم بالمهمة؟!! وماذا يستطيع القائد الجديد أن يفعل كي يبدأ العام الجديد بفاعلية في ظل قرار الدراسة عن بُعد؟!! وهل سيسعفه الوقت ليبدأ العام الدراسي بداية قوية توازي الطموحات والآمال؟!!
كل هذه التساؤلات وأضعافها توجَّه لمتخذ القرار في هذا التوقيت..!! بل إننا نتساءل: ما الفائدة من مثل هذه القرارات التي "لا تزيد الطين إلا بلة" في الميدان الذي "فيه ما يكفيه"؟!! ولماذا تأخر القرار كل هذا الوقت؟!!
أما القادة فلم أتساءل عما تفعله الوزارة معهم؛ إذ لا جديد في الأمر..!! فهي لا تعبأ بهم..!! ولا تهتم بأمرهم..!! بل لا تفكر بهم مجرد تفكير..!! فوفاؤها معهم معدوم..!! وإلا لو كانت تفكر بهم لما اتخذت مثل هذا القرار في هذا التوقيت..!! أريد عاقلاً في هذه الوزارة يجيبني: ماذا يفعل القائد الآن؟!! وإلى أين يتجه؟!! وأين سيجد مكانًا شاغرًا بعد صدور حركة النقل؟!! وهل هذه مكافأته من الوزارة بعد أن خدمها في مجال القيادة عشرات السنين؟!! وهل بعد عشرين سنة قائدًا يعود معلمًا؟!! لماذا تفرط الوزارة بمثل هذه الخبرات؟!!
يروي لي أحد الأصدقاء الأعزاء من الذين خدموا الميدان في مجال القيادة لأكثر من خمسة عشر عامًا، وهو من الكفاءات التي يشار لها بالبنان، ويكفي المكان الذي يعمل به كل هذه السنوات ليدل على قدرته، وكفاءته، وهو من الذين صدر بحقهم هذا القرار.. يقول: "أصبحنا ندور على مكاتب التعليم بحثًا عن مكان شاغر كأننا (خريج) جديد يتنقل بين المدارس الأهلية والشركات والمؤسسات بحثًا عن وظيفة..!!".
الله أكبر.. بعد عشرات السنين من الخدمة لهذه الوزارة في القيادة يكون هذا مصيره..!! وعلى فكرة، وللذين لا يعلمون حقيقة قائد المدرسة، فهو كان يخدم محتسبًا طوال السنين الماضية منذ تأسيس الوزارة إلى صدور السلم الجديد..!! فلم يكن هناك كادر للإدارة المدرسية..!! وحتى حين أقروه صار (٨٠٠) ريال..!!
فطوال هذه السنين كان القادة يديرون المدارس بلا مقابل..!! وبلا مسمى وظيفي كقائد..!! فهم على كادر معلم..!! ومسماهم الوظيفي "معلم"..!! والآن بعد صدور الكادر، وبعد كل هذه السنوات من الاحتساب..!! تتصرف معهم الوزارة بهذه الطريقة..!! وتعاملهم هذه المعاملة..!! فهل هناك مسمى آخر لما فعلته الوزارة بهم غير "جزاء سنمّار"؟!!