إعصارٌ مُدمِّر ومُحرِق يقضي على أعمال "المُرائين والمنَّانين".. وقفات ودروس من الأمثلة القرآنية

إعصارٌ مُدمِّر ومُحرِق يقضي على أعمال "المُرائين والمنَّانين".. وقفات ودروس من الأمثلة القرآنية

في حلقة "سبق" الرمضانية الثامنة من "هدايات قرآنية" مع الباحث "الذكري"

تَعدَّدت الأمثلة القرآنية في شأن النفقات والتحذير مِما يُتبعها بالأذية للفقراء، والتي تناولنا بعضاً منها في الحلقة قبل السابقة، وعَقِب ذلك وصف لحال أولئك الذين يُقدِّمون البذل والعطاء بسخاء ابتغاء مرضات الله، قبل أن تعُود الرسالة الإلهية مرة أخرى للحديث عن دناءة فعل المرائين وأهل المنِّ في أعمالهم؛ وأن مصيرها إلى الزوال.

"سبق" وعبر برنامجها الرمضاني "هدايات قرآنية"، تستضيف طوال الشهر الكريم، الباحث الشرعي في الدراسات القرآنية "محمد الذكري"، وتستنبط منه بعضاً من أسرار ومعجزات القرآن الكريم، وتُقدّمها للقارئ عبر سلسلة ومضات يومية لمختارات من بلاغات الإعجاز الإلهي في الأمثال القرآنية.

إعصار مُدمِّر ومُحرِق

بدأ ضيفُ الحلقة، "الذكري"، بقوله تعالى: "أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ".

وعن المعنى الإجمالي للمعنى، لخّص "الباحث" ذلك، بقوله: يُوجِّه الله الخطاب لمن وقعوا في المنِّ بأعمالهم والرياء بها، هل يُحِب أحدكم أشدَّ الحُب أن يكون له بستان عظيم تنوعت فيه الخيرات والماء الوفير، ولمّا تقدَّم عمره وزادت حاجته إليها، وحاجة ذريته، وفي هذه الحالة البهيجة من الرغبة بالاستمتاع بها، وصعوبة البدء بها من جديد في غرسها؛ أصابها إعصار مدمر لها ومحرق! فانتهت وزالت! فكما أنكم لا تريدون هذه الحال البئيسة فكذلك حالكم أيها - المراؤون والمنّانون- مع أعمالكم فهي إلى زوال وانتهاء فلا عداد لها.

نخيل وأعناب

وأضاف "الذكري" في حديثه: قال ابن القيم - رحمه الله - في قوله - تعالى -: ﴿أنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِن نَخِيلٍ وأعْنابٍ﴾، "خصّ الله - تعالى - هذين النوعين من الثمار بالذكر لأنهما أشرف أنواع الثمار، وأكثرُها نفعاً؛ فإن منهما القوت والغذاء، والدواء والشراب والفاكهة، والحلو والحامض، ويؤكلان رطباً، ويابساً، ومنافعهما كثيرة جداً".

وواصل: قال ابن القيم كذلك: "فلو فكّر العاقل في هذا المثل وجعله قبلة قلبه لكفاه وشفاه"، ثم جاءت بعد آيات الحث على النفقة، هذه الآية: "الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ ۖ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ"، والتي فيها التحذير من صوارف بذل الخير التي أعظمها وساوس الشيطان وخشية الفقر. وكذلك البشارة للمنفقين بأن الله "واسع - غني - حميد - عليم"، وفي مجيء هذه الأسماء مع ما تتضمنه من معاني الحث على البذل والصدقة والعوض من الله للمنفقين.

أغرق أعماله

وعن الدروس المستفادة من هذه الأمثلة القرآنية، قال الباحث الشرعي "الذكري": على المسلم أن يحافظ على حسنات صدقاته، فلا يُفسدها بالمنِّ والرياء وسائر المعاصي والذنوب، وأورد البخاري في صحيحه عن عُبَيد بن عُمَير قال: قال عمرُ - رضي الله عنه - يوماً لأصحاب النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ: (فيمَ تَرون هذه الآية نزلتْ: أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ؟ قالوا: الله أعلم، فغضِب عمرُ، فقال: قولوا: نعلم أو لا نعلم، فقال ابن عباس: في نفْسي منها شيء يا أمير المؤمنين، قال عمر: يا أخي، قُلْ ولا تَحقِر نَفْسك، قال ابن عباس: ضُربت مَثَلاً لعمل، قال عمر: أي عمل؟ قال ابن عباس: لعملٍ. قال عمر: لرجل غني يَعمل بطاعة الله عزَّ وجلَّ، ثم بعث الله له الشيطان، فعمِل بالمعاصي حتى أغرق أعمالَه).

Related Stories

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org