أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، عن جزيل الشكر والامتنان الي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وإلى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، وقال: ومن خلالكم إلى شعب المملكة العربية السعودية الكريم .. على ما أُحطنا به من رعاية وحسن وفادة منذ وصولنا إلى هذه الأرض المباركة، وهنأ أبو الغيط سمو ولي على تولي المملكة رئاسة القمة في دورتها الثانية والثلاثين.. داعياً الله أن يوفقهم إلى ما فيه خير أمتنا وشعبنا.
وأضاف: إن المشهد الدولي يمر بواحدة من أشد الفترات خطورة في التاريخ المعاصر…وأراه زمن استقطاب وتنافس هائل بين القوى الكبرى على حساب القوي الأصغر أو المنفردة.. ولذلك فليس أمام الدول العربية في هذه المرحلة التاريخية العصيبة سوى أن تستمسك بالمصالح العربية معياراً أساسياً للمواقف الدولية.. وأن تلتزم بالتنسيق فيما بينها وبالعمل الجماعي سبيلاً أكيداً لتعزيز الكتلة العربية في مواجهة ضغوط الاستقطاب.
وقال إن أزمات منطقتنا العربية لم تجد للحل طريقاً بعد عقد وأكثر من المعاناة والدماء والآلام.. فملايين العرب ما زالوا لاجئين ونازحين.
واليوم أضيف إلى أحزان هذه الأمة حزن جديد في السودان... يدفع المدنيون ثمناً ضخماً للمواجهة المسلحة التي فرضها البعض على هذا البلد العزيز.. آن لتلك المواجهات أن تتوقف وأن تلتزم الأطراف بمبدأ الحوار.. صوناً لدماء الشعب.. وحفاظاً على السودان ومقدراته ووحدته الترابية وسلامة مؤسساته الوطنية... إنني أدعو لأن تكون قمة جدة علامة بدء لتفعيل حل عربي يوقف نزيف الدم في السودان ويصحح أخطاء ارتكبت في الماضي ويتوخى المصلحة العليا للدولة السودانية وليس المصالح الضيقة لفئات أو أشخاص.وقال: إننا نسعى لإيقاف نزيف الدم والخسائر في كافة ميادين الاحتراب الأهلي حيث لا منتصر ولا مهزوم .. والأزمات العربية تشهد الآن حالة من التجميد مقارنة بأوضاع أشد اشتعالاً شهدناها في السابق.. وهي فرصة يتعين اغتنامها.. من أجل تفعيل حلول عربية لتلك الأزمات العربية.
ففي سوريا.. وأرحب هنا بالرئيس بشار الأسد بعد أن عادت سوريا إلى مقعدها في هذا المجلس الموقر.. ثمة فرصة لا ينبغي تفوتيها لمعالجة الأزمة التي تُعاني منها البلاد لما يربو على العقد.. سواء في أسبابها وأصولها، التي يظل الحل السياسي السبيل الوحيد لتسويتها.. أو في تبعاتها التي تجاوزت حدود الوطن السوري. ويحدونا الأمل في أن يكون للعرب إسهامهم في إيجاد الحلول الناجعة للأوجاع السورية العديدة.
وأضاف: لقد عانت المنطقة العربية زمناً، ولا تزال، من التدخلات الإقليمية في شؤونها.. ولم تُنتج هذه التدخلات سوى حصاد من التمزق والفرقة والدم..
واليوم، ثمة إشارات على أن نهج الجيران يُمكن أن يتغير.. إنني أرحب مجدداً بالاتفاق الذي وُقع بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية في مارس الماضي.. فالعلاقات مع الجيران كافة يجب أن تتأسس دوماً على أساس من احترام مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.. إنها مبادئ أساسية في ميثاق الأمم المتحدة.. وهي مبادئ تتمسك بها دولنا الوطنية، ولا تُفرط فيها.
وتبقى فلسطين الغالية هماً لا يحمله أهلها وحدهم... لقد أدت الممارسات الرعناء لحكومة الاحتلال الاسرائيلية إلى تصعيد مروع في منسوب العنف والقتل في الشهور الأخيرة.. إنني أحيي صمود الفلسطينيين في كل مكان في الأرض المحتلة.. وأقول إن السياسات والممارسات الاستفزازية لتلك الحكومة الممعنة في التطرف والكراهية، لابد أن تُواجَه بتصدٍ حازم من المجتمع الدولي، عِوضاً عما نشهده من صمت مريب ومشين.
وأبان أن التمسك بمبادرة السلام العربية لازال خياراً استراتيجياً عربياً لحل الصراع... وفي القلب من هذا الخيار إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية... وانسداد المسار التفاوضي يؤدي إلى تقويض حل الدولتين.. ويُمهد الطريق أمام حل الدولة الواحدة.. وعلى كافة الأطراف.. وبالذات الأطراف الدولية التي تشاهد حل الدولتين وهو يتم تقويضه يومياً دون أن تُحرك ساكناً.. أن تراجع سياساتها قبل فوات الأوان.
وأكد أبو الغيط أن ثمة حركية وحيوية في العمل العربي.. واتجاه واضح لإعادة امتلاك القضايا وتفعيل الأدوار.. وأن يتحول العرب إلى فاعلين وليس مفعولاً بهم.. وأظن أن هذه القمة في جدة .. قمة "التجديد والتغيير" .. تمثل خطوة مهمة على طريق استعادة العرب لقضايا وملفاتٍ تُركت للآخرين زمناً.. فتعقدت مساراتها وتشابكت خيوطها..
إننا اليوم على عتبة طريق صعب للانخراط الفاعل مع الأزمات والسعي لتسويتها.. وعلينا أن نسير فيه بكل العزم والجهد حفاظاً على أمن الأمة وشعوبها وصوناً لحاضرها ومستقبلها.
متمنياً لأعمال هذه القمة كل النجاح والتوفيق.