يؤكد الكاتب الصحفي م. طلال القشقري أن المواطن حين يشتري سيارة بقرض من البنك، يصبح في مشكلة حقيقية، يتمزق فيها بين طبقتي رحى وكلاء السيارات من ناحية، والبنوك من ناحية أخرى، فوكلاء السيارات يبيعونها بأغلى الأسعار، والبنوك ترهن جُلّ راتب المواطن، لتصبح حياته بعد ذلك رهنا لهذا القرض.
وفي مقاله "رحى البنوك.. ووكالات السيارات!!" بصحيفة "المدينة"، يقول "القشقري": "لو أُجْرِيت مقارنة بين عدد موظّفي البنوك الذين يُداومون في فروعها، وبين عددهم ممّن يُداومون لخدمة وكالات السيّارات بغرض تمويل الناس للشراء، سواءً عن قُرْب أو عن بُعْد، لربّما فاق عدد هؤلاء الأخيرين نظيره في الفروع، فماذا تعني هذه المقارنة؟
وعن موقف المواطن مشتري السيارة، يقول "القشقري": "بالنسبة للنّاس تعني ببساطة، انخفاض قدرتهم الشرائية (النقدية)، وهيمنة القدرة الشرائية (الإقراضية) للبنوك، واعتمادهم الكامل عليها، وليس هذا فقط، بل وتكاد تكون قدرتهم النقدية صِفْرًا لذوي الدخل المحدود، ومَن يريد شراء سيّارة منهم، فلا بُدّ عليهم أن يسلكوا طريق القدرة الإقراضية وليس غيره، ولو باستخدام أفضل نُظُم الملاحة (GPS) الخاصة باكتشاف الطرق، ومن يشتري منهم سيّارة ومنزلا في نفس الوقت، فقد رهن جُلّ راتبه للبنوك، ويا ليل الرهن ما أطولك، ولا يبقى له سوى الفتات!".
وعن البنوك يقول الكاتب: "في حالة شراء الناس للسيّارات بنظام التأجير، ولو بدفع دفعة مُقدّمة، تُسجّل البنوك هذه السيّارات باسمها مع تفويض الناس بسياقة السيّارات، ولكن كمالك ثانٍ لا حول له ولا قوة، وقد يخرجون من بيوتهم ذات صباح؛ ليجدوا أنّ بنوكهم قد سحبت السيّارات بنسخة المفتاح الثانية التي بحوزتها، إثر أيّ مشكلة تحدث بينهم وبين البنوك! والبنوك سعيدة بأرباحها الكبيرة؛ الناتجة عن كثرة شراء السيّارات بواسطتها، وربّما أسعد من شراء الناس للعقارات بقروضها، لكثرة شراء السيّارات مقارنةً بالعقارات، وارتفاع الأسعار بشكل عام!".
ويضيف "القشقري" قائلًا: "بالنسبة للوكالات، فقد ريّحت بالها، وانحصر دورها في استيراد وتسويق وعرض السيّارات وبيعها بأعلى الأسعار، وبالتالي الربح الوفير، ولم تعد تتناول بانادول لأي صداع، وتركت الباقي للبنوك".
وينهي "القشقري" قائلًا: "هما معًا مثل طبقتي الرحى، مع الفارق بأنّ ما ينتج من الرحى هو حبوب الطعام، بينما ما ينتج عن رحاهما هو سيارات لا غنى للناس عنها، وما زال الرحى يدور، وقصص السيّارات لا تنتهي! ويا أمان يا أمان!".