أعربت المملكة العربية السعودية عن استغرابها وأسفها الشديدين لقرار حكومة تصريف الأعمال الأفغانية بمنع الفتيات الأفغانيات من حق التعليم، ودعت إلى التراجع عن هذا القرار الذي يثير الاستغراب في جميع الدول الإسلامية؛ حيث يتنافى مع إعطاء المرأة الأفغانية حقوقها الشرعية، مؤكدة أن حرمانها من ذلك قد يؤدي إلى استمرار الهجرات الجماعية للمتعلمين الأفغان والمتعلمات؛ مما قد يؤدي إلى تفاقم الأزمات الإنسانية.
وجددت المملكة طلبها لحكومة تصريف الأعمال الأفغانية نحو تمكين المرأة الأفغانية من حق التعليم؛ مما يسهم بدوره في دعم الأمن والاستقرار والتنمية والازدهار لأفغانستان وشعبها الشقيق؛ فالنصوص الشرعية التي تحث على التعلم والمرغبة فيه تتجه للمرأة والرجل على حد سواء.
جاء ذلك في كلمة المملكة التي ألقاها المندوب السعودي الدائم لدى منظمة التعاون الإسلامي، الدكتور صالح بن حمد السحيباني، في الاجتماع الاستثنائي للجنة التنفيذية لمنظمة التعاون الإسلامي بشأن مناقشة التطورات الأخيرة والأوضاع الإنسانية في أفغانستان؛ تلبيةً لدعوة مشتركة من كل من المملكة العربية السعودية رئيس القمة الإسلامية الحالية رئيس اللجنة التنفيذية، ومن الجمهورية التركية وجمهورية غامبيا.
وأشار في الكلمة إلى إنصاف ديننا الإسلامي الحنيف وتكريمه للمرأة، فنعمت في ظله بحقوقها كاملةً، وجعل تعليمها حقًّا راسخًا لها، بل من الواجبات والضرورات الحضارية التي لا ينبغي التخلي عنها أو حرمانها منه، فطلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة؛ ليكون نبراسًا لها ينير لها طريق دينها ودنياها، وكذلك مشاركة النساء المسلمات عبر التاريخ عندما نهلن من معين العلم في صنع الحضارة الإسلامية، مع تمسكهن بالقيم والمبادئ الإسلامية السمحة التي تحقق البناء والتقدم والازدهار للإنسان ولمجتمعه ووطنه وللبشرية سواء.
وحملت الكلمة التي وردت إلى "سبق" نسخة منها، تجديد التأكيد على أن المملكة وبتوجيهات كريمة من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وسموه ولي عهده الأمين –يحفظهما الله– تواصل التزامها في دعم جهود منظمة التعاون الإسلامي الحثيثة تجاه أفغانستان؛ حيث بادرت المملكة في تنفيذ العديد من القرارات ذات الصلة الصادرة من لدن المجلس الوزاري لوزراء خارجية الدول الإسلامية الصادرة عن الاجتماع الاستثنائي للمجلس بشأن مناقشة الوضع الإنساني في أفغانستان، والذي عقد بدعوة المملكة وباستضافة جمهورية باكستان الإسلامية في ديسمبر من العام ٢٠٢١م.
وكشف "السحيباني" عبر كلمته عن أهم القرارات بشأن الوضع في أفغانستان؛ ومنها قرار دعم الصندوق الائتماني لأفغانستان الذي يعمل تحت مظلة البنك الإسلامي للتنمية وبالتنسيق والتعاون مع منظمة التعاون الإسلامي؛ حيث قدمت المملكة تبرعًا سخيًّا للصندوق بأكثر من ١١٠ ملايين ريال سعودي، إلى جانب ما قدمته من دعم لمهمة المبعوث الخاص لأفغانستان، ولمكتب المنظمة في كابل عبر الأمانة العامة؛ تحقيقًا لقرارات المجلس الوزاري في دورته الثامنة والأربعين التي عقدت في باكستان في شهر مارس الماضي، كما أوضح أن المملكة قد نفذت في وقتٍ سابق العديد من المشاريع الإغاثية بأفغانستان عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، وذلك بمبلغ يربو على ٢٦٠ مليون دولار أمريكي، كما سيرت جسرًا جويًّا وبريًّا إلى أفغانستان، هذا إلى جانب ما قدم من دعم وتبرعات سخية سابقة خلال العقود الماضية.
وأضاف "السحيباني" أن كل ذلك يأتي استكمالًا لجهود المملكة الإنسانية والإغاثية، واستمرارًا لمسيرة التضامن التي تنتهجها المملكة تجاه الشعوب الإسلامية التي يصعب تحديد بوصلتها؛ لأنها تنطق خيرًا ودعمًا في كل الاتجاهات؛ حرصًا على تخفيف معاناة الشعب الأفغاني الشقيق، والحد من مخاطر تدهور الوضع الإنساني الحرج في أفغانستان الذي قد يؤثر على السلام والاستقرار الإقليمي والدولي.
وعبر "السحيباني" عن تطلعات المملكة لتكامل الجهود في هذا الصدد، وتشجيعها لكل المبادرات التي تقدمها الدول الأعضاء والمنظمات الإقليمية والدولية القادرة على الانضمام للمساهمة في هذا الصندوق الائتماني الإنساني لأفغانستان، وإلى تقديم مزيد من الدعم والمساندة للشعب الأفغاني الشقيق، لاسيما في ظل الظروف الإنسانية الصعبة التي يمر بها حاليًّا، مثمنةً في الوقت نفسه الدعم الكريم الذي قدمته مشكورة ثلة من الدول الأعضاء لهذا الصندوق الائتماني الذي يؤكد اتفاقنا جميعًا على أن تقديم الدعم الإغاثي وسرعة الاستجابة الإنسانية للشعب الأفغاني أمر يتطلب الوقوف معه؛ لتفادي أي كوارث إنسانية خطيرة تجلب المعاناة والآلام لهذا الشعب الشقيق.