تتوجه جموع الحجيج غدًا السبت، التاسع من شهر ذي الحجة 1445هـ، إلى صعيد عرفات الطاهر؛ لأداء ركن الحج الأعظم، في هذا اليوم المشهود الذي وصفه النبي - صلى الله عليه وسلم - بأفضل الأيام، ويقف فيه المسلمون منذ طلوع الشمس حتى غروبها.
وهناك أقوال عدة لتسمية عرفة بهذا الاسم؛ فقد قيل إنه سُمِّيَ بذلك لأن آدم عرف حواء فيها، وقيل لأن جبريل عرَّف إبراهيم فيه المناسك، وقيل لتعارف الناس فيه، وقيل إن الكلمة مأخوذة من العَرْف وهو الطيب؛ كونه مُقدَّسًا، إلا أن الروايتين الأكثر تأكيدًا هما أن أبا البشر آدم التقى حواء وتعارفا بعد خروجهما من الجنة في هذا المكان؛ ولهذا سمي بعرفة، والثانية أن جبريل طاف بالنبي إبراهيم فكان يريه مشاهد ومناسك الحج فيقول له: "أعرفت أعرفت؟" فيقول إبراهيم: "عرفت عرفت"، ولهذا سمي المشعر بعرفة.
وعرفة أو عرفات اسم واحد عند أكثر أهل العلم لمشعر يعد الوحيد من مشاعر الحج الذي يقع خارج الحرم، وهو عبارة عن سهل منبسط به جبل عرفات المسمى بجبل الرحمة الذي يصل طوله إلى 300 متر، وبوسطه شاخص طوله 7 أمتار، فيما يحيط بعرفات قوس من الجبال، ووتره وادي عرنة، ويقع على الطريق بين مكة المكرمة والطائف شرقي مكة بنحو 22 كيلومترًا، وعلى بعد 10 كيلومترات من مشعر منى و6 كيلومترات من المزدلفة بمساحة تقدر بـ 10.4 كيلومتر مربع. وليس بعرفة سكان إلا أيام الحج.
ومن السنّة أن ينزل الحاج بنمرة - إن تيسر له ذلك - وإلا فليتأكد من نزوله داخل حدود عرفة. وهناك الكثير من العلامات واللوحات الإرشادية التي توضح ذلك. وعرفة كله موقف.
وفي هذا اليوم العظيم ينشغل الحاج بالتلبية والذكر، ويكثر من الاستغفار والتكبير والتهليل، ويتجه إلى الله -عز وجل- خاشعًا متضرعًا، ويجتهد في الدعاء لنفسه وأهله وأولاده ولإخوانه المسلمين جميعًا.
وإذا دخل وقت الظهر خطب الإمام في الناس خطبة تذكير وعظة وإرشاد، ثم يصلي بالحجاج الظهر والعصر جمعًا وقصرًا كما فعل رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، ولا يصلي قبلهما ولا بينهما ولا بعدهما شيئًا.
وينبغي التنبيه على الحجاج من الوقوع في أخطاء تضيع الأجر والثواب في مثل هذا اليوم العظيم، أبرزها: النزول خارج حدود عرفة، وبقاؤهم في أماكن نزولهم حتى تغرب الشمس ثم ينصرفون إلى مزدلفة، وهذا خطأ لا ينبغي الوقوع فيه؛ فالانصراف من عرفة قبل غروب الشمس غير جائز لكونه مخالفًا لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم-. كذلك يتزاحم بعض الحجاج ويتدافعون لصعود جبل عرفة، والوصول إلى قمته، والتمسح به، والصلاة عليه، وهذا من البدع التي لا أصل لها في الشرع، إضافة لما يترتب على ذلك من أضرار صحية وبدنية. ومن الأخطاء استقبال جبل عرفات أثناء الدعاء؛ فالسنّة استقبال القبلة عند الدعاء.
وبعد غروب شمس التاسع من ذي الحجة تسير قوافل الحجيج صوب مشعر مزدلفة؛ ليصلّوا به المغرب والعشاء جمعًا وقصرًا بأذان واحد وإقامتين فور وصولهم، ثم يبيتون ليلتهم هناك ملبين ذاكرين شاكرين الله على فضله وإحسانه بأن كتب لهم شهود وقفة عرفات.