لا يُخفى على عاقل مدى خطورة الشائعات وتداولها على أمن الأوطان، فالشائعات أحد الأسلحة التي يوجهها العدو إلى صدور أبناء الوطن، ويتناقلها ويتداولها المتصيدون والأعداء والغافلون فيعظمون من أثرها، فتختلط الأمور على الناس، وتصبح الحقيقة كذبة، والكذبة حقيقة، وما يستتبع ذلك من بث القلاقل، والفوضى، وزعزعة الاستقرار.
تستخدم الجماعات المغرضة الشائعات والأخبار المختلقة لهدم جسور الثقة بين المواطنين والدولة ومؤسساتها، وإشاعة مناخ من التشكك، والخوف الدائم من المستقبل، والتهويل من الأحداث، وإثارة البلبلة، وترويج المغالطات والأكاذيب، وفي سبيلهم إلى ذلك يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي كحصان طروادة الذي يعبرون من خلاله إلى أفراد المجتمع فيبثون سمومهم فتنتشر كالنار في الهشيم.
وللشائعات أثر واسع على الرأي العام، إذ تلفت دراسة استطلاعية أجراها مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني قبل أعوام، إلى أن أكثر من 82 % من المشاركين حول واقع الشائعات في المجتمع السعودي يؤكدون أن الرأي العام يتأثر بالشائعات، حيث شدد عدد كبير من المشاركين بلغت نسبتهم 82.9 % على أن الشائعة تُسهم في التأثير على الرأي العام، بينما اعتبر 17.1 % أنها لا تؤثر.
ويرى نحو 69.2 % من أفراد عينة الدراسة أن الشائعات واسعة الانتشار بين أفراد المجتمع، في حين يؤكد نحو 23.1 % منهم أنها متوسطة الانتشار، ونحو 7.7 % يرون أن انتشار الإشاعات بين أوساط المجتمع قليلة، وهو ما يشير بوضوح إلى مدى خطورة الشائعات على المجتمع وأفراده.
لا تعفيك نيتك الحسنة
ينبغي لأفراد المجتمع تشكيل حائط صد أمام نشر الشائعات، إذ لا بد أن يشكل الفرد الصخرة التي تتحطم عليها الشائعة، فتقف عنده، ولا يتداولها قبل أن يتحقق من صحتها، واستقاء المعلومات من مصادرها الرسمية، حيث لا يُعفي النظام المشاركين والمتداولين لتلك الشائعات من تطبيق الأنظمة بحقهم، حتى وإن كان مشاركتهم كانت على سبيل المزاح، أو من منطق نية حسنة.
ويعاقب القانون السعودي المنتج للشائعات بوصفها جريمة بعقوبة تصل إلى السجن خمس سنوات، وغرامة ثلاثة ملايين ريال، ومصادرة الأجهزة والأدوات المستخدمة، ونشر الحكم المقضي به بعد اكتسابه للصفة النهائية، وتشمل العقوبات كل من أعد، أو أرسل، أو خزن عن طريق الشبكة المعلوماتية، أو أحد أجهزة الحاسب الآلي، كما تشمل كل من حرض، أو ساعد، أو اتفق على ارتكاب هذه الجريمة.
ولا شك فإن تلك العقوبات المغلظة تعكس - بوضوح – مدى فداحة الجُرم المُرتكب، وخطورة تلك الأفعال، وآثارها السلبية على النظام العام في الدولة، وتأثيرها السلبي على أفراد المجتمع.