منذ الإعلان عن رؤية 2030 في صيف 2016، وهي تحقّق كل ما وعدت به من تعزيز الاقتصاد الوطني، وتقوية أركانه، وانطلاقته على مبادئ قويمة وأسس ثابتة تجعل منه اقتصادًا نموذجيًّا بمواصفات عالمية، تتنوع فيه مصادر الدخل بعيدًا عن دخل النفط، الذي ظلّت المملكة تعتمد عليه عقودًا طويلة في إعداد ميزانياتها العامة عامًا بعد آخر، وشهرًا بعد آخر، أوفت الرؤية بما وعدت به، وعملت على استحداث قطاعات اقتصادية قادرة على تنمية الاقتصاد الوطني، والنهوض به إلى أبعد نقطة من التقدم والازدهار النوعي، وظهر ذلك في الإحصائيات الرسمية الصادرة من الداخل، وكذلك من الخارج، وأشارت إلى أن المملكة نجحت في تعزيز اقتصادها الوطني غير النفطي، والنهوض به، معتمدة على برامج وخطط عدة جاءت بها الرؤية.
ولعل أكبر دليل على ذلك نمو الاقتصاد السعودي غير النفطي بوتيرة عالية تصل إلى 5.5%، مدفوعًا باستمرار توسع القطاع الخاص والاستهلاك والاستثمار بشقَّيه الحكومي والخاص، واستثمارات الصناديق المختلفة.
واعتمدت وتيرة نمو الاقتصاد السعودي غير النفطي على مبدأ مهم لطالما اهتمّت به المملكة عند رسم برامجها الاقتصادية؛ وهو جذْب الاستثمارات الأجنبية وضخّها في صورة مشاريع في الداخل، وهو ما تحقّق بشكل ملحوظ، وأشادت به المنظمات الدولية التي رأت أن المملكة نجحت في لفت أنظار كبار المستثمرين في العالم من أفراد وشركات.
وحقّق الاستثمار الأجنبي المباشر معدلات نمو مرتفعة، بلغت 8.1 مليار ريال في الربع الثاني من هذا العام، كما تراجعت معدلات التضخم لتصل إلى 2.7% بعد أن كانت عند معدل 3.4% في بداية هذا العام، في إشارة إلى جدوى الخطط والبرامج التي جاءت بها الرؤية.
وعلى الجانب الآخر استمرّت محركات النمو بوتيرة إيجابية مع نمو الائتمان الممنوح للقطاع الخاص، ليصل إلى 9.7% في الربع الثاني من هذا العام، بواقع 1132 مليار ريال، وهو ما يؤكّد ثقة الدولة في قطاعها الخاص، وقدرته على أن يكون شريكًا استراتيجيًّا لمؤسسات الدولة، لتحقيق خطط التنمية وبرامجها على أرض الواقع.
وظهر الدعم الرسمي للقطاع الخاص أثناء جائحة كورونا، عندما بادرت الدولة بمساندة مؤسسات القطاع، وبخاصة المنشآت الصغيرة والمتوسّطة؛ لإيمان الدولة بأن هذه المؤسسات تشكّل إحدى لبنات الاقتصاد الوطني، وينبغي أن تبقى قوية وصامدة وقادرة على مواجهة الأزمات.