
نوه الكاتب الدكتور عوض العمري بدور المملكة في نبذ الفرقة والتعصّب للمذاهب والديانات وترسيخها دعائم الاعتدال، ونشر مشروع التسامح إيماناً بأهمية ومكانة ديننا، وانطلاقاً من موقعها كقبلة للمسلمين وموطن الحرمين الشريفين والديار المقدّسة التي تتجه إليها أفئدة المسلمين في كل عام.
وقال: "نحن اليوم في أشد الحاجة للاتحاد وجمع الكلمة ودحر الفرقة والانقسامات التي لا تحمد نتائجها، فالعالم الإسلامي عانى ويلات التناحر والتضاد سنين، ولم تستفد الشعوب من الفرص الاقتصادية والتنموية وكان الأبرياء ضحايا وحطب محرقة الإرهاب، منوهاً كذلك بأهمية دعوة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للعودة لما كنّا عليه من التدين الوسطي الذي لا يعرف المغالاة والتشدد، وهي دعوة جديدة لمواجهة العنف".
وأوضح لـ"سبق": "لم تبخل السعودية يوماً عن تعزيز هذا المفهوم الإسلامي والوقوف على مسافة واحدة من كره ونبذ العنف بكل أشكاله، بغض النظر عن ديانة وعرقية مرتكبه، ونلحظ كذلك الدور الإيجابي والعظيم لرابطة العالم الإسلامي وما تضطلع به من دور توعوي تنويري استحق الشكر، وخاصة بفترة رئاسة العالم الجليل الدكتور محمد العيسى الذي استطاع بحنكته وذكائه إبراز دور الرابطة وتوحيد جهودها وإبراز اسمها كرابطة تمثل الاعتدال الإسلامي، وتنزع الخوف المتراكم بالغرب أو ما يعرف بـ"الإسلامو فوبيا"، فترجم الدكتور محمد مشروع "السعودية الجديدة" وعمل على إعادة تصحيح الصورة الذهنية عن الدين الإسلامي وما يكتنفها من لغط بسبب بعض الاجتهادات".
وقال: "ومن أبرز إنجازات رابطة العالم الإسلامي مؤخراً: توقيع وثيقة مكة المكرمة التي جمعت علماء المسلمين "باختلاف المذاهب" في حدث تاريخي؛ حيث دعت تلك الوثيقة إلى تحقيق السلام وحفظ قيم الوسطية والاعتدال في البلدان الإسلامية، ونصت على مكافحة الإرهاب، ودعم التعايش بين الثقافات والأعراق والمذاهب المختلفة في العالم الإسلامي".
وأضاف: "يعد الإسلام ثاني أكبر الديانات بالعالم بعد المسيحية، ومن المتوقع أن يصبح المسلمون أكثر مجموعة دينية عالمية في بضع سنوات؛ وذلك للانتشار المستمر وزيادة نسبة المواليد بالعالم الإسلامي، وهذا ضاعف دور المملكة والرابطة، التي دأبت على نشر الثقافة الإسلامية والتعريف بجوهر الرسالة التي جاء بها رسولنا صلّى الله عليه وسلم القائمة على مفهوم الاعتدال والانفتاح؛ فشريعتنا جاءت متوائمة مع متغيرات العصر".
وتابع: "وتعد رابطة العالم الإسلامي التي تأسست قبل 6 عقود أكبر المؤسسات بالعالم الإسلامي، وتعنى بسبيل الدعوة وشرح مبادئه وتعاليمه وتصحيح المفاهيم المغلوطة عن الديانة العظيمة، حتى أقرّ الوثيقة عدد ضخم من علماء المسلمين يقدر عددهم بـ 1200 شخصية إسلامية من 139 دولة؛ في تناغم يندر حدوثه. ولا ننسى أنها الوثيقة الوحيدة منذ وفاة المصطفى صلّى الله عليه وسلم التي جمعت علماء المسلمين ووحدت مواقفهم ورؤيتهم وخطابهم بالقضايا المعاصرة".
وقال "العمري": "وبان جليّاً مقدار الأثر الكبير الذي بذله العيسى بالتغيير وإظهار الإسلام بالصورة المعتدلة والوسطية والدعوة بالحسنى، وليس بالوعيد واللعنات والثبور، وهي اللغة التي تعود على طرحها "سابقاً" جل علماء المسلمين، ولا أرى كيف يعتقد البعض أن تسهم تلك اللغة في نشر الإسلام خاصة بين الشعوب المتحضرة!".
واستدرك بالقول: "ونتيجة لذلك المنهج المعتدل والخروج عن مسارات الغلو فقد رأينا الهجمة الشرسة من "قوى الظلام" ومن المعسكر المتشدد ضد سماحة الشيخ العيسى، خاصة قبل خطبة عرفة، وقيامهم بفبركة القصص المضحكة التي لا تنطلي إلا على فاقدي العقل، ومن تلك القصص أنه صلى الجنازة على ذكرى ضحايا الهولوكوست، ولعل كل متعقل ومفكر يرى صور تلك الزيارة فسوف يعلم أن صلاة الجنازة لا ركوع فيها ولا سجود، وأن الشيخ الفاضل قام بإمامة أكثر من 75 عالماً إسلاميّاً لجمع صلاتي الظهر والعصر".
وأضاف: "كلي ثقة أن تلك الجهود النيرة من الدكتور العيسى ورابطة العالم الإسلامي سوف تقود إلى تخفيف الضغوط والاضطهاد الذي يعاني منه المسلمون في أصقاع العالم، وكم نحتاج تلك القوة الناعمة التي تتنامى مع مرور الوقت".
واختتم بالقول: "ويكفي الدكتور العيسى وصحبه من الأخبار، دعم القيادة السعودية الحكيمة لجهودهم الخيرة، وعليهم الصبر على أذى المتنمرين الذين عاشوا ردحاً من الزمن بشعار "إن لم تكن معي فأنت ضدي"، ونذكرهم بما ما قاله ابن حزم الأندلسي: "من تصدر لخدمة العامة، فلا بد أن يتصدق ببعض من عرضه على الناس؛ لأنه لا محالة مشتوم، حتى إن واصل الليل بالنهار".