تُعتبر سدانة الكعبة مهنة قديمة تُعنى بالعناية بالكعبة المشرفة والقيام بشؤونها، مثل فتحها وإغلاقها وتنظيفها وكسوتها وإصلاح الكسوة إذا تمزقت واستقبال زوارها، ومنذ أكثر من 16 قرنًا، وقبل الإسلام، اختص أحفاد قصي بن كلاب بن مرة بسدانة الكعبة، ومنهم نسل آل الشيبي سدنة الكعبة الحاليين.
ومنذ بناء إبراهيم عليه السلام الكعبة، كانت السدانة بيد ابنه إسماعيل عليه السلام، وتولى "إسماعيل" رفع القواعد من البيت مع والده إبراهيم عليهما السلام، كما ذكر في القرآن الكريم، ثم انتزعت خزاعة السدانة منهم حتى استردها قصي بن كلاب، الجد الرابع للنبي محمد ﷺ، وانتقلت السدانة بعد ذلك إلى بني عبدالدار، ثم إلى عثمان بن طلحة بن أبي طلحة بن عبدالله بن عبدالعزى بن عثمان بن عبدالدار بن قصي، منذ أن أعاد الرسول محمد ﷺ مفاتيح الكعبة لهم.
عندما دخل النبي محمد ﷺ مكة يوم الفتح، طلب المفتاح من عثمان بن طلحة ودخل البيت وصلى فيه ركعتين، أنزل الله تعالى قوله: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها}، أعاد النبي المفتاح لعثمان بن طلحة، قائلًا: (خذوها يا بني أبي طلحة خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم).
وبالعودة للتاريخ كان قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن نزار بن معد بن عدنان القرشي، أول مَن تَسلم سدانة البيت، ثم تسلمها من بعده ابنه عبدالدار، أكبر بني أبيه وخليفته في حجابة الكعبة، وبعد وفاته تولى السدانة ابنه عثمان بن عبدالدار، ثم ابنه عبدالعزى بن عثمان، ثم أبو طلحة عبدالله بن عبدالعزى العبدري، ثم تولى السدانة طلحة بن عبدالله الذي قُتل يوم أحد كافرًا قبل أن يتولى السدانة عثمان بن طلحة الذي التقاه الرسول ومنحه حق السدانة له ولذريته حتى قيام الساعة.
منذ توحيد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، تولى 10 سدنة من "آل الشيبي" المهمة، وتوارثوها وفقًا للحديث النبوي دون أن يمسها أحد. وكان كبير السدنة آنذاك الشيخ عبدالقادر أفندي بن علي الثاني بن محمد السابع بن زين العابدين الشيبي، الذي تولاها منذ عام 1335هـ وحتى عام 1351هـ.
تولى محمد بن محمد صالح بن أحمد بن محمد بن زين العابدين سدانة الكعبة حتى عام 1382هـ، وتوفى دون عقب، ثم اتفق "آل الشيبي" على تعيين أمين أفندي بن عبدالله بن عبدالقادر بن علي بن محمد السابع ككبير للسدنة، واستمر لمدة 17 عامًا حتى وفاته عام 1399هـ. خَلَفه شقيقه طه بن عبدالله بن عبدالقادر الشيبي حتى عام 1407هـ، ثم تولى عاصم بن عبدالله بن عبدالقادر الشيبي لمدة ستة أعوام حتى وفاته.
وبعدها، عينت الأسرة طلحة بن حسن بن عبدالقادر الشيبي، واستمر حتى عام 1426هـ. ثم تولى بعده عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالقادر الشيبي لفترة قصيرة، ثم عدنان أمين الشيبي، وبعده عبدالقادر بن طه بن عبدالله بن عبدالقادر الشيبي الذي توفي عام 1435هـ. ووفقًا للتقاليد، تم تعيين الدكتور صالح بن زين العابدين الشيبي في ثالث أيام العزاء وتسليمه مفاتيح الكعبة، واستمر حتى وفاته مساء أمس الجمعة وكان السادن الـ77 والـ109 منذ انطلاقها قبل 16 قرنًا على يد قصي بن كلاب، الجد الرابع للرسول محمد ﷺ.
وجرت العادة أن يوضع مفتاح باب الكعبة المشرفة لدى أكبر السدنة سنًّا، ويسمى السادن الأول، وعند فتح الكعبة يُشعر السادن الأول جميع السدنة الكبار منهم، بوقت كاف؛ ليتمكنوا من الحضور جميعًا إن أمكن ذلك، أو بعضهم ليقوموا بغسلها بمعية ولي الأمر وأمراء مكة.