الدعامة الأولى لتأسيسها.. ما إسهام الاقتصاد في توطيد العلاقات السعودية الألمانية؟

إدراك مبكر لأهمية أسواق المملكة وثقلها الدولي
ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً المستشار الألماني أولاف شولتس
ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً المستشار الألماني أولاف شولتس
تم النشر في

يلفت انتباه أي دارس أو مُطّلِع على تاريخ العلاقات السعودية الألمانية، أن الاقتصاد كان الدعامة الأولى، التي تأسست عليها العلاقات بين البلدين، فرغم أن ألمانيا تُعد من أوائل دول العالم، التي أقامت علاقات دبلوماسية مع السعودية، وكان ذلك في 26 أبريل عام 1929م، عندما وقع البلدان معاهدة صداقة بينهما، إلا أن الأنشطة الاقتصادية، كانت قد بدأت بين الدولتين قبل التوقيع على معاهدة الصداقة بنحو ثلاث سنوات، وكان الاقتصاد هو العامل المحفز، الذي دفع بألمانيا إلى الأعراب للسعودية عن استعدادها للاعتراف بها رسمياً، وإقامة علاقات دبلوماسية معها.

ففي شهر نوفمبر 1928م، أرسـل وزيـر خارجية ألمانيا غوستاف شتريزمان رسـالة إلـى وزيـر خارجيـة السعودية الأمير فيصل بن عبدالعزيز، عبر له خلالها عن استعداد وحرص ألمانيا على إقامة علاقات مع المملكة، كما أرسل له مشروع معاهدة صداقة لدراسة بنودها، وبعد نحو ستة أشهر على تلك المبادرة الدبلوماسية الألمانية، وافق الملك عبدالعزيز على توقيع معاهدة الصداقة بين البلدين، لكن قبل التدشين الرسمي للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين، كانت الأنشطة الاقتصادية قد اختطت لها مساراً محدداً في آفاق العلاقات الوليدة بين الدولتين.

ويُفيد سجل العلاقات بين البلدين، بأن شركة "أغي" للدهانات دخلت أسواق المملكة عام 1926م، وكانت أول شركة ألمانية تمارس نشاطاً تجارياً في المملكة، كما افتتحـت شركة مرسيدس بينز للسيارات فرعاً لها في جدة عام 1927م، وتشير هذه الأنشطة الاقتصادية إلى إدراك ألماني مبكر بأن السوق السعودية سوق واعدة، للمبادلات الاقتصادية والأنشطة التجارية، وقد تعزز صدق هذا الإدراك بعد اكتشاف النفط في المملكة في ثلاثينيات القرن الماضي، حيث برز الثقل الدولي للمملكة كمصدر أساسي لإمدادات الطاقة، واستمر ثقلها وتأثيرها إلى اليوم، خصوصاً في أوقات الأزمات الدولية مثل الحرب العالمية الثانية، وحرب روسيا على أوكرانيا، التي كانت لها تداعيات سلبية عميقة على أسواق الطاقة في العالم، ومناشدة دول العالم للسعودية لاستعادة استقرار الأسواق، وفي هذا السياق تندرج الزيارة الحالية للمستشار الألماني أولاف شولتس للمملكة.

واستمر الاقتصاد ركيزة أساسية للعلاقات بين السعودية وألمانيا، ففي الوقت الحالي تشير البيانات الرسمية إلى استضافة الهيئة السعودية للمدن الصناعية "مدن" لأربعة مصانع لمستثمرين ألمان، تتوزع بين الرياض، والدمام، وجدة، وتعمل في صناعة المنتجات النفطية، ومواد العناية الشخصية، كما تحتضن مدن الهيئة الملكية للجبيل ثمان شركات برؤوس أموال سعودية ألمانية، تتراوح نسبة الشراكة السعودية فيها ما بين 30 في المئة إلى 78 في المئة، بإجمالي رأس مالي يقارب 310 ملايين دولار، ويساهم الصندوق الصناعي في تمويل المشروعات المشتركة مع ألمانيا بمليار و105 ملايين دولار لعدد 22 مشروعاً، والبيانات السابقة تشير إلى إسهام مميز للاقتصاد في توطيد العلاقات بين السعودية وألمانيا.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org