يستبشر العرب بظهور نجم "سهيل" في الأفق الجنوبي؛ إذ يُعتبر شروقه فجرًا علامة على انكسار شدة الحرارة، واقتراب موسم الأمطار.
ومع طلوع هذا النجم تبدأ فترة جديدة من فصول السنة؛ إذ تتراجع زاوية سقوط أشعة الشمس، وتميل نحو الجنوب بعد أن كانت عمودية خلال فصل الصيف؛ ما يؤدي إلى قصر النهار تدريجيًّا، وتلطيف الأجواء في الفترات المتأخرة من الليل والفجر؛ ما يُهيِّئ ليالي السمر الجميلة.
في 7 أغسطس ظهر نجم سهيل في مدينة جازان، وتبعه ظهوره في وسط السعودية في 24 أغسطس، ومن المتوقع أن يظهر في شمال السعودية في 8 سبتمبر؛ لتستمر فترة ظهوره حتى غيابه في 15 أكتوبر 2024.
ويمتد نجم سهيل على مدى 52 يومًا، ويتوزع على أربع منازل، تبدأ بـ(الطرفة) التي تستمر 13 يومًا، وتشهد اعتدالًا في درجات الحرارة ليلاً، تليها منزلة (الجبهة) التي تستمر 13 يومًا، وتزداد فيها برودة الليل وتحسُّن الأجواء نهارًا، ثم (الزبرة) لمدة 13 يومًا، وفيها تشتد برودة الليل، وأخيرًا منزلة (الصرفة) التي سُميت بذلك لانصراف الحر عند طلوعها.
ومع بداية طلوع نجم سهيل يدخل موسم الصفرية الذي يمتد 40 يومًا، ويشهد خلاله الجو تذبذبًا بين الحرارة والاعتدال، ثم تبدأ الأجواء المعتدلة بالاستقرار من منتصف أكتوبر، وفيه يحل موسم الوسم، ويلي ذلك دخول الشتاء بعد طلوع سهيل بقرابة 100 يوم.
و"سهيل"، الذي يعني الوسيم والنبيل، هو ثاني ألمع نجم في السماء بعد نجم الشعرى اليمانية، وينتمي إلى مجموعة نجوم "كارينا" القاعدة الجنوبية، ويزيد سطوعه 16 ألف مرة على سطوع من الشمس، ويبعد عن الأرض مسافة 313 سنة ضوئية، ويمتد قطره ليبلغ 65 ضعف قطر الشمس؛ ما يجعله من أبرز النجوم التي يمكن رؤيتها بالعين المجردة، خاصة في المناطق الصحراوية البعيدة عن التلوث الضوئي.
وعبر التاريخ استخدم العرب القدماء نجم سهيل لتحديد الاتجاهات في الصحراء، وتوقيت مواسم الزراعة والري.. وكان البحارة يعتمدون عليه في رحلاتهم البحرية الطويلة.
وفي العصر الحديث استخدمت وكالة ناسا نجم سهيل كأداة فلكية في الملاحة الفضائية؛ إذ يساعد في توجيه المركبات الفضائية والسفن في الفضاء الخارجي نظرًا لسطوعه وموقعه الثابت نسبيًّا في السماء.
ولطالما كان نجم سهيل مصدر إلهام للشعراء العرب، الذين أبدعوا في تخليده بأشعارهم، ولا يزال حاضرًا في الذاكرة الشعبية السعودية؛ إذ يرددون أمثلة مثل "إذا ظهر سهيل لا تأمن السيل"، و"إذا طلع سهيل يبرد آخر الليل".