شهد عام 2022 وجود العديد من الأحداث، التي أكّدت أنّ فكرة الازدواجية لدى الغرب لا تتوقف عند حد الأقوال، وإنما تمتد أيضًا إلى الأفعال والسلوكيات، وهو ما أظهرته العديد من المواقف التي حدثت في العام الذي شارف على الانتهاء.
على الرغم من أن الرئيس الأمريكي جو بايدن، برر الانسحاب الكارثي من أفغانستان، بأنه يرجع إلى التكاليف الباهظة، إلا أن عام 2022 شهد وجود دعم ملياري غربي لأوكرانيا بالأسلحة وأنظمة الصواريخ بعيدة المدى، حتى يمكنها الصمود في وجه الغزو الروسي.
وفي عام 2021، أكّد بايدن أن القادة العسكريين نصحوه بالانسحاب بسرعة من أفغانستان بعدما طالت فيها الحرب لنحو 20 عامًا، لافتًا إلى أن بلاده دفعت تكلفة باهظة وتضحيات كبيرة في أفغانستان، كما أوضح أنه تم إنفاق تريليون دولار لتدريب وتجهيز قوات الأمن الأفغانية.
وبشكل مغاير تمامًا، تغيّر الموقف الأمريكي، حيث أعلنت الولايات المتحدة عن تقديم حزمة أسلحة إضافية إلى أوكرانيا قيمتها 1,1 مليار دولار تشمل أنظمة "هيمارس" الصاروخية وذخائرها وأنواعًا مختلفة من الأنظمة المضادة للطائرات المسيرة وأنظمة الرادار، إلى جانب قطع الغيار والتدريب والدعم الفني.
ورفعت تلك الحزمة الجديدة قيمة المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا إلى 16,2 مليار دولار منذ بدء الغزو الروسي للبلاد، إلى و16,9 مليار دولار منذ تولي الرئيس جو بايدن منصبه.
وتجلّت الازدواجية الغربية بعد محاولة الانقلاب التي شهدتها ألمانيا، والمتهم فيها حركة يمينية متطرفة تُعرف بـ"مواطني الرايخ"، والتي أعلنت رفض دستور البلاد ودعت للإطاحة بالحكومة، وخططت للاستيلاء على السلطة واقتحام البرلمان وتنفيذِ هجمات مسلحة على مؤسسات تشريعية ألمانية أخرى، ما دفع بالشرطة الألمانية لشن حملة أمنية وُصفت بالأكبر في تاريخ البلاد، أدت لاعتقال متورطين عُثر معهم على أسلحة تعود للجيش، لتعلن في وقت لاحق أن التحقيقات كشفت عن تهديد كبير داخل البلاد.
ورغم أن العالم الغربي انتفض لإدانة ما حدث في ألمانيا، إلا أنه لا يزال يرفض تصنيف جماعة الحوثيين كجماعة إرهابية رغم الفظائع التي ترتكبها بحق اليمنيين، وتطال أيضًا أراضي وأبناء المملكة العربية السعودية.
ودومًا ما تطالب وزارة الخارجية اليمنية بدعم المجتمع الدولي لتصنيف الحوثيين "جماعة إرهابية"، خاصة بعد تصعيد الميليشيات وتهديدها للملاحة الدولية والأمن والسلم الدوليين.
منذ بدء الأزمة السورية في عام 2011، شكّل ملف اللاجئين أزمة حقيقية وسط تعدد الشكاوى الغربية من التكاليف الباهظة التي تتحملها الحكومات من أجل دعمهم، والحديث الدائم عن أزمات إنسانية يتسبب فيها اللاجئون، إلا أن هذا الموقف تغيّر تمامًا وتبدّل إلى ترحيب كبير وكرم زائد حينما تعلّق الأمر باللاجئين الأوكرانيين.
وفي أواخر فبراير من عام 2022 بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، غادر أكثر من 3.7 مليون لاجئ أوكرانيا، في حين نزح ما يقدر بنحو 6.48 مليون شخص داخل البلاد، وقد سمحت دول الاتحاد الأوروبي الحدودية مع أوكرانيا بدخول جميع الهاربين من الحرب لأسباب إنسانية، سواء كان لديهم جواز سفر بيومتري أم لا، وقرر الاتحاد الأوروبي منحهم الحق بالبقاء والعمل والدراسة في أي دولة عضو في الاتحاد يختارونها لفترة أولية هي عام واحد.
ولم تتوقف إزدواجية الغرب عند حدود السياسية، وإنما تخطها أيضًا لتصل إلى الرياضة، فمع انطلاق مونديال 2022، توجهت العديد من الانتقادات إلى المدافعين عن القرارات القطرية بشأن مجتمع "الميم"، وسط محاولات عالمية عديدة لفرض "دعم الشذوذ" وتجاهل التعاليم الإسلامية وتقاليد المجتمعات العربية، إلا أن هذا الموقف تغيّر تمامًا بعدما ارتدى قائد المنتخب الأرجنتيني ليونيل ميسي، البشت الخليجي أثناء التتويج بالمونديال.
فرغم الاتهامات التي تم توجيهها لقطر بدعوى تقييد حرية الشواذ، إلا أن هؤلاء المدافعين عن المثليين لم يترددوا في الهجوم على ميسي حينما ارتدى رمزًا خليجيًا عربيًا أثناء تتويجه بكأس العالم، وهي الحملة التي تم وصفها بأنها "استعلائية ضد العرب".
ومن جانبها، وصفت لولوة الخاطر، مساعدة وزير الخارجية القطري، الحالة التي انتابت الكثيرين عقب ارتداء ميسي "البشت" العربي بمراسم التتويج، بأنها "سعار".
وقالت المسؤولة القطرية على صفحتها الرسمية بتويتر: "حالة من السعار انتابت إعلاميين أوروبيين كثر وهم يمارسون عقدتهم الاستعلائية على ثقافات العالم بعد منح البشت العربي لميسي تكريمًا"، وتابعت قائلة: "المفارقة أن الأوروبيين أنفسهم يمارسون هذا الطقس في كل حفلات التخرج، وهو تقليد عربي بدأ في جامعة القرويين التي أسستها فاطمة الفهري عام 859".