

في إطار الحفاظ على الموروث الوطني، تُعد حرفة السدو من أبرز الحرف اليدوية التي اشتهر بها سكان المملكة العربية السعودية، إذ لعبت دورًا محوريًا في تمكين سكان البادية من الاستفادة من الموارد الطبيعية في شبه الجزيرة العربية.
ويقوم السدو على حياكة نسيج يُصنع من وبر الإبل، وشعر الماعز، وصوف الأغنام، ليُنتج منه مستلزمات الحياة اليومية، مثل: بيوت الشعر، والخيام، والسجاد، والوسائد، وزينة رحال الإبل.
وتحمل كل خيوط السدو حكاية تنسجها أنامل نساء البادية بإبداع ودقة، لتحكي قصة الماضي وتراثه الذي لا يزال حيًّا في الثقافة السعودية، خاصة في حياة البدو الرحّل، الذين وجدوا في هذه الحرفة وسيلة لتلبية احتياجاتهم في بيئة صحراوية قاسية.
وتعكس كل قطعة من السدو لمسات الحرفية وإبداعها الشخصي، ما يجعل كل منتج فريدًا من نوعه. ولم تقتصر استخداماته على الجانب العملي فقط، بل أصبحت منتجاته تُزيّن المجالس، وتدخل في مكونات اللباس التقليدي مثل العباءات والبشوت.
وتُعد منطقة القصيم من أبرز المناطق التي اشتهرت نساؤها بالسدو منذ القدم، وتتميز منتجاتها بالجودة العالية والزخارف المستلهمة من بيئة البادية.
وتبدأ مراحل السدو بجمع المواد الأولية مثل الصوف والوبر والشعر، ثم تُفرز وتُنظف يدويًا فيما يُعرف بـ"النفش"، قبل أن تُغزل وتُبرم باستخدام "التغزالة"، وهي عصا تقليدية تُحول الألياف إلى خيوط جاهزة، يليها مرحلة الصباغة التي تضفي على المنتجات ألوانها الزاهية.
يُذكر أن السدو سُجّل ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي في منظمة اليونسكو بالتعاون مع دولة الكويت، ويأتي إعلان عام 2025 عامًا للحرف اليدوية تأكيدًا على التزام المملكة بالحفاظ على إرثها وتطوير صناعاتها التقليدية، من خلال جهود وزارة الثقافة وهيئة التراث في تنظيم ورش العمل والمعارض المتخصصة.