كشفت جولة ميدانية لـ"سبق" حقيقة ما جاء في مقطع الفيديو المتداول حول "مرضى الرعاية المديدة" بالظهران، حيث زارت "سبق" المستشفى، والتقت ببعض المرضى، وعددهم خمسة، وتبين أن بينهم من مكث في المستشفى 33 عاماً، وآخرون أقل من ذلك، وجميعهم تعرضوا لحوادث مرورية، أدخلتهم إلى المستشفى، وخضعوا لخطة علاج وقتذاك، إلا أنهم رفضوا الخروج من المستشفى؛ طمعاً في الحصول على خدمات اجتماعية من الشلل الذي أصابهم على خلفية الحوادث المرورية.
وأبدى المرضى رغبتهم بالبقاء في المستشفى، وعدم مغادرته، وقالوا لـ"سبق" إنهم متخوفون من الاعتماد على التأهيل الشامل أو الطب المنزلي، وأكدوا أن معلوماتهم عن هذه الجهات أنها لا تقدم الرعاية الصحية إلا فترات متقطعة من اليوم، بينما حالاتهم الصحية تحتاج إلى عناية على مدار الساعة.
بيتهم الأول
ويعتبر المرضى المستشفى بيتهم الأول، الذي اعتادوا العيش فيه منذ سنوات طويلة، وقالوا إن حالاتهم تتطلب عناية تمريضية على مدار الساعة، وإن هذه العناية لا تتوفر في التأهيل الشامل أو الطب المنزلي على حسب علمهم.
وتتراوح المدد التي قضاها المرضى في المستشفى بين عامين و33 عاماً، ويعاني بعضهم من شلل نصفي، بينما يعاني آخرون من شلل رباعي.
سيارة وخادمة
وأشارت مصادر إلى أن أحد المرضى يمتلك سكناً، ولديه سيارة وسائق خاص، ويعمل في وظيفة بالقطاع الخاص، ولديه ضمان اجتماعي، ويخرج بشكل شبه يومي إلى عمله والمجمعات التجارية، ومريض آخر متزوج من ممرضة تمتلك منزلاً، ويتردد عليه بشكل أسبوعي، ومريض ثالث يتقاضى راتباً تقاعدياً، إضافةً إلى إعانة من الضمان الاجتماعي، ومتزوج ولديه سكناً ويمتلك سيارة وسائقاً خاصاً، ويخرج إلى منزله بشكل مستمر، والمريض الرابع يمتلك شقة مستأجرة، ولديه 3 من البنات المتزوجات، ويمتلك سيارة، ووضعه المادي جيد جداً، أما المريض الخامس، فلا يلتزم بتعليمات الأطباء وأنظمة المستشفى، وتم بعد إجراء الفحوصات ضرورة تحويله إلى منشأة صحية أخرى تتطلب حالته الصحية الذهاب إليها، إلا أنه رفض الذهاب لاستكمال العلاج.
تلقوا الخدمة
ولمزيد من الإيضاح حول ملابسات الواقعة تواصلت "سبق" مع إدارة التجمع الصحي الأول بالمنطقة الشرقية، والتي أكدت أن مرضى مستشفى الرعاية المديدة بالظهران الذين ظهروا في مقطع فيديو، يناشدون فيه المسؤولين الإبقاء عليهم في المستشفى، وعدم إخراجهم منه، رغم مكوثهم لمدد تتراوح بين عامين و33 عاماً، قد تلقوا الخدمة الطبية والصحية اللازمة بالمستشفى، ويتطلب وضعهم استكمال رحلتهم العلاجية في الجانب الاجتماعي، ويتطلب الوضع خروجهم لوجود مرضى آخرين في أمسّ الحاجة إلى الأسرّة للعلاج من أمراض مزمنة.
رعاية كاملة
وأكدت إدارة التجمع لـ"سبق" أنها لن تتخلى عن أي محتاج للرعاية الصحية حتى بعد خروجهم من المستشفى، حيث سيتلقون الرعاية الكاملة ومتابعة أحوالهم عن طريق برنامج الطب المنزلي، والتي تقدم للمحتاجين في منازلهم، وكذلك في مراكز الرعاية الاجتماعية بالتنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية؛ لضمان إيجاد أماكن يعيشون فيها، إلى جانب تأمين خدمات رعاية لهم تتناسب وحالاتهم الصحية إذا تطلب الأمر.
وكان بعض المرضى قد قالوا في مقطع الفيديو، إن التجمع قررت إخراجهم من المستشفى، وأكدوا أن حالاتهم الصحية تستدعي الإبقاء في المستشفى، مطالبين بإلغاء قرار مغادرتهم المستشفى.
استقرت حالتهم
وقال التجمع الصحي في توضيح لـ"سبق": "إننا نسأل العلي القدير أن يمنّ على جميع المرضى بالشفاء العاجل، وأن يلبسهم العلي القدير ثوب الصحة والعافية، موضحين أن هؤلاء المرضى تم تقديم الخدمة الطبية اللازمة لهم، واستقرت حالتهم الصحية، وقد قرر الفريق العلاجي خروجهم، خاصة أنه يوجد حالات مرضية منومة في مستشفيات المنطقة، هي في أمس الحاجة إلى الخدمة الطبية في مستشفى الرعاية المديدة بالظهران".
الخدمة مستمرة
وأضاف: "عند خروج هؤلاء المرضى، سيستمر تقديم الخدمة الطبية والتمريضية لهم في منازلهم، عبر برنامج الطب المنزلي إذا استدعت حالاتهم الصحية ذلك، مع صرف الأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة".
ظروف اجتماعية
وأوضح التجمع الصحي أن "هناك تنسيقاً مع وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، لتحويل بعض هؤلاء المرضى إلى دار الرعاية الاجتماعية والتأهيل الشامل، وهي الجهة الأنسب حيث إن وجودهم في المستشفى؛ بسبب ظروفهم الاجتماعية، وليس بسبب حالتهم الصحية".
اتفاقية مع "العمل"
وكشف التجمع الصحي عن اتفاقية عقدها فرع وزارة العمل والتنمية الاجتماعية في المنطقة الشرقية، الشهر الماضي، مع التجمع الصحي الأول بالمنطقة، لتعزيز التعاون بينهما، وفق مرئيات رؤية 2030، وتنص الاتفاقية على تعاون فرع وزارة العمل مع الجمعيات الصحية والتطوعية، فيما يقدم الخدمات مواطني المنطقة، إضافة إلى التعاون في عملية نقل المرضى بعد استقرار حالاتهم الصحية الذين هم في حاجة إلى رعاية اجتماعية وفق ضوابط وشروط دار الرعاية الاجتماعية.
الطب المنزلي
يشار إلى أن برنامج الطب المنزلي بوزارة الصحة يعمل على توفير خدمات رعاية صحية منزلية ميسّرة للمرضى المحتاجين إليها من قِبل فريق طبي مؤهل لهذه الخدمة، حيث يعزّز البرنامج مساهمة أسر المرضى في متابعة مرضاهم حتى يستعيدوا عافيتهم دون عناء، إضافة إلى توفير أسرّة في المستشفيات لمرضى جدّد في حاجة ماسّة إليها.
ويستهدف البرنامج المحتاجين للرعاية التلطيفية والرعاية النفسية ومرضى السكري ومرضى القرحات السريرية والجروح ومحتاجي التغذية الأنبوبية أو مرضى إصابات الجهاز العصبي والجلطات الدماغية.
كما يقدم البرنامج مجموعة من الأنشطة والخدمات الطبية (علاجية، وقائية، تأهيلية وتوعوية واجتماعية) لفئات معيّنة من المرضى بين أهليهم وذويهم في أماكن إقامتهم وفق معايير وآلية عمل محدّدة.