صدقت تأكيدات سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، والتي أطلقها في أكتوبر من العام الماضي 2018، عندما قال إن القيمة الإجمالية لشركة أرامكو السعودية، لا تقل عن تريليوني دولار.
ومع تداول أسهم الشركة في سوق المال السعودي أمس، صعدت قيمة السهم للمرة الثانية على التوالي بالنسبة القصوى، وهي 10 %، ليصبح سعره اليوم بـ38.7 ريال، بدلاً من 32 ريالاً، هي قيمته الأولية قبيل التداول في السوق المالية.
تقييم ولي العهد لقيمة أرامكو السعودية، لم يكن عشوائيًا أو ارتجاليًا، بقدر ما كان قائمًا على معطيات حقيقية، تعكس حجم الشركة وواقعها وقوتها، كأكبر مصدر للنفط في العالم، كما كان قائمًا على رؤية عميقة، اعتمدت على الدراسات الاستقصائية الدقيقة، التي قامت بها الشركة قبل الإعلان عن الاكتتاب، بمساعدة مؤسسات عالمية، لها خبراتها وتاريخها في تقييم الشركات بشكل دقيق، الأمر الذي يؤكد أن ولي العهد كان يعي تمامًا ما يقول، ومتأكد منه.
ارتفاع سعر أسهم أرامكو بنسبته القصوى، تصدر عناوين الأخبار، في جميع وسائل الإعلام الرئيسة المحلية والعالمية اليوم، بعناوين مثل "أرامكو تعتلي عرش العالم" و"أرامكو.. الوعد يتحقق"، في إشارة إلى نجاح عملية الاكتتاب في جميع مراحلها، وفي عملية الإدراج أيضًا، وهو المشهد المثالي الذي توقعه الكثيرون في المملكة وخارجها، عطفًا على سمعة أرامكو السعودية محليًا ودوليًا، باعتبارها أكبر شركة نفط في العالم.
تشكيك وصمت
وكان محللون عالميون شككوا في قيمة شركة أرامكو، وحددوا قيمتها عند نحو 1.36 تريليون دولار، وذلك بالمقارنة مع رأس المال السوقي لعملاق الطاقة الأمريكي إكسون موبيل الذي يقل عن 300 مليار دولار.
وقالوا إن "أرامكو السعودية هي أكبر شركة نفط في العالم وأكثرها ربحية، لكن الحجم ليس كل شيء"، مشيرين إلى "خطر تباطؤ نمو صافي الدخل إذا ظلت أسعار النفط مستقرة".
وهؤلاء تأكد لهم اليوم أنهم كانوا على خطأ كبير في توقعاتهم التي لم تكن مبنية على دراسات علمية أو ميدانية دقيقة.
الرد على المشككين
واللافت للأنظار، أن المملكة التزمت الصمت تجاه من أشاعوا أن المملكة قد تلغي مشروع اكتتاب أرامكو، والتزمت الصمت مرة ثانية على المشككين في تقييم حجم الشركة، ورأت أن تتريث ولا تتسرع في الجدال والرد على أصحاب الإشاعات والمشككين.
وكان رد الحكومة على من أشاعوا إلغاء الاكتتاب، بأن طرحته في نهاية 2019، وليس في بداية 2021 كما أعلنت مسبقًا، وكان الرد على المشككين في قيمة الشركة عمليًا، حيث فضلت الحكومة أن تتريث، وتنتظر لبدء عملية الإدراج الفعلية لأسهم الشركة في السوق المحلية، ليعرف العالم على أرض الواقع القيمة الحقيقية للشركة العملاقة، ولم تمر 48 ساعة على بدء عملية الإدراج، إلا وعرف الجميع أن تقييم ولي العهد لقيمة الشركة الذي أعلن عنه قبل نحو 14 شهرًا، كان صحيحًا ودقيقًا وصادقًا.
مشروعات الرؤية
ويرى نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي أن وصول القيمة السوقية لأرامكو إلى تريليوني دولار، في أول يومين من بدء تداول أسهمها، يؤكد للجميع حقيقة مهمة، وهي أن ولي العهد، لا يتكلم إلا بما هو مؤكد، ولا يُصرح إلا بالحقائق المدعمة بلغة الأرقام، والتي يتعمد سموه الاستعانة بها في جميع تصريحاته وأحاديثه للمواطن أو الجهات الخارجية.
وظهر ذلك جليًا، في حديثه عن مشروعات الرؤية، مثل البحر الأحمر والقدية ونيوم، حيث استخدم لغة الأرقام الدقيقة، لتوضيح ملامح هذه المشروعات والجدوى الاقتصادية منها على المديين المتوسط والبعيد.
مستقبل أرامكو
وكان سمو ولي العهد الأمير قال لـ"بلومبيرغ" في العام الماضي: "سنطرح أرامكو بحلول بداية 2021، موضحًا أن "قيمة الشركة لا تقل عن تريليوني دولار".
وأضاف آنذاك: "أرامكو اليوم، تنتج النفط، ولا تملك سوى القليل من مشروعات المصب، نسبة إلى إنتاجها الضخم من الزيت الخام، وفي حال أردنا أن نملك مستقبلاً قويًا لأرامكو بعد 20 و30 و40 سنة من اليوم، فعلى أرامكو أن تستثمر المزيد في المصب؛ لأننا نعلم أن الطلب على النفط بعد 20 عامًا من اليوم، سيكون من البتروكيماويات، وإذا ما رأينا الطلب المتزايد على البتروكيماويات، فأنا أعتقد أنه يزداد بنسبة 2% إلى 3% اليوم، فحتمًا أن مستقبل أرامكو يجب أن يكون في المصب، وعلى أرامكو أن تستثمر في المصب".