وصفت الأمثال القرآنية جانباً بليغاً من بيان حال الكافرين الذين لم يستجيبوا لأمر الله وانساقوا وراء دعاة الكفر، وشبّهت حالهم بالظلمات التي لا يخرجون منها؛ كالبحر العميق والأمواج والسحب وكذلك الليل البهيم، وتناولت أهمية تعظيم أمر النور الذي يُعطى للمؤمنين الموحدين لله.
"سبق" وعبر برنامجها الرمضاني "هدايات قرآنية"، تستضيف طوال الشهر الكريم، الباحث الشرعي في الدراسات القرآنية "محمد الذكري"، وتستنبط منه بعضاً من أسرار ومعجزات القرآن الكريم، وتُقدّمها للقارئ عبر سلسلة ومضات يومية لمختارات من بلاغات الإعجاز الإلهي في الأمثال القرآنية.
بدأ ضيفُ الحلقة "الذكري"، بقوله تعالى: "أو كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ۚ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا ۗ وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ". وعلّق قائلاً: يستمر القرآن في بيان حال الكافرين الذين لم يستجيبوا لأمر الله وانساقوا وراء دعاة الكفر فكانوا أتباعاً له دون بصيرة وعلم، فوصف حالهم كأنهم في ظلمات بعضها فوقها، ظلمة البحر العميق، ثم فوقه ظلمة الأمواج المتراكمة، ثم فوق ذلك، ظلمة السحب المدلهمة، ثم فوق ذلك ظلمة الليل البهيم، فكانت ظلمات بعضها فوق بعض ظلمة عظمى، وشبه أعمالهم كهذه الظلمات.
وأضاف الباحث الشرعي في الدراسات القرآنية، مستشهداً بما قاله أبي بن كعب في قوله: (ظلمات بعضها فوق بعض) عن الكافر "فهو يتقلب في خمسة من الظلم: كلامه ظلمة، وعمله ظلمة، ومدخله ظلمة، ومخرجه ظلمة، ومصيره يوم القيامة إلى الظلمات، إلى النار".
وذَكرَ "الضيف اليومي" عدة فوائد لخّصها من المثل القرآني، قال فيها: العبد بلا إيمان لا نور له، وقد وصف الله القرآن بأنه نور مبين "يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً"، فمن أخذ من هدايات جاءه من النور بحسب عمله.
وواصل "الذكري" حديثه بقوله: إن استمداد النور الحقيقي هو من الوحي السماوي من الكتاب والسنة قياماً بالتوحيد وصالح العمل، لتكون واحدة بواحدة، فمن أخذ من نور القرآن في الدنيا هداية وعملاً، أخذ من نور النجاة يوم لقاء الله، قال الله - تعالى- "يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ".
وختم الباحث الشرعي حديثه عبر "سبق"، قائلاً: الآية في قوله - تعالى - "وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ" أفادت، بأهمية تعظيم أمر النور الذي يعطى للمؤمنين فهو من عند الله، وكذلك نستنتج، أن من لم يرزقه الله نور التوحيد والنجاة فلن يجد نوراً من غيره يهتدي به من ظلمات الكفر والهلاك.