قبل 32 سنة، في 31 ديسمبر 1990م، نجح فريق طبي سعودي بقيادة الدكتور عبدالله بن عبد العزيز الربيعة، وزير الصحة وقتئذٍ، في إجراء عملية جراحية معقدة لفصل توأم سيامي سعودي من الإناث، ملتصق بمنطقة البطن، ويشترك في أغشية البطن، وجزء من الكبد، وكان نجاح العملية في هذا التخصص الجراحي الدقيق بمثابة إنجاز طبي سعودي، ترددت أصداؤه في أرجاء العالم، فتحول الإنجاز إلى لبنة في تأسيس البرنامج السعودي لفصل التوائم السيامية، الذي انفتح على العالم، واستقبل حالات من دول شتى دون تفرقة.
فبعد نحو 13 شهراً من إجراء العملية الأولى، وفي 8 فبراير 1992م، نحج الفريق نفسه في إجراء جراحة للتوأم السوداني سماح وهبة، اللتان ولدتا بالتصاق في منطقة أسفل الصدر والبطن والحوض، بعد عملية استغرقت 18 ساعة متواصلة، في حين أن عملية التوأم السعودي استغرقت 4 ساعات فحسب، لتتوالى بعد ذلك عشرات الحالات، التي استقبلتها المملكة، والتي نجح الفريق في إجرائها، من ماليزيا والفلبين وبولندا والكاميرون ومصر والأردن والعراق والمغرب والجزائر واليمن وفلسطين وتنزانيا وغيرها من الدول.
وتشير البيانات الإحصائية إلى أن البرنامج السعودي لفصل التوائم السيامية، قيّم منذ تأسيسه ١٢٧ توأماً من ٢٣ دولة، وفصل ٥٤ توأماً بنجاح، آخرهم التوأم السيامي العراقي "علي وعمر"، الذي وجه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بإجراء عملية فصل لهما، اليوم (الخميس)، وتعكس النتائج التي حققها البرنامج، المستوى الكبير للريادة الدولية، التي بلغتها المملكة في هذا التخصص الجراحي الدقيق، كما تعكس كبر حجم الخبرة، التي باتت تمتلكها في مجال فصل التوائم السيامية، الذي تتطلب كل حالة منه فريقاً طبياً كبيراً في عدة تخصصات طبية.
ولا تقتصر ريادة المملكة في مجال فصل التوائم السيامية على الريادة الطبية فحسب، وإنما الريادة الإنسانية أيضاً، إذ يحظى البرنامج السعودي لفصل التوائم السيامية باهتمام مباشر من قيادة المملكة، التي تُصدر التوجيهات باستقبال حالات التوائم، وإجراء العمليات الجراحية لها، والتكفل بكل نفقاتها المالية، وتنفرد القيادة السعودية دون غيرها بمنح هذا الاهتمام الإنساني لحالات التوائم السيامية في العالم، ويُعد البرنامج جزءًا من جهود المملكة في مجالات العمل الإنساني على المستوى الدولي، ومنها تصدرها العام الماضي للدول المانحة في مجال تقديم المساعدات الإنسانية والتنموية، للدول منخفضة ومتوسطة الدخل بمبلغ 7,12 مليار دولار أميركي.