تبدو العلاقات بين السعودية ودولة جنوب إفريقيا متنامية، وتتخذ خطًّا تصاعديًّا في جميع المجالات بلا استثناء، في إشارة واضحة إلى رغبة قيادتَيْ البلدَيْن في تطوير هذه العلاقات، والوصول بها إلى أبعد نقطة من التطور والازدهار الذي ينعكس إيجابًا على الشعبَيْن الصديقَيْن.
وإذا كانت العلاقات بين الرياض وجوهانسبرج عميقة وقوية منذ عقود مضت، فهي في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تشهد قفزات مهمة وشاملة، تنتقل من تعزيز التعاون بينهما إلى حد التكامل في جميع المجالات، وفي المقدمة الاقتصاد، والتعاون التجاري، والعلاقات العسكرية.
وتُعدُّ العلاقات بين السعودية وجنوب إفريقيا متميزة؛ فكلا البلدين عضو في مجموعة العشرين، وفي مجموعة كبيرة من المنظمات الإقليمية والدولية.
واقتصاديًّا، مثَّل التعاون الاقتصادي بمفهومه الشامل حجر الزاوية في تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدَيْن، ولاسيما أنهما يتمتعان بإمكانات اقتصادية وثروات طبيعية كبيرة، ويحرصان على تفعيلها وتنميتها واستغلالها بكفاءة عالية؛ لتحقيق أهداف رؤية السعودية 2030، وأهداف خطة التنمية الوطنية 2030 بجنوب إفريقيا.
وتحرص السعودية على تعزيز صادراتها إلى جنوب إفريقيا، وتوسيع الفرص التجارية والاستثمارية بينهما؛ إذ افتتحت السعودية أخيرًا الملحقية التجارية السعودية في جوهانسبرغ. وتعكس الملحقية دعم الحكومة لتوسيع نطاق التعاون والعمل المشترك بين البلدَيْن، وتنمية العلاقات الاقتصادية القائمة، والدفع بها إلى آفاق أرحب.
كما أن إنشاء الملحقية التجارية يسهم في تعزيز الصادرات السعودية، وجذب الاستثمارات الأجنبية إلى السعودية، وهذا يأتي ضمن مساعي الدولتين وجهودهما لتعزيز الوجود التجاري، والتوسع في الأسواق الخارجية، من خلال افتتاح ملحقيات تجارية جديدة لتمكين الوصول إلى الفرص، بما يحقق مستهدفات رؤية السعودية 2030.
وتضم التغطية الجغرافية للملحقية دول جنوب وشرق القارة الإفريقية، كما أن حجم التبادل التجاري بين السعودية وجنوب إفريقيا يقارب 18 مليار ريال في عام 2021. وتتولى الهيئة العامة للتجارة الخارجية، ممثلة بوكالة شؤون القطاع الخاص والتمثيل الدولي، الإشراف على الملحقيات التجارية. ويبلغ عدد الملحقيات التجارية القائمة 19 ملحقية تجارية.
وكان التبادل التجاري بين السعودية وجنوب إفريقيا متأثرًا بجائحة كورونا العالمية في عام 2020، وسجل فقط ٣ مليارات دولار.
وكانت هناك لقاءات بين مسؤولي البلدين، أثمرت تعزيز التعاون الاقتصادي بينهما. فعلى هامش انعقاد قمة العشرين في العاصمة الأرجنتينية بيونس آيرس في نوفمبر 2018م التقى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس وفد السعودية المشارك في قمة قادة دول مجموعة العشرين، الرئيس سيريل راما فوزا، رئيس جمهورية جنوب إفريقيا. وجرى خلال اللقاء استعراض مجالات التعاون بين السعودية وجنوب إفريقيا، وفُرص تعزيزها في مختلف المجالات، وبخاصة في مجال الطاقة، والاستثمارات المتبادلة.
وبجانب الاقتصاد والعلاقات التجارية، تتمثل أبرز مجالات التعاون الثنائي بين البلدين في "المجال العسكري، وقطاع التعدين، وقطاع الطاقة، وقطاع الزراعة". وقد حظي التعاون في المجال العسكري باهتمام كبير من الجانبَيْن؛ إذ يمثل هذا المجال ملفًّا رئيسيًّا للتعاون بين البلدين، ولاسيما في مجال الصناعات الدفاعية؛ إذ تسعى السعودية إلى توطين ما يزيد على 50% من إنفاقها العسكري بحلول عام 2030، والاستفادة من الخبرات الجنوب إفريقية في هذا المجال.
وأثمر التعاون السعودي الجنوب إفريقي في مجال الصناعات الدفاعية افتتاح مصنع للمقذوفات في محافظة الخرج، بالشراكة بين المؤسسة العامة للصناعات العسكرية وشركة (راينميتال دينيل) للذخيرة، بتكلفة بلغت نحو 240 مليون دولار.