لطالما كان القرآن الكريم محل اهتمام خاص من القيادات السعودية على مر التاريخ، وظل هذا الاهتمام قائمًا فترة بعد أخرى، وصولًا إلى حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز حفظهما الله، اللذيْن أوْليا القرآن الكريم عناية واهتمامًا منقطع النظير، ليس لسبب سوى أن المملكة دولة قامت على منهج القرآن وجعلته دستورًا لها -بفضل الله- ومصدرًا للتشريع، فترسخت في نفوس أهلها العقيدة الصافية النقية، التي تدفع الناس إلى التزام منهج القرآن الكريم علمًا وعملًا، وما فتئت تُيَسّر لأبنائها وأبناء المسلمين في العالم كله سُـبل حفظ كتاب الله تعالى، وتجويده وتلاوته وتفسيره.
ومن صور الاهتمام بكتاب الله، مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم وتلاوته وتفسيره في دورتها الثالثة والأربعين، التي انطلقت تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وتنظمها وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد؛ ممثلة في الأمانة العامة لمسابقة القرآن الكريم المحلية والدولية، في المسجد الحرام بمكة المكرمة، خلال الفترة من 9 إلى 21 من شهر صفر الجاري، ويشارك فيها متسابقون من 117 دولة، وتبلغ جوائزها 4 ملايين ريال في أفرعها الخمسة.
ويعكس الاهتمام العميق بالمسابقة، اهتمام والتزام القيادة بتعزيز القيم الإسلامية وتعليم الدين، كما تعكس المسابقةُ ملامح رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بكتاب الله وحفظه وتجويده وتفسيره، وتشجيع النشء على الإقبال عليه حفظًا وأداءً، وتجويدًا وتفسيرًا.
وتجسّد المسابقة الدعم المتواصل من القيادة الرشيدة والدعم المتواصل بالقرآن الكريم وأهله؛ حيث إن تنظيم هذه المسابقة في دورتها الثالثة والأربعين، يأتي امتدادًا لما تُقَدمه هذه الدولة المباركة من خدمات جليلة لكتاب الله، وتحفيزًا لأبناء المسلمين في مختلف دول العالم على التنافس الشريف في حفظ القرآن الكريم وتلاوته.
وتنطلق جهود خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين، في إقامة هذه المسابقة في رحاب المسجد الحرام، من الدعم المتواصل لأعمال وبرامج وزارة الشؤون الإسلامية التي تتواكب مع الرسالة السامية التي تضطلع بها المملكة في خدمة الإسلام والمسلمين في العالم، والعناية بكتاب الله عز وجل.
وتَمَيـز خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بقوة تمسكه بتعاليم القرآن الكريم، وهذا الحرص لا يتعارض مع ما عُرف عنه من مواكبة كل جديد نافع لا يخالف الكتاب والسنة؛ فقد قال -حفظه الله- في أحد المحافل: "ولا نقبل بحال من الأحوال ما يخالف دستورنا الذي هو كتاب الله، أما ما ينفع الناس من أنظمة ومن أشياء لا تتعارض مع هذا الكتاب فأهلًا وسهلًا بها"، ومن هذا المنطلق دعم مشروع "خيركم" لتعليم القرآن الكريم عن بُعد بمبلغ ستة ملايين ريال، ثم تزين المشروع باسم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز فازداد المشروع جمالًا وبهاءً، فإضافة اسمه الكريم كإضافة قيمة نوعية للمشروع.
وامتن الله على هذه الأمة فأرشدها وهداها إلى أحسن الطرق وأقومها، وأنزل عليها أفضل كتبه وأدومها، وضَمِنَ لها حفظه من التحريف والتبديل، وجعله معجزة خالدة باقية أزلية إلى يوم الدين، وجعل سبحانه وتعالى العلم بالقرآن والعمل على هديه ميزانًا للتفاضل بين الناس، فهو أصل العلم ومنبع العلم وكل العلم.
وتظهر عناية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بالقرآن الكريم منذ الصغر؛ فقد ختم القرآن الكريم وهو ابن أحد عشر عامًا، ثم أصبح القرآن رفيق دربه، فهو صاحب صلة يومية متجددة بالقرآن الكريم، ولا يترك ورده القرآني في حضر ولا سفر، وإذا جاء رمضان تعاظم الورد وطال.