بدأت مُصابة فيروس الكورونا في التماثل للشفاء هي وطفلتها التي تعدُ الحالة الوحيدة لطفلة مصابة بالفيروس، وذلك بعد أن بقيتا في غرفة العزل بمجمع الملك فيصل بالطائف أسبوعًا واحدًا، ويتوقع أن يتم خروجهما قريبًا بعد نتيجة التحليل النهائية.
وقالت مُصابة فيروس كورونا المواطنة "نورة الشريف" إن أكبر أمنية تدعو الله سبحانه وتعالى أن يُحققها لها هي الالتقاء بوالديها، وأن تتمكن من تقبيلهما بعد أن حُرمت من ذلك بسبب إصابتها.
وروت "الشريف"، لـ "سبق"، قصة إصابتها بـ"كورونا" بالعدوى من زوجها، لتلحق بهما ابنتهما "علياء" (4 سنوات)، حيث برزت شجاعتها وقوتها بعد إرادة الله سبحانه وتعالى في التعايش مع الفيروس ومقاومته والتغلب عليه، وقالت: "نحن أساسًا من سكان محافظة الطائف، ومنذ عدة سنوات ونحن نقيم أنا وزوجي وابنتي في العاصمة الرياض، بسبب ارتباط زوجي بعمله هناك، وفي تاريخ 14 مارس شكا زوجي الذي يعاني أصلاً بسبب حساسية مزمنة من بعض الأعراض تمثلت في الكحة والحرارة، على إثره توجه للمستشفى، وأفادوه بأنها مجرد حساسية وستزول".
وتواصل "الشريف" حديثها: "كررنا، بعد الشك في تلك الأعراض، الاتصال على هاتف وزارة الصحة 937 الذين تجاوبوا معنا، وطمأنونا وبادرنا بالسفر برًا قبل قرار الإغلاق وعدنا إلى الطائف، وهنا وبعد أن اشتدت تلك الأعراض علينا أنا وزوجي ذهب زوجي أولاً إلى أحد المستشفيات الخاصة بالطائف، وبعد الفحص عليه ثبتت إصابته بالفيروس ليتم استدعاؤنا في اليوم التالي؛ كوننا مخالطين له، وبعد إجراء الفحوص اللازمة ثبتت إصابتي وابنتي بالفيروس الذي اكتسبه زوجي من أحد زملائه "أجنبي" في مقر عمله".
وقللت كثيرًا من خلال حديثها من خطورة المرض قائلة: "المرض سهل جدًا، والخوف فقط من انتشاره خصوصًا لكبار السن، وأنا في بداية الأعراض وصلت درجة حرارتي إلى 38.5 كأعلى درجة، وتزامن معها ألم في المفاصل وكحة خفيفة، وصداع، وغثيان، وفقدان لحاسة الشم والتذوق، حتى اليوم"، مؤكدةً أنه لم تظهر عليها ولا على زوجها أعراض الرشح والزكام، وأن الأنف كان طبيعيًا جدًا، مشيرةً إلى أن ابنتها ظهرت عليها أعراض بسيطة جدًا، تمثلت في حرارة خفيفة، ثم اختفت.
وواصلت "أم علياء": "بعد أن زال الخوف من الإصابة، كان والدي والذي يعمل أصلاً "طبيب استشاري" قد أخذ الأمر بكل جدية، وهيأ لنا مقرًا متكاملاً لكي يكون عزلاً لنا، قررنا حينها أن نتوجه للعزل الصحي بمجمع الملك فيصل الطبي بالطائف، تأكيدًا منا وخوفًا على والدينا والأسرة، ومن يعيشون حولنا، وهذا كان كل تركيزنا، فلم نعد نخاف على أنفسنا ولله الحمد فقط، نخاف على غيرنا خصوصًا كبار السن".
وأضافت: "قبل أن نذهب سألتني ابنتي: إلى أين سنذهب؟ وكان جوابي لها حتى لا تشعر بالخوف: سنذهب إلى الفندق، وعند وصولنا إلى قسم العزل تخوفت هي وزعلت كثيرًا حتى أزال الطاقم التمريضي في داخل قسم العزل ذلك الخوف الذي انتابها بتقديم الكثير من الألعاب الترفيهية كونها الطفلة الوحيدة التي تخضع للعزل، واقتنعت حينها بأنها في فندق!".
وأشارت إلى أن دخولهم للعزل كان يوم الثلاثاء الماضي، وأن التواصل بينها وزوجها المعزول بعيدًا عنها كان عبر الهاتف، حيث يتذاكران ما يُقدم لهم من خدمات كبرى تفوق الوصف، إلا أنها تميزت عنه بالحقيبة التي تحتوي على مستلزمات العناية الشخصية، وما كان منها إلا أن أرسلت إحداها لزوجها هديةً منها له".
وقالت مُصابة الكورونا "نورة الشريف" إن لوجود الشباك داخل غرفة العزل أهمية بالغة في نفسها، حيث أسهم في تغيير نفسيتها وابنتها مبيّنة أنها كانت تمضي جُل وقتها عند ذلك الشباك تشاهد الناس والعالم الخارجي من خلاله، وكذلك تتسلل منه أشعة الشمس لداخل الغرفة، بعد أن أبلغها زوجها أن غرفة العزل بالمستشفى الخاص الذي نوّم فيه في بداية الأمر كانت عبارة عن غرفة مصمتة ومن دون شباك، لا يعرف المعزول فيها الليل من النهار، مبيّنةً أن الإنسان يستطيع أن يخلق السعادة والفرح لنفسه داخل تلك الغرفة، حيث يتوفر الإنترنت والتلفاز وجميع ما يحتاج إليه بداخلها، مختصرةً ذلك بقولها: "كانوا يدلعوننا والله بداخلها".
وأشادت بما يُقدم من جهود وخدمات غير عادية من قِبل وزارة الصحة، والتي تدعم خدميًا كل المرضى، وكذلك إدارة المجمع الطبي، والطاقم التمريضي، مبيّنة أنهم يسألون عنها بشكلٍ مستمر عبر هاتف الغرفة، وأثنت على تنوع الوجبات والأغذية "المميزة"، بحسب رأيها.
وقالت: "منذ دخولي للعزل تتزايد الاتصالات عليّ من أقاربي وصديقاتي ولسان حالهم يقول: هل كورونا حقيقة؟ وهم في هلعٍ وخوف، وحينها يكون ردي لهم: أنا أصلاً ما كنت خائفة قبل الإصابة، وبعد الإصابة تعاملت مع الحالة بشكلٍ طبيعي، والحمد لله أنا في أتم صحةٍ وعافية، فقط اخترنا العزل لخوفنا على من هم حولنا؛ كون المرض انتشاره يكون سريعًا".
وأضافت: "كما كنت أخبرهم بأن العزل غير مخيف على الإطلاق، وأننا نعد أنفسنا في منازلنا، فقط الاختلاف أن هناك إشرافًا ومتابعة طبية فائقة"، مؤكدةً في الوقت نفسه أن الأعراض زالت ولله الحمد، عدا الكحة التي ما زالت باقية بدرجة خفيفة، كذلك الحال بالنسبة لفقدان الشم والتذوق، والذي تحسن تدريجيًا.
وذكرت "أم علياء" أنها خريجة الفيزياء منذ عام 2013م، وأنها مهتمة جدًا باختصاص رسم وتصميم أزياء الأطفال، وأنها سخرت سنابها الشخصي في ذلك الاختصاص ونشره، لكنها بعد الإصابة بالفيروس تغير ذلك الأمر، وبدأت تزرع الطمأنينة وتزيل الخوف والهلع على متابعيها من خلال بعض النصائح والإرشادات عن الفيروس، وتشدد على النظافة الشخصية بدرجة كبيرة، واتباع إرشادات وزارة الصحة، والبقاء في المنزل للوقاية بإذن الله سبحانه وتعالى من ذلك المرض.
واختتمت "نورة الشريف" قصتها مع فيروس كورونا المستجد، بعد سبعة أيام من العزل هي وابنتها، بذكر أمنيتها قائلة: "عند خروجي -بإذن الله- سالمةً متعافاة تفكيري فقط يتركز على اللقاء بأمي وأبي؛ لكي أتمكن من السلام عليهما وتقبيلهما بعد أن حرمني كورونا من ذلك خوفًا من أن تنتقل لهما العدوى".