يُعدُّ برج رغبة المسمى بـ"المرقب" أهم المعالم الأثرية في منطقة المحمل، وقد شُيد في مدينة رغبة التابعة لمحافظة ثادق شمال منطقة الرياض منذ 180 سنة تقريبًا، وهو مَعلم بارز من معالم المنطقة، ويعد أعلى برج أثري في نجد.
وعندما يذكر برج المرقب تذكر مدينة رغبة؛ فهو مقترن بها، يعانق السماء، ويُرى من بُعد من شدة ارتفاعه.
وقبل أن نتناول البرج الأثري التاريخي، وأهم محتوياته، لا بد أن نتطرق لمدينة رغبة التي تعد من أهم بلدان إقليم المحمل شمال منطقة الرياض.
تقع رغبة في منطقة الرياض على بُعد 120 كم شمال غرب مدينة الرياض العاصمة، ويصلها بالرياض الطريق القادم من القصب فحريملاء.
وتتوسط رغبة أرض مكشوفة، يتقاطع عندها خط البادية الذي يربط بين طريق سدير وطريق الحجاز القديم، مع طريق القصب القادم من القصب باتجاه حريملاء.
وتتبع رغبة إداريًّا محافظة ثادق قاعدة المحمل التابعة لإمارة منطقة الرياض. ويحيط ببلدة رغبة الكثير من المدن والقرى التي تشكل حدودها الجغرافية، وذلك على النحو الآتي:
• من الشمال: ثادق.
• من الجنوب: العويند والبرة.
• من الشرق: حريملاء.
• من الغرب: ثرمداء والقصب.
وتحتوي منطقة رغبة على عدد من المعالم الطبيعية، أهمها جبل الغرابة في الشمال، وجبل عريض في الجنوب، وسلسلة جبال طويق في الشرق، ونفود رغبة في الغرب والشمال.
وتتوسط رغبة منطقة حوضية منبسطة، تقع في حضن جبل طويق من الغرب، ويشرف عليها بهامات جليلة، هي حافاته المتكسرة، وهي علامات وشواخص بارزة وسط مظاهر الصحراء الرتيبة.
وينحدر السطح بصفة عامة تجاه الغرب.
وتنقسم التضاريس المحيطة بالمدينة إلى ٤ أقسام، هي:
١- جبل طويق في الشرق، ويحوي كثيرًا من الخشوم التي تطل على بلدة رغبة، ومن أهمها: خشم الحصان أكبر أنوف طويق وأشهرها، ومنها خشم التراب، وخشم الحصين، وخشم الأصبع، وخشم المقيود.
٢- جبل الغرابة في الشمال الشرقي، وهو مَعلم بارز من معالم رغبة.
٣- جبل عريض في الجنوب، وفيه «غار بدها» الذي تحاك حوله القصص والروايات، وفيه عدد من الثنايا، أهمها ثنية عريض.
٤- الكثبان الرملية: وتتمثل في (نفود أو عريق رغبة)، كما يسمه أهل البلدة، وهو كثيب رملي، يحاذي البلدة من جهتها الغربية، وتقدر مساحته بـ 50كلم2 تقريبًا.
وتقع حول رغبة رياض ومراتع مشهورة، من أهمها: أم الشقوق، والرويض، والنسوان، والتحيضة، والسباعة، وأم سدر، وآل كثير، والبردان، والطريف، وأم رغل، والذعاليق.. وغيرها من الرياض.
ويعد برج رغبة المسمى بـ"المرقب" أهم المعالم في منطقة المحمل، وقد بُني منذ 180 سنة تقريبا، وهو من الآثار المشهورة، ومَعلم بارز من معالم المنطقة؛ إذ يعد أعلى برج أثري في نجد.
وعندما يُذكر برج المرقب تُذكر بلدة رغبة؛ فهو مقترن بها، ويعانق السماء، ويُرى من بُعد من شدة ارتفاعه.
ويذكر الرواة والمؤرخون أن أهالي رغبة عُرفوا بشجاعتهم وقوتهم وشدة بأسهم؛ لذا سكنوا في أرض مستوية بعيدة عن الجبال والتلال التي تتحصن بها بلدان نجد عادة؛ لتحميها من شر الغزاة عند الحروب. ولأن البلدة لا يوجد بها مكان مرتفع تتحصن به، وتراقب منه، قام الأهالي بالتعاون ببناء أطول برج في المنطقة، لكنهم بعد أن انتصف العمل في البرج واجهوا مشكلة أوقفت البناء؛ إذ لم يجدوا من يستطيع الصعود إلى الأعلى لإكمال بناء البرج؛ فقام الأهالي بالاستعانة بإبراهيم بن سلامة من أهالي ثادق لإكمال البناء والإشراف عليه، فتم إكمال بناء البرج الأعلى والأقدم في المنطقة.
ويتميز البرج بميزات عدة، خاصة به، منها دقة تنفيذه وجودة بنائه، ومنها صغر دائرة البناء مع الارتفاع الشاهق، فلم يضخم مبناه بالرغم من علوه، كما تناسقت قصباته المركبة على بعضها على هيئة أسطوانات، يقل حجمها وسعتها ومواد البناء فيها كلما ارتفع البناء إلى الأعلى.
والبرج ذو شكل أسطواني مقسم إلى ستة أجزاء، ويبلغ طوله 25 مترًا تقريبًا، ويبلغ قطره في الأسفل نحو 4.5 متر، ثم يقل مع كل علو حتى يصل في نهايته إلى نحو المتر تقريبًا.
وباب البرج في أسفله من الجهة الشرقية جهة البلدة. ولعل الحكمة من وجوده في الجهة الشرقية لأجل الدخول أو الخروج منه بشكل آمن، أو لأجل أن يتمكن الأهالي من مراقبة الباب.
ويوجد بالبرج إحدى عشرة فتحة، تسمى "مزاغير"، ووضعت لسببين: الأول: للتهوية نظرًا لطول البرج وضيقه. والثاني: لإخراج رؤوس البنادق ورمي الغزاة بها عند الحاجة إلى الرمي بالسلاح.
وبُني البرج بعمود في داخله مكون من مجموعة من القطع الصخرية، تسمى "خرز"، بنيت على شكل عمود من الأسفل حتى العمود الأعلى. وقد ربط هذا العمود بجدران البرج، ووُضع بداخله درج حلزوني حتى الأعلى، وهو مكان الرقيب، ويبلغ عدد درجاته 73 درجة.
وشُيد البرج ليكون عينًا ﻷهالي البلدة نحو كل من يقصدها، سواء بالشر أو بالخير؛ إذ يكون الجميع في أتم الاستعداد لقاصد مدينتهم؛ لأن الأهالي آنذاك هم المسؤولون عن حماية أنفسهم قبل توحيد السعودية واستتباب الأمن والأمان.
ومن فوائد البرج - إضافة إلى الحماية من الأعداء - معرفة ما يدور حول البلدة من مواشٍ وأشخاص ومتاع، والمساهمة في البحث عنه.
وكان الأهالي يختارون الرقيب الذي يقوم بالعمل في البرج من أهل التقوى والصلاح، ويُشهد له بالسيرة الحسنة والنزاهة، وكذلك حدة البصر؛ حتى يشاهد المنطقة من بُعد؛ إذ إن الرقيب في أعلى البرج يرى مسافة 30 كيلومترًا.
ويستعمل الرقيب العلم الأحمر لتحديد اتجاه الخطر أثناء ذهابهم إليه. أما من هم في داخل البلدة فيستعمل النداء لهم؛ لأنهم قريبون منه. ويبدو عمله وكأنه برج مراقبة في مطار في ذلك الزمان.
ومن أشهر من عملوا في البرج ناصر بن منصور العريني، الذي كان رقيبًا في البرج زمنًا غير يسير.
ورُمم البرج ٣ مرات في تاريخه، الأولى أمر بها خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز حينما كان أميرًا للرياض، خلال زيارته التاريخية لمنطقة المحمل عام 1392هــ. فعندما شاهد البرج في زيارته تلك أمر بترميمه؛ فرُمم بعدها بسنتين في عام 1394هــ، وذلك في عهد الملك فيصل -رحمه الله-.
والثانية حصلت قبل ٢٨ سنة تقريبًا في عام 1417، عندما تكفل ابن رغبة البار الشيخ عبدالرحمن بن علي الجريسي بترميم البرج، وتم ترميمه ووضع قاعدة خرسانية حوله لحمايته، إضافة إلى إنارته وإغلاق بعض الشقوق فيه.
والثالثة قبل ٩ سنوات، وبالتحديد عام ١٤٣٦، عندما سقط البرج بسبب الأمطار الغزيرة، والرياح الشديدة، التي شهدتها مدينة رغبة. وقد حضرت "سبق" وقتها عند أطلال "برج رغبة" المنهار، ورصدت تجمُّع عدد من المواطنين من مدينة رغبة ومن المحافظات المجاورة لها، وقد بدت عليهم الدهشة والتأثر البالغ من سقوط أعلى برج أثري في المنطقة، الذي عاش ردحًا من الزمن. وقد كان لدعم الشيخ عبدالرحمن الجريسي وتضافر جهود الجميع من الجهات الحكومية والأهالي والمهتمين دور بارز في إعادة ترميمه خلال مدة وجيزة.
في عام 1406هــ تعرضت مدينة رغبة لسيول عارمة، هدمت بيوتها الطينية؛ فانتقل أهلها إلى المخطط الجديد شمال شرق البلدة القديمة، وتركوا البرج وحيدًا في القرية القديمة المهجورة طيلة هذه السنوات.