إنسانية تتجلى في قرار "حياة وموت".. قصص لأشهر "هدايا الأعضاء" في المملكة

ما بين بر الأبوين وإنهاء المعاناة تتجلى نماذج سعودية عدة في الترابط والمودة والرحمة
إنسانية تتجلى في قرار "حياة وموت".. قصص لأشهر "هدايا الأعضاء" في المملكة

ما بين يوم وآخر نطالع ونستكشف قصصًا حياتية واقعية ونماذج إنسانية تؤكد أن أبناء المملكة يتمتعون بمروءة ووفاء عز أن نجدها في هذه الأيام، نماذج عدة ضربت أروع الأمثلة في مساعدة كل محتاج، وبخاصة إذا كانت المسألة تتعلق بالحياة والموت، وهو أمر يؤكّده الإقبال على التبرع بالأعضاء؛ بهدف إنقاذ الحياة، حيث شاهدنا العديد من القصص التي تظهر فزعة السعوديين للنجدة، حتى وإن تطلب الأمر التبرع بأحد أعضاء الجسد.

برّ الأب

وخلال الفترة الماضية، حازت قصة المواطن "سعدان بوتيه"، على الإعجاب، بعدما كشف أن اثنين من أبنائه قد ضربا أعظم الأمثلة في بر الوالدين، من خلال تبرعهما بكليتيهما له في عمليتين منفصلتين على مدار 15 عامًا.

وكشف "بوتيه" أنه أجرى العملية الأولى في عام 1428هـ، والتي تبرع فيها أحد أبنائه له بكليته، قبل أن تحدث بعض المشكلات نتيجة انقطاع الدم عن الكلية، مضيفًا أنه بعد فترة علاج استقر الأطباء على إجراء غسيل للكلى أو الزراعة، فتقدم الكثير من الأصدقاء والزملاء وأبناء العائلة للتبرع بكليتهم، إلا أن ابنه الثاني هو الذي تبرع له بكليته بعد 15 عامًا من إجراء العملية الأولى، وأجرى العملية في رمضان 1443، وتمت بنجاح بفضل الله عز وجل.

إنهاء المعاناة

وبنفس صورة الوفاء والبر، فقد سبق للشاب سياف أمين الدقوق، وأن عبّر عن حبّه الشديد لوالده بشكل عملي تمثّل في إنهاء معاناته الطويلة مع الغسيل الكلوي، بعدما تبرّع ابن منطقة عسير بكليته لوالده المصاب بالفشل الكلوي.

وعقد الشاب "الدقوق" نيته على التبرع لأبيه بكليته بعد تدهور حالته الصحية؛ أملًا في إنقاذ حياته من الموت المحقق، وجاء ذلك بعد أن نصح الأطباء الأب بضرورة إجراء عملية نقل الكِلية وزراعتها؛ من أجل تحسين حالته الصحية.

الترابط الأسري

وفي موقف إنساني نبيل يعكس عمق التلاحم والترابط بين أبناء الأسرة الواحدة، فقد أسرع الشاب عبداللطيف بن نيف بن تويلي، إلى إنهاء معاناة عمّه الشيخ بزيع بن حامد بن تويلي مع المرض من خلال تبرعه له بإحدى كليتيه.

ووقتها قال الشاب عبداللطيف إنه في لحظة مفاجئة تم اكتشاف قصور في وظائف الكلى لدى العم بزيع، ولم يخبر أحدًا بذلك حتى ظهرت ملامح القصور على صحته وحياته العامة، وأضاف: بادرت مع أبنائه وعدد من أبناء العمومة بالرغبة في التبرع له، وهذا أقل شيء نقدمه له.. حفظه الله وألبسه لباس الصحة والعافية.

وأردف: تقدمت معهم لفحوصات المطابقة والتي استمرت من 3 إلى 4 أسابيع، حيث بدأت بتحليل الدم تلاها فحوصات شاملة، وبفضل الله تعالى حصلت على أعلى نسبة مطابقة وبفارق كبير عنهم وعن ابنه عبدالله الذي يليني في درجة المطابقة، وتابع: بعد التأكد من كل التحاليل والفحوصات قررت اللجنة الطبية المشرفة على علاجه تحديد موعد العملية، وتم إجراء العملية وكانت عملية ناجحة، وأنا فخور جدًا بذلك.

مودّة ورحمة

وقبل أعوام قليلة، تصدرت قصة المواطن أحمد العزيزي المطيري أحاديث الجميع، والذين أشادوا بموقفه الإنساني تجاه زوجته، بعدما أنهى معاناتها مع مرض الفشل الكلوي الذي تسبب في فقدانهما طفلهما الأول.

وحينها قال المطيري: "تطور المرض بعد ذلك حيث كانت تغسل الكلى 3 مرات أسبوعيًا، ووصل المرض لمراحل متقدمة بصورة أصبحت تهدد حياتها، وأخبرنا الأطباء أن حياة زوجتي في خطر طالما لم نجد من يتبرع لها بكلية"، وواصل: "لم أتحمل فكرة تخيل فقدان زوجتي أو رؤيتها تعاني من ويلات المرض بهذا الشكل، فأجريت الفحوصات والتحاليل اللازمة في أسرع وقت وقمت بالعملية ووهبت كليتي لأم أبنائي".

أسمى معاني الصداقة

وعلى الجانب الآخر، فإن التبرع بالأعضاء لإنقاذ الحياة لم يقتصر على أبناء الأسرة الواحدة، فقد ضرب أبناء المملكة أروع الأمثلة في الفزعة لنجدة أي شخص يحتاج المساعدة.

فمن أجل إنقاذ حياة صديقه، قام المواطن إبراهيم يحيى، بالتبرع بكليته في لافتة إنسانية تُجسد أسمى معاني الصداقة والوفاء والتضحية

وفي وقت سابق، نشر يحيى صورة له بعد إجرائه عملية جراحية للتبرع بالكلى لأحد أصدقائه، على موقع التدوينات القصيرة تويتر، وعلّق عليها بقوله: "ولله الحمد خرجت قبل قليل من غرفة العمليات بعد تبرعي لأخي محمد المصاب بالفشل الكلوي بكلية.. ويعلم ربي كم أنا مغمور بالفرح والسعادة يا جماعة، ويا رب لك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، كما تحب وترضى".

أضاف إبراهيم: "والله العظيم مو المقصد التباهي وطلب ثناء الناس أبدًا لا والله، لكن عندي مقطع صورته قبل وبعد العملية بنزله لما أطلع من التنويم، هدفي أكسر حاجز الخوف من التبرع والعملية، لعل أحد عنده أخ قريب أو صديق مصاب فيشوفه ويشوف مدى سهولة وبساطة كل شيء يخص التبرع والمتبرع".

طفلة لا يعرفها

أما الشاب وليد طليحان القحطاني، والذي يعمل بقطاع طيران الحرس الوطني، فقد كان موقفه مختلفًا، حيث قرر أن يهدي الحياة والصحة لسارة البالغة من العمر 10 سنوات دون أن يعرفها بشكل مسبق، بعد أن تبرع لها بكليته؛ بسبب إصابتها بالفشل الكلوي وهشاشة العظام.

ووقتها، وصف وليد ما حدث قائلًا: "إنها مشاعر إنسانية صادقة لوجه الله تعالى.. وبدأت القصة من عرض قصتها عبر حساب "تويتر" الخاص بالفنان فايز المالكي"، وأضاف "بمجرد أن سمعت القصة وحديث الطفلة ونداءها وهي تطلب من يتكفل بعلاجها أو من يتبرع لها بكليته أحسست أن هذا النداء لي أنا، فلم أتردد في الاتصال بوالدها وأبلغته برغبتي في التبرع لسارة بكلية".

لا نبغي مالًا ولا جاهًا

أما الشاب أحمد آل وزيه فقد ضرب أروع مثال في الإنسانية بتبرعه بجزء من كبده لطفلة لا يعرفها، ومن دون الحصول على أي مقابل مادي.

وكانت الطفلة إيمان الحيطي التي لا يتجاوز عمرها العامين، من تبوك تحتاج إلى من يتبرع لها بجزء من كبده؛ لمعاناتها من مشكلات صحية بكبدها وفي حالة خطرة، وهو ما بادر إليه أحمد ابتغاء مرضاة الله واستجابة لاستغاثة والدها.

وبعد نجاح العملية وإتمام التبرع للطفلة وإنهاء معاناتها مع المرض قال آل وزيه: "والله لا نبغى مالًا ولا جاهًا، هذا شيء بنقدمه يشفع لنا عند الله يوم القيامة يوم لا ينفع مال ولا جاه".

مدرب يتبرع للاعبه

وفي عام 2019، تبرع مدرب نادي "جبة" في حائل، الكابتن فهد الغربي، للاعب يوسف الأسلمي، بإحدى كليتيه، لإنقاذه من الفشل الكلوي الذي كان يهدد مسيرته الكروية.

وحاول المدرب أن يتم تنفيذ الأمر سرًا، إلا أن الخبر تسرب، وأصبحت القصة حديث المغردين في السعودية والوطن العربي، حيث أجرى الأسلمي العملية الجراحية بنجاح، ولم يعرف هوية المتبرع له، سوى وقت إجراء العملية.

ممرض ينقذ رضيعًا

أما الممرض ماجد علي الرويلي، فقد أصر على التبرع بجزء من كبده لطفل رضيع مريض، ليضرب أروع الأمثلة في بطولة فرق التمريض السعودي.

وقال الرويلي إنه كانت لديه الرغبة بالتبرع بعد تجربة سابقة لزميل له تبرع بجزء من كبده لمريض قبل سنوات، والذي أكد له أن الأمر بسيط ولن تصاحبه أي مشكلات صحية وسيكون بمنزله بعد أيام من إجراء الجراحة، وأضاف أن الأمر ظل بباله دون أي خطوة للتنفيذ حتى جاءته رسالة من زوجته بمرض أحد الأطفال وحاجته لمتبرع بجزء من الكبد، فتواصل مع أولياء أمره مباشرة لإتمام الموضوع.

ورفض الممرض ماجد علي الرويلي تقاضي أي مبلغ مالي نظير تبرعه بجزء من كبده للطفل عبدالله بن بندر الذي لم يتجاوز الثمانية أشهر من عمره، مشيرًا إلى أن نقطة ضعفه هي رؤية طفل يتألم، وما قدمه هو عمل إنساني.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org