للعَلَم مكانة نفيسة في قلب كل سعودي وسعودية؛ فهو راية الوطن الخفاقة فوق الهامات، والرمز الوطني الذي يميز بلد الحرمين الشريفين عن غيره من البلاد، وأحد مظاهر الدولة وقوتها وسيادتها، ورمز للتلاحم والائتلاف والوحدة الوطنية.
كما أن هذا العَلم كان شاهدًا على حملات توحيد البلاد التي خاضتها الدولة السعودية، واتخذ منه مواطنو ومواطنات هذا الوطن راية للعز شامخة لا تنكس.
ويتميز العَلم السعودي بلونه الأخضر الذي يرمز إلى السلام إلا أن شيئًا آخر يتفرد به، هو كلمة التوحيد التي تزينه، وخُطت بخط الثلث العربي في منتصفه؛ ليضفي عليها رونقًا ومظهرًا جميلاً.
وفي عهد الملك عبدالعزيز كانت الشهادة تُكتب بخط نجدي بسيط إلا أن بعض التعديلات أُدخلت على العلم في عهد الملك فيصل على يد حافظ وهبة، وباتت كلمة التوحيد مخطوطة بخط الثلث العربي.
يُعد خط الثلث أحد أجمل الخطوط العربية؛ فهو ينبثق من خط النسخ، وظهر للمرة الأولى في القرن الرابع الهجري، وسمي بهذا الاسم لأنه يُكتب بقلم يقط محرفًا بسمك ثلث قطر القلم؛ لأنه يحتاج إلى الكتابة بحرف القلم وسمكه.
وكان العرب يكتبون بخط الطومار. والطومار ورق محدد، حجمه وكبير؛ فيقتضي أن تكون قصبة الخطاط تتناسب مع حجم الورقة. وكان عرض القصبة 18 شعرة من شعر الحصان التركماني، لكنهم وجدوا أن الخط أعرض مما يلزم؛ فاختصروا ثلثه، وأبقوا على 12 شعرة، وسموه خط الثلثين، ثم اختصروا الثلث الثاني إلى 8 شعرات، وسُمي خط الثلث.
وعلى الرغم من كون "الثلث" أحد أصعب الخطوط العربية من حيث القواعد والموازين، إلا أنه يمتاز بالمرونة، ومتانة التركيب، وبراعة التأليف.
وتتنوع أنواعه؛ فمنها: ثلث مفرق، ومشبك، ووسط، ومختزل، ومحبوك، والزخرفي، إضافة إلى المتناظر.. وكلها ألوان من فنون "الثلث".
لا يُعرف على وجه التحديد مَن اخترعه إلا أن بعض المصادر تشير إلى الخطاط الإيراني "ابن مقلة"، وهو أحد أشهر خطاطي العصر العباسي، وأول مَن وضع أسس مكتوبة للخط العربي.
ويشير عدد من المصادر التاريخية إلى أنه أول مَن وضع قواعد لخط الثلث، وتفنن في هندسة الحروف، وإليه تُنسب بداية الطريقة البغدادية في الخط، وأول من كتب مصنفًا في الخط العربي، كما أنه وضع قواعد دقيقة في ابتداء الحروف وانتهائها، وفى علل المدات وأنواع الأحبار، وفى أصناف بري القلم.